نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية محاضرة بعنوان خطورة الصراعات الطائفية وسبل مواجهتها ألقاها محمد علي الحسيني الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان بحضور جمع من السياسيين والدبلوماسيين والإعلاميين والنخب الفكرية والاجتماعية وذلك في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مقر المركز بأبوظبي. وأتت مبادرة مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية لعقد هذه المحاضرة في وقت طغت فيه المذهبيات الضيقة والنزعات الطائفية على كثير من الدول والمجتمعات العربية والإسلامية بدلا من ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة التي تدعو دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تمتينها بوصفها الطريق الأقصر لحماية البلدان العربية من الفتنة الطائفية والصراعات الدينية والحروب الأهلية والانقسامات السياسية والاجتماعية. وأكد محمد علي الحسيني في محاضرته أن الدين لا يمكن أن يستخدم لغايات سياسية إلا بتحريفه، مشيراً إلى أن الكلام عن إسلام شيعي وإسلام سني غير صحيح فهما مذهبان فرقتهما السياسة، وأشاد المحاضر بنموذج دولة الإمارات العربية المتحدة الذي يجسد مبادئ الإسلام الوسطي المعتدل الداعي إلى التسامح والتعايش بعيدا عن التطرف والتعصب، داعيا إلى تعميم هذا النموذج كخير وسيلة لمواجهة الطائفية والتشدد الديني في المنطقة. مواقف فكرية وركز محمد علي الحسيني المعروف بمواقفه الفكرية والسياسية المنفتحة على المخاطر الجسيمة التي تحدثها النزعات الطائفية في بنيان المجتمعات ما يسرع تآكلها من الداخل وتفككها وتحولها إلى دول فاشلة تنهشها الحروب والانقسامات التي تضيع مواردها ومكانتها. ونبه المحاضر إلى وجود مخطط للفتنة داخل الإسلام بهدف تفجيره من الداخل وإن كان ثمة خلاف على الجهة التي وضعت وباشرت تنفيذ هذا المخطط إذ يرده بعضهم بحسب الحسيني إلى دول عظمى غير إسلامية وبعضهم الآخر يرى أن إحدى الدول الإسلامية تستخدم الانقسام المذهبي وسيلة لفرض سيطرتها على الإقليم الذي يشكل امتدادها. وفي هذا الإطار رأى أن هناك ما يمكن تسميته إسلام داخل الإسلام بمعنى أن الجهة أو الجهات التي تثير الانقسام داخل الدين الإسلامي الحنيف تمتلك منظومة كاملة من التفاسير الخاصة بها للقرآن الكريم ومعها كمية هائلة من التأويلات للحديث النبوي الشريف وتستند إلى كل هذا من أجل الترويج لـإسلامها المختلف عن الدين الحقيقي وبعد تحقيق الغاية من مخطط الفتنة يبدأ العمل على الحروب الطائفية والمذهبية، وقال إن من يمثل ذلك اليوم في المذهب السني تنظيم داعش وولاية الفقيه في المذهب الشيعي فكلاهما يبحث في رأيه عن خلافة وإمامة مزعومتين تسوغان الإكراه باسم الدين. اختراع وناقش الحسيني في محاضرته مسألة جوهرية وهي أنه إذا كان اختراع إسلام أو إسلامات خاصة لكل جهة هو الوسيلة الأخطر لإشعال حرب بين المذاهب والطوائف فإن سبيل المواجهة ينبغي أن تبدأ بالعودة إلى الإسلام الموحد وهذا في رأيه غير متوافر لأسباب تاريخية معقدة ومتشابكة ومن أجل إعادة إحيائه ينبغي العمل على التقريب والجمع بين المذاهب الإسلامية. وتطرق المحاضر إلى حلول للصراعات الطائفية في المنطقة العربية والعالم الإسلامي وسبل مواجهتها ومنها حل معاصر يمكن استخلاصه من الدول الحديثة أي بقيام دولة مدنية ضمن الإطار الديني بمعنى ألا تعلن مذهبا معينا كدين رسمي للدولة وهي إذ تشبه الدولة العلمانية من هذه الناحية فإنها تختلف عنها بانتمائها العام إلى الشريعة الإسلامية من ناحية ثانية. نقاش دار في ختام المحاضرة نقاش بين المحاضر والحضور الذين امتلأت بهم قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مقر المركز حيث تم التركيز على أهمية إعادة كتابة التاريخ والابتعاد عما يحتويه من أحداث سلبية وكل ذلك في إطار الحوار الجامع والتعايش المشترك والتوجه للمستقبل، وأكد الحضور أهمية الأخلاق والقيم والتزام القانون كعناصر مشتركة بين الناس تحت مظلة المواطنة الجامعة والحقوق المتساوية.