احتفظ الشعر النبطي بخصوصية تجلت على ألسنة رواته وفي صدورهم، وقد وجدت بعض الصفحات الشعرية القديمة التي دونها بعض الشعراء النبطيين في زمن اعتمد أهله على الذاكرة الشفوية في تناقل أشعارهم وحفظها، إذ كانت القصائد تحفظ في ذاكرة الشاعر وأقربائه وأصدقائه، فكان حفظ الشعر وتناقله شفهيًا معتمدًا أكثر من كتابته، ونال الشعراء النبطيون مكانة اجتماعية مرموقة في مجتمعاتهم التقليدية. حظي الأدب الشعبي بشكل عام والشعر بشكل خاص، باهتمام القادة والمسؤولين في الإمارات منذ تأسيس الاتحاد وقيام الدولة، فعلى امتداد عقود من الزمن ومع بداية الاتحاد عام 1971. شهد الشعر الشعبي تطوراً كبيراً بفضل الرعاية التي أولاها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان للشعر والشعراء في الإمارات، حيث أقيمت المؤسسات والمراكز الثقافية التي اعتنت بالشعر وطبعت العديد من الأعمال وخاصة دواوين رواد الشعر الإماراتي، بقصد توثيق ودعم الحركة الشعرية في الإمارات، وتقديراً وعرفاناً بما قدمه الشعر في تسجيل مجمل الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الإمارات، وإبراز المكانة الإبداعية والأدبية لهؤلاء الشعراء الذين حافظوا على خصوصية المجتمع الإماراتي وهويته الوطنية. وتم تأسيس مجالس خاصة للشعراء الشعبيين في كل الإمارات، الأمر الذي أسهم وساعد على قيام المجالس باحتضان أعداد كبيرة من الشعراء ودفعهم نحو الإبداع والعطاء الشعري، إضافة إلى قيام الإذاعة والتلفزيون بتخصيص عدد كبير من البرامج لتكون منافذ إعلامية يقدمون من خلالها إنتاجهم الإبداعي. شهدت الحركة الشعرية منذ بداية السبعينات زخما ثقافيا كبيرا، تمثل في إقامة العديد من الفعاليات والبرامج المميزة كما ونوعا والتي أسهمت في إثراء المشهد الثقافي داخل الدولة، كما تمت الاستفادة من الرواة في تسجيل تاريخ وأشعار شعراء الإمارات، بداية من رائد الشعر الشعبي الإماراتي الماجدي بن ظاهر، وحتى جيل الرواد في الأربعينات والخمسينات وأبرزهم الجمري والخضر وماجد بن علي النعيمي وغيرهم. واحتل الشعر الشعبي مكانة خاصة ورفيعة في نفوس أبناء الإمارات، وعبروا من خلاله عن آمالهم ومعاناتهم وطموحاتهم، وسجلوا أحداث ومسيرة حياتهم اليومية، بالإضافة إلى ذلك شكلت البيئة الإماراتية ومعطياتها حافزاً كبيراً حيث تم تشجيع أفراد المجتمع على نظم الشعر النبطي، حتى وإن لم يكونوا على معرفة بالقراءة والكتابة. ويعتبر كتاب تراثنا من الشعر الشعبي للشاعر حمد أبو شهاب من أهم المصادر على الإطلاق حيث جمع فيه مئات القصائد لشعراء قدامى ومعاصرين، وأصدره عن مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر عام 1987. وأكد أهمية هذا الكتاب ومحتواه، مؤسس دولة الإمارات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد في كلمته في مقدمة الكتاب: لا شك أن تراثنا من الشعر الشعبي هو أحد ينابيع هذه الحضارة التي تألقت فوق أرضنا وجداناً عربياً إسلامياً يفعم بالحياة والحب والجمال والمثل والقيم، إن هذا التراث الغالي ليس بدعا ابتدعناه ولكنه مفاخر ومآثر خلفها لنا الآباء والأجداد، وأبدعوها من نبضات الأرواح.