×
محافظة حائل

خيرية القاعد بحائل تنفذ عدداً من المشاريع الخيرية

صورة الخبر

مهرجان الأيام الثلاثة للموسيقى الراقصة الإلكتروني في «أرض الغد» أو «تومورو لاند» بـ 180 ألف زائر، أين هو؟ وكيف بدأ؟ في قرية هامشية تدعى «بووم» ببلجيكا، حين قرر أحد الملاك استثمار مساحة أرضه الشاسعة فيها بتقسيمها إلى أماكن مخصصة لعدد من الـ «دي جي»، أو المشتغلين بعالم الموسيقى والمسؤولين عن تركيب الأغاني ومزجها، ليستمع إليها الجمهور عبر مكبرات الصوت العالية، ثم تقسيم أماكن أخرى للنوم تتنوع بين الخيمة والفيلا، تُحجز مسبقاً بحسب الطلب. وبدأ المهرجان عام 2005 بعشرة آلاف زائر، ليتضخم الرقم بالتدريج، إلى أن باتت 35 دقيقة كفيلة ببيع التذاكر ونفادها عند عرضها في شهر أبريل على الإنترنت، غير 200 ألف آخرين في قائمة الانتظار، ومليونين غيرهم حلمهم حضور المهرجان، بسعر للتذكرة الواحدة يراوح بين 40 و 200 باوند (جنيه إسترليني) وعليك الحساب. أمّا أيام المهرجان الثلاثة فتستقطع من شهر يوليو، في توقيت مثالي واستثماري وينعش من رتابة الصيف. ومن أجل الدعاية والتعريف بالمهرجان، حرص المالك على التعاقد مع كبرى الشركات لتصوير أهم ملامح الاحتفالات وعرضها لاحقاً على «يوتيوب»، غير الاتفاق مع شركات الطيران والرعاة الرسميين للاشتراك بفطيرة المهرجان. وقد تقرأ الخبر فتستغرب إقبال الناس وتكلّفهم عناء الرحلة لثلاثة أيام للاستماع إلى موسيقى كان بالإمكان اختصارها في «سي دي» السيارة. حسناً، قد يكون معك بعض الحق وليس كله، فأنت لم تشهد عنصر الإبهار الذي روعي مع أدق التفاصيل، وكيف اجتمعت الـ20 منصة بالـ«دي جي» والآلات والديكور المدهش لكل تجمّع على حدة، غير شخصيات الحكايات الخيالية التي تستقبلك وتتعامل معها طوال الوقت، غير المأكولات التي روعي فيها اختلاف الجنسيات، غير الخيم المجهزة كاختيار مبتكر نصبت لمن يفضلها للإقامة، وغير وغير... وكلها استعدادات ساهمت في إلقاء الضوء على بلجيكا في خريطة السياحة الأوروبية، بعد أن كان الناس يغفلونها ولا يكترثون لزيارتها، فلا يتمتّع الجميع بهوس ملاحقة الألماس والأحجار الكريمة التي اشتهرت بها بلجيكا. ولكنها الآن، وبمهرجان موسيقاها الراقص الإلكتروني، وفرت للناس أكثر من مبرر للسفر إليها، وصرف الوقت والمال فيها. في الأصل هي فكرة بسيطة (حتى أن مسماها تقليدي جداً) مثل معظم الأفكار السياحية الاستثمارية، التي تبدأ جنيناً وتستمر حتى تنمو وتتعملق وتصبح ركيزة من مصادر الدخل القومي. ولكن أفكارهم إذا تطورت وصارت مشاريع استثمارية لا تتدهور أحوالها وتسوء خدماتها مع مرور الزمن، ولكن يزيدها الوقت تألقاً وخبرة، فها هي مدن ديزني الترفيهية المنتشرة عالمياً، هل تفككت صواميل عرباتها؟ هل تسمم الناس في مطاعمها؟ هل سُرقت المتعلقات من زوارها؟ هل غُبن من اشترى تذاكرها؟ لا شيء من هذا ولا أدنى منه، ذلك أن الإدارات الواعية للمشاريع الربحية لا يعنيها سوى ارتفاع معدلات الإقبال بكل ما يعنيه من الإنصات جيداً لشكاوى الزائرين، ومراعاة الحلول العاجلة والجذرية للمشكلات والمستجدات الطارئة. لا تنقصنا الأفكار، ولا يعيينا التمويل، ولكنهما الإدارة والمتابعة، إذ نعاني من خلل مزمن في سير عملياتهما، وقبل الإدارة والمتابعة يأتي الهدف الذي نطمح إلى تحقيقه والخطوات المدروسة للمراحل، ثم مناقشة الإنجازات على أرض الواقع، وقبل الإدارة والمتابعة والهدف يأتي الضمان، وتحديد صلاحية الجهات المعنية باستتباب الأمن والتنظيم، فلا تتداخل الصلاحيات أو تتضارب، ولا قوانين فوق القوانين. فإذا نجحت مدينتا أبوظبي ودبي في الأفكار البسيطة التي تحولت هويةً عصرية، ورزقاً دائراً، وحراكاً اجتماعياً، وظلت بقية الإمارات محافظة على هويتها القديمة مع شيء من التجديد، فمعناه أنه ليس من الضروري أن تتوحد القرى والضواحي والمساحات بالطابع والشكل والمضمون وكأنها نُسَخٌ بعضها من بعض، فإذا أمكن تشجيع السياحة هنا، وتعذّر تشجيعها هناك، فلِمَ وهذه الحال مصرّون ومصممون على أن ما في المدينة الفلانية يجب ولازم ولا بد من أن يكون في المدينة العلانية، بلا مراعاة لأي فروق وامتيازات بشرية أو طبيعية؟ وفي النهاية تراها فكرة بسيطة، ولكنها «عيّشت» بيوتاً وأسعدت ملايين. فماذا عن مهرجان الجنادرية الشعبي؟ هل ستباع تذاكره يوماً على الإنترنت، ويضع الرياض على خريطة السياحة العالمية لأسبوعين سنوياً؟ suraya@alhayat.com