أعربت الأوساط النفطية والاقتصادية والمالية في العديد من دول العالم عن ارتياحها وترحيبها بنتائج اجتماعات الدورة 167 لمجلس وزراء منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك". وتوالت ردود الفعل الإيجابية في العديد من الدوائر الاقتصادية على نتائج الاجتماع الذي قرر احتفاظ المنظمة بسقف الإنتاج نفسه وهو 30 مليون برميل يوميا كما اتسمت الاجتماعات بسهولة وتفاهم بين الدول الأعضاء ما استرعى انتباه العديد من المختصين والمتابعين لنشاط المنظمة الدولية. واعتبر مختصون أن نتائج الاجتماع سيكون لها مردود إيجابي واسع على السوق مع بداية تعاملات الأسبوع الجديد وأكدوا أن الاجتماع أرسل رسالة مهمة للسوق تؤكد الثقة بسياسات المنظمة وتقارب وجهات النظر بين كل المنتجين. وأكد عبد الله البدري الأمين العام لمنظمة "أوبك"، أن الاجتماع الوزاري رقم 167 للمنظمة الذي اختتم أعماله أول أمس يعتبر من أسهل الاجتماعات في تاريخ المنظمة واصفا الأمر بأنه لم يشهد مثله عبر تاريخ المنظمة الذي يمتد إلى 55 عاما. اجتماعات "أوبك" اتسمت بالسهولة والتفاهم بين الدول الأعضاء في المنظمة. «إ ب أ» وقال البدري في تصريحات صحفية إن الاجتماع انتهى مبكرا عن الموعد المحدد له بسبب التفاهم والاتفاق الواسع بين الوزراء الاثني عشر للدول الأعضاء في المنظمة مشيراً إلى أن أجواء الاجتماع اتسمت بالتفاهم الشديد والاتفاق وسهولة العمل. وحول مدى إمكانية استمراره في منصبه كأمين عام للمنظمة خلال الفترة المقبلة، شدد البدري على أن هذا الأمر شخصي ولم يتم بحثه بعد في المنظمة. وأشاد بتجربة مزج النفوط الثقيلة والخفيفة بين منتجي دول منظمة أوبك لإنتاج خام متوسط أكثر نجاحا في الأسواق الدولية مشيرا إلى أن برامج التعاون بين المنتجين متسعة وممتدة. وأشار البدري إلى أن سهولة الاجتماع ترجع في الأساس إلى ثقة الدول الأعضاء بسياسات واستراتيجيات العمل في أوبك وبقدرتها الجيدة على التعامل مع متغيرات السوق وحسن إدارة الأزمات موضحا أن الأجواء كانت مختلفة تماما عن الاجتماع السابق في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي الذي ساده بعض التوتر. من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، الدكتور توماس هالبينج رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في صندوق النقد الدولي، إن اجتماعات أوبك كانت ناجحة وموفقة كما نجحت الندوة الدولية السادسة التي عقدت قبل الاجتماع الوزاري في دعم التقارب بين مختلف دول الإنتاج. وأشار هالبينج إلى أهمية الإسراع في تعافي المؤشرات الاقتصادية للاقتصاد العالمي ككل وعلاج التباطؤ والانكماش والأزمات الاقتصادية ككل وبالتالي سيكون لها مردود إيجابي على سوق الطاقة في العالم وعلى تسارع الطلب ليلحق بالنمو المتسارع في المعروض الذي أضعف السوق في الأشهر الأخيرة من العام الماضي. وأكد هالبينج على استمرار برامج صندوق النقد الدولي في دعم الإصلاحات المالية والاقتصادية في مختلف دول العالم بما يدفع نحو معدلات نمو أسرع مشيرا إلى أن استقرار سوق النفط مهم جدا للاقتصاد العالمي، ولا شك أن الاجتماع الوزاري كشف عن تقلص واضح في الاختلافات بين المنتجين وعن الرغبة في مزيد من التنسيق والتعاون في الفترة المقبلة. وأوضــــح لـ "الاقتصادية"، الدكتور ألدو فلورس كويروجا السكرتير العام لمنتدى الطاقة العالمي، أن لقاءات أوبك كانت مثمرة وناجحة وحظيت برغبة جادة من كل الدول الأعضاء في النهوض بصناعة النفط في العالم وزيادة برامج التعاون المشترك. وأضاف كويروجا أن الندوة الدولية السادسة لمنظمة أوبك التي تعقد كل ثلاثة أعوام ركزت في إحدى جلساتها الرئيسية على قضية استقرار السوق وتم بحث ومناقشة آليات التنسيق والتعاون بين الدول الأعضاء في تنمية واستقرار السوق إلى جانب أهمية وسبل التفاعل الجيد مع الأسواق المالية في العالم والتركيز على تقوية أواصر الحوار بين المنتجين والمستهلكين. وأشار إلى أن إبقاء أوبك على سقف الإنتاج نفسه كان أمراً طبيعيا ومتوقعا في ضوء التطورات التي شهدتها السوق على مدار الأشهر الماضية حيث استعادت الأسعار زخمها وبدأت السوق في التعافي على نحو جيد بعد نمو الطلب وتقلص المعروض. وتقول لـ "الاقتصادية"، ماريا فان دير هوفن المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية، إن الندوة والاجتماع الوزاري سارا على نحو جيد وحققا الأهداف المرجوة ومن المتوقع أن يقدما دعما قويا للسوق في الفترة المقبلة. وأشارت هوفن إلى أن أوبك تبنت الكثير من المبادرات الجيدة لدعم السوق خلال هذه الاجتماعات في مقدمتها ترحيبها بكل أنواع ومصادر الطاقة الجديدة ودعمها واعتبارها تطورا طبيعيا ومطلوبا لمنظومة الطاقة العالمية وذلك عن قناعة بأن مصادر الطاقة تتكامل ولا تتصارع. وأوضحت هوفن أن أوبك أبدت أيضا انفتاحها على كل الدول وترحيبها بأي دولة ترغب في الانضمام إليها سواء كانت من الكيانات الكبيرة مثل روسيا أو إندونيسيا أو أي دولة أخرى، كما أكدت أوبك التزامها بدعم نمو واستقرار السوق. وأشارت إلى أن الاقتصاد الدولي منظومة واحدة ومتكاملة ويجب أن تتعاون وتتكامل كل الدول خاصة في مجال إنتاج الطاقة موضحا أن أوبك ستظل كيانا مهما ومؤثرا وله دور حيوي في مستقبل الطاقة في العالم. وكانت السوق قد شهدت عقب قرار أوبك بتثبيت الإنتاج تذبذباً في أسعار النفط الخام الأمريكي في نطاق ضيق مائل نحو التراجع في رد فعل سريع على قرار منظمة أوبك بالمحافظة على السياسة الإنتاجية لستة أشهر أخرى، وقد تزامن ذلك مع ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي للجلسة الثانية على التوالي وفقاً للعلاقة العكسية بينهما عقب التطورات والبيانات الاقتصادية التي تبعتها عن الاقتصاد الأمريكي والتي أظهرت ارتفاع معدلات البطالة بخلاف التوقعات. وحقق سعر النفط أول مكسب له في ثلاثة أيام أمس الأول حيث ارتفع 2 في المائة على الرغم من المخاوف من تفاقم تخمة المعروض نتيجة قرار منظمة أوبك إبقاء سقف الإنتاج دون تغيير. وفشل صعود الدولار في وقف ارتفاع العقود الآجلة لبرنت والخام الأمريكي في أواخر التعاملات على الرغم من أنه حد من مكاسبها في تعاملات متقلبة في وقت سابق، وعادة ما يؤدي ارتفاع الدولار إلى هبوط أسعار السلع الأولية. ووفقاً لـ "رويترز"، فقد ارتفع سعر مزيج برنت 1.28 دولار أو2.1 في المائة عند التسوية إلى 63.31 دولار للبرميل بعدما هوى في وقت سابق إلى 60.94 دولار أدنى سعر منذ 16 نيسان (أبريل)، لكن الخام لا يزال منخفضا 3.6 في المائة خلال الأسبوع. وقفز الخام الأمريكي 1.13 في المائة أو نحو 2 في المائة عند التسوية إلى 59.13 دولار للبرميل بعدما نزل لأدنى سعر في الجلسة 56.83 دولار وخسر خلال الأسبوع 2 في المائة. وزادت شركات الحفر الباحثة عن النفط الخام في الولايات المتحدة نشاطها في أربعة أحواض رئيسية الأسبوع المنصرم وهو ما يعزز توقعات بزيادة الإمدادات في السوق. وأظهرت بيانات أن الشركات زادت عدد منصات الحفر في حوض برميان في تكساس وثلاثة أحواض رئيسية أخرى في أقوى علامة حتى الآن على أن ارتفاع أسعار النفط يغري المنتجين بالعودة للإنتاج بعد تباطؤ على مدى ستة أشهر في النشاط. غير أن شركة الخدمات النفطية بيكر هيوز قالت إنه على الرغم من ذلك فقد انخفض عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة إجمالا بواقع أربعة حفارات الأ وهذا هو الانخفاض الأسبوعي السادس والعشرين على التوالي لينخفض الإجمالي إلى 642 منصة نفطية وهو أدنى مستوى منذ آب (أغسطس) 2010، وحوّل المنتجون المنصات إلى الأحواض الأكثر إنتاجية في ظل هبوط السعر.