×
محافظة المدينة المنورة

بعد تمديد فترة «التقديم»... مخاوف كبيرة تسود الباحثين عن الوظائف التعليمية

صورة الخبر

باتت المواطنة والوطنية، من أكثر الألفاظ تداولا بين جمهرة المثقفين والعامة من الناس، بل أصبحت حديث كل السياسيين في مختلف أنحاء منطقتنا العربية على وجه الخصوص. وفي تصوري فإن أكثر مفهوم ملتبس في ثقافتنا العربية هو مفهوم المواطنة، التي تم تعريف مضمونها ومحتواها ومحدداتها ومآلاتها وفق رؤية شخصية، أو منظور ديني، ووفق رؤية سياسية محددة في عديد من عواصمنا العربية للأسف الشديد. على أن كل ذلك لم يسهم في توضيح المعنى الطبيعي للمواطنة وفق ما يجب أن يكون، باعتبارها حقا مشروعا لكل إنسان يعيش على هذه الأرض. اشتق مصطلح المواطنة من لفظة الوطن، الذي يعني المكان الذي وُلد فيه المرء واختاره سكنًا له، وبالتالي أصبح منتميًا لترابه، لأهله، لكل الأماكن فيه، تكوّنت ذكرياته في مختلف جنباته، هناك ابتسم وفرح، وهنا بكى وتألّم، هناك أنجز وتقدّم، وهنا أخفق وقرّر أن يكون ذلك آخر عهد له بأي فشل. هكذا هو الوطن، ليس كله سرور، كما أنه ليس مكانًا للحزن، لكنه في نهاية المطاف، المكان الذي نأوي إليه، آمنين مطمئنين، لنغمض أعيننا وكلنا أمل بأن يكون غدنا أفضل، وأن نتمكن أفراد ومجموعات من حل كل الصعاب، وإنهاء كل العوائق التي تمنع إتمام أي نجاح نريده. من هنا تنبع المواطنة، التي تقتضي أن نكون بالرغم من فرحنا وحزننا، نجاحنا وفشلنا، أمينين على أنفسنا بالدرجة الرئيسة، صادقين مع ذواتنا، ومع من نعيش معهم، أولئك الذين قاسمونا أفراحنا وأحزاننا، فشلنا ونجاحاتنا، وليس بالضرورة أن يكونوا نسخة منّا، وأن نكون شبيهين بهم، فلكُل طباعه ونمط تفكيره وذائقته الخاصة. الوطن كالأسرة، تجد فيها الفتى الطويل وعكسه، العابس المتشائم وضده، لكنهم في النهاية أسرة واحدة، تعيش همًّا رئيسًا واحدًا، بغض النظر عن اختلاف الميول والأفكار، وتنوع السحنة والأمزجة. هكذا هو الوطن، وبذلك تكون المواطنة، التي لا يفترض معها أن نكون نسخًا كربونية من بعضنا، وليس حتما أن نكون على رأي مذهبي واحد، أو حتى سياسي واحد، فاختلاف الآراء على الصعيد الفكري المذهبي والاقتصادي وحتى السياسي، لا يعني أننا متضادون غير موالين لأرضنا وأهلها التي وُلدنا وعشنا وتربّينا بها. إننا حين نصل إلى حتمية الإيمان بخاصية التنوّع، الذي جعله الله سمة كونية، وقرّره في كثير من آياته ومن ذلك قوله تعالى: (لكل جعلنا شرعة ومنهاجا)، وهم جميعا أنبياؤه، حين نستوعب ذلك، سنعيش وطننا بكل جماله، دون تخوين أو تبديع وتفسيق. zash113@gmail.com