الفوائد المتحققة من الهجرة العكسية نحو المدن الأقل كثافة سكانية لا تحتاج إلى دراسات أو بيانات.. ومع هذا توقفت أمام بيانات رقمية نشرتها صحيفة الرياض تتعلق بالتضخم بين المدن السعودية، تكشف أن الهجرة العكسية من المدن الكبيرة لذوي الدخل الثابت تؤدي إلى زيادة الدخل الحقيقي بنسبة تتجاوز 15%، يضاف إلى ذلك ارتفاع مستوى الرفاه وجودة الحياة! نستطيع تبسيط المسألة كالتالي: الانتقال من مدينة الرياض إلى جدة يخفض تكاليف المعيشة بنسبة 8.5%، والانتقال من الرياض إلى عرعر يخفض تكاليف المعيشة بنسبة 13.5%! أي أن انتقال المواطن نحو الرياض يرفع تكلفة المعيشة ويخفض مستوى الرفاهية ويقلل من جودة الحياة.. وهو ما يضع مقولة: "آه ما أرق الرياض تالي الليل" في مهب الريح! يوم أمس، نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" خبرا مبهجا يصب في الاتجاه ذاته يكشف أن هيئة المدن الصناعية تسلمت مجموعة من الأراضي الصناعية المطورة في المحافظات، حيث سيكون أمام المستثمرين فرصة الاستفادة من هذه الأراضي، عبر إقامة مصانع جديد، إضافة إلى أن الحكومة باتت تقدم قروضا صناعية للمستثمرين السعوديين الراغبين بتشييد مصانعهم في المحافظات، بنسبة أكبر من تمويل المستثمرين في المدن الرئيسية! هذه خطوات عملية، للحد من الهجرة نحو المدن الكبيرة التي بلغت مداها خلال الثلاثين سنة الماضية.. خطوات استراتيجية ستظهر تأثيراتها الإيجابية بعد سنوات قليلة.. هذا الأمر إضافة إلى أنه يسهم في ترسيخ مفهوم العدالة التنموية في محافظات بلادنا، ويسهم في توزيع فرص التنمية في جميع الاتجاهات، سيكون له انعكاسات مثمرة، أمنية، وصحية واقتصادية واجتماعية وغيرها.. المهم أن يكون هناك توجه حكومي جاد في هذا الاتجاه، ولا يرتهن الأمر لحماس مسؤول أو وزير، ويزول بذهابه أو تقاعده!