في سبتمبر من العام الماضي تمدد النفوذ الحوثي في اليمن وابتلع مسلحو الجماعة، الشرعية في البلاد بعد سيطرتهم على جميع مؤسسات الدولة. وبعد ذلك، دخل اليمنيون في حوارات برعاية دولية في العاصمة صنعاء حاول خلالها المبعوث الدولي السابق إلى اليمن جمال بن عمر إيجاد مقاربة تضمن خروجا من الأزمة وتؤسس لمسار سياسي جديد. حينها كانت الأرضية التي تنطلق منها جهود بنعمر تعتمد المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني أضافة لاتفاق السلم والشراكة الموقع مع الحوثيين كمرجعيات أساسية للتفاوض. لكن تصريحات بعض المسؤولين الخليجيين وتغريدات آخرين أظهرت استياءا غير مفصح عنه من الطريقة التي يدير بها بنعمر الملف خصوصا عندما يتعلق الأمر بتمسكه الشديد باتفاق السلم والشراكة كأحد مراجعه التفاوضية. وقد تنقل الرجل بين الرياض ودول أخرى محاولا إنقاذ ما يقرب من أربع سنوات من العمل على الملف والابتعاد عن الفشل لكنه لم ينجح، في التوفيق بين مواقف إقليمية ودولية بشأن اليمن التي تبدو في الظاهر فقط أنه متقاربه. وعقب ذلك وبخبرة في العمل الإنساني في مواقع عدة حول العالم من بينها اليمن، أمسك الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد بالملف الأهم والأكثر تعقيدا في المنطقة. لكن المسارات التي يتحرك فيها المبعوث الجديد حتى اللحظة لا تختلف كثيرا، لأن في الحالة اليمنية -كما يرى كثير من المراقبين- قد يجد أي مبعوث دولي نفسه أشبه بساعي البريد فالوجهة عادة محددة و ما بداخل الحقيبة ليس بالضرورة أن يعبر عن فكره ورؤيته هو فقط للحل. وبحسب خبراء فإن الثابت في الحالة اليمنية هو أن النجاح في الوصول إلى الحل النهائي والدائم يمر عبر البوابتين السعودية والإيرانية، وبالتالي فالوصول إلى إحدى تلك البوابتين أو كليهما لن يكون قبل قراءة النص النهائي والموقع عليه للاتفاق بين إيران والدول الكبرى حول برنامجها النووي. فمكاسب الولايات المتحدة سيقابلها ثمن واجب الدفع قد يكون في سوريا أو العراق أو اليمن، حينها سيحدد الخليج ودول المنطقة مواقف أكثر وضوحا تجاه أزمات منطقتهم قد لا يتنظرون فيها مباركة من أحد. فالنفط الذي يغذي العلاقة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط يبدو أنه لن يكون جزءا من المعادلة التي كتبتها الدول الكبرى والتي تحدد مستوى تخصيب يورانيوم إيران.