×
محافظة الرياض

معرض (ليالي رمضان في بلادي) يختتم فعالياته

صورة الخبر

.. هذه المضخة تعمل ليل نهار لا تتوقف أبدا، تنقبضُ ولا نعرف من قبضها. هذه المضخة تعمل ليل نهار لا تتوقف أبدا، تنبسط ولا نعرف من بسطها. القلب نصفان، أيسرٌ وأيمن، واقعا تشريحيا أنهما يشتركان في حائط مشترك واحد، حائط أصم لا نافذة به ولا باب. الأيسر منهما هو أقوي هذين القلبين - نعم قلبان، فهما فعلا قلبان متحدان - يضخ الدم القاني الحمرة، كثيرَ الغذاءِ، كثير الأوكسجين عن طريق شريان الجسم الأعظم "الأوُرْطة" إلى الرأس والذراعين أي أعلى الجسم، وإلى الأحشاء والقدمين، أي أوطأ الجسم. بعد أن تتعذى منه أنسجة الجسم جميعا، يعود هذا الدمُ لا إلى القلب الأيسر، بل إلى القلب الأيمن. الدم الآن ليس أحمر قانيا، إنه أحمر داكن وهو جمع في دورته هذه أطيب الغذاء من الأمعاء، وكان لا بد له قبل أن يدور في الجسم مرة أخرى أن يتهوّى، فلا بد أن يصل أولا للرئتين وفيهما يطلق ثاني أكسيد الكربون الذي نشأ من احتراق الأغذية في خلايا الجسم، ومن الرئتين يأخذ حاجته من الأوكسجين، بعد أن استهلك منه ما استهلك، في عملية احتراق الأغذية بالخلايا أيضا. هذه الدورة، أي الذهاب بالدم إلى الرئتين يقوم بها القلب الأيمن. ثم أن هذا الدمَ يعود من الرئتين إلى القلب الأيسر ليعاود ضخه وهو كامل الغذاء كامل الأوكسجين وتخفف من ثاني أوكسيد الكربون عن طريق شريان الجسم العظيم الأورطة للرأس والذاراعين فالأحشاء والرجلين كما وُضِّح آنفا. خذوا أن في هذا القلب الأيسر تتم إجراءات إدارية بالغة الدقة والأناقة والإتيكيت. فمكتبُ الوزير مهما قيل إنه باب مفتوح فالحقيقة أنك يجب أن تمر إجراء اعتياديا تنظيميا من خلال مدير مكتب الوزير أو سكرتيره. صح؟ طيب أنظروا لإجراءات الدم في القلب الأيسر- أو الذي أسميناه أيسر - وهذا القلب الأيسر خزانتان، حزانة عليا صغيرة – حجرة مدير مكتب الوزير أو السكرتير - يدخل فيهما الدم فيتجمّع متأهبا للدخول، وخزانة كبيرة دونها هي بمثابة مكتب الوزير، يدخل إليهما الدم من الخزانة الصغيرة العليا، بعد أن كانت الكبرى السفلى قد فرغت من انقباضها واسترخت لتتسع فيُستقبل الدمُ من الخزانة الصغرى العليا، وعندئذ ينفتح الصمام بينهما ويكون الصمام الآخر الذي منه خرج الدم أي من الخزانة الكبرى إلى الجسم عن طريق الأورطة قد انسد، وإذ تمتلئ الخزانة الكبرى بالدم تعود تنقبض، ومعنى هذا انغلاق الصمام الذي بينها وبين الخزانة الصغرى وانفتاح الصمام الذي بينهما وبين مخرج الدم إلى الجسم. ونسمى الخزانة الصغرى "أذين" ونسمى الخزانة الكبرى "بُطَيْن". يعني لتتضح الصورة أن "الأُذَيْن" هو حجرة مدير المكتب أو السكرتير، و"البطين" هو مكتب الوزير.. معالي الوزير! طيب، لمَ نقول إنهما قلبان ملتصقان؟ ما الحكمة في التصاقهما يفصلهما جدار أصم بلا فتحات أبدا؟ لماذا لم يكونا منفصلين؟ الذي أعرفه، وليساعدني في ذلك متخصصو القلب ومتخصصو وظائف الأعضاء، بالتصحيح أو التأكيد، إنها مسألة اقتصاد.. فقط. فهما التصقا لينبضا معا بقبضة واحدة لا قبضتين، وينبسطا معا لا بسطتين في وقت واحد. وهنا تجد التناسق العجيب والتوقيت الأعجب. وانقباضة وانبساطة القلب جُملةً تجري كلها في ثانية، وتكوّنُ جميعها ماذا؟ تكوِّنُ أكبر لفظة عاطفية منذ التاريخ.. دقة قلب! هل في القلب شعور؟ مبحث أتركه لوقت آخر. إنها الوحدة في تصميم القلوب ودورات الدماء لا تعني عند كل ذي عقل إلا شيئا واحدا: أن المصممّ واحد.