قاتَلَ اللهُ المساهمات العقارية إذا كانت ستضيع حقوق مساهمين 38 عاماً.. في بداية الأمر توقعت الموضوع «نكتة» حين وقعت عيناي على خبر لجنة المساهمات العقارية في وزارة التجارة، بعنوان «صرف حقوق مساهمي (البدرية) المتعثرة في محافظة الأحساء منذ 38 عاماً»، بدأت عيناي في الركض بين السطور، وخلفها وأمامي تقفز في الخيال القريب البعيد صورة من الغرابة والتعجب، وأصبت بالدهشة، يا للهول! يا للسخرية! صرف حقوق مساهمين بعد 38 عاماً، أليس ذلك حكماً قاسياً على هؤلاء المساهمين بعد هذا العمر؟ طيلة أربعة عقود تقريباً ظلت أموال الناس معطوبة ومحجوبة، وتعاقبت أجيال بقي من بقي ورحل من رحل، وتزوج الأبناء، وكبر الأحفاد، وضاعت الحقوق طيلة هذه الفترة، وتنوعت أسباب التعثر، منها الطرق المبسطة، والطرق البدائية في ذلك الزمان، وعدم وجود أنظمة وتشريعات تحدد آلية العمل، لحفظ حقوق الناس، كثيرة هي الأسباب التي ضيعت حقوق المساهمين وسرقت أموالهم، ومن أبرزها وفاة مؤسس المساهمة إذ إن الورثة لا يسيرون كما كان يخطط له المؤسس ولديهم الرغبة في عدم إكمالها، أو يقودها أشخاص غير مختصين في المجال التجاري والاستثماري، أو بعض المخاطر والعقبات التي تحول دون نجاح هذا النوع من الاستثمار، أو وقوع كذب واحتيال من القائمين على هذه المساهمات، أو بعض المخالفات النظامية، وبالتالي دخول المساهمة والمساهمين في دوامة التعثر، ويفاجأ المساهمون بأن أموالهم في الباي باي، وفي النهاية لا يعدو الأمر كونه تهاوناً من أصحاب الحق، وغفلة من الجهات المختصة، واستغلال سذاجة مساهمين.