اشتكى عددٌ من مرضى الأسنان من غلاء تكلفة العلاج وارتفاع الأسعار من طبيب إلى آخر، لاسيما أن شركات التأمين لا تغطي هذه الخدمة تحديداً باعتبارها إضافية على البطاقة، وعلى الرغم من حصول المواطنين على تأمين شامل يغطي تكلفة خدمات طب الأسنان في المستشفيات الحكومية فإنهم يتوجهون إلى القطاع الخاص مع علمهم بتحمل دفع 50٪ من القيمة الإجمالية في حال تلقيهم للعلاج في المستشفيات أو العيادات الخاصة وذلك هروباً من المواعيد الطويلة والانتظار في المراكز الحكومية، إذ لا يستطيعون الحصول على موعد قبل عدّة أشهر وربما بعد سنة، فيكون دفع المال أهون عليهم من الانتظار الطويل. أكد عددٌ من أطباء الأسنان أن ارتفاع أسعار المواد المستخدمة في العلاج بنسبة 30% أدى إلى زيادة التكلفة على المريض. وأضافوا أن المستشفيات والعيادات الخاصة والحكومية في أبوظبي طبقت نظام التأمين الأمريكي، وفيه يستفيد المريض أكثر من الطبيب، حيث تقل عائدات الأطباء المادية لكن لم يطبق إلا في الشهر الأول من العام وتم استبداله والرجوع إلى نظام التأمين الكندي، نزولاً عند رغبة من وجد من الأطباء أن مصلحته المادية أهم من مصلحة المريض وصحته. الخليج رصدت شكاوى عدد من مرضى الأسنان من الأسعار المبالغ فيها في بعض عيادات ومستشفيات أبوظبي، إضافة إلى معاناتهم الازدحام والانتظار الطويل إلى حين حصولهم على موعد. يفضّل إبراهيم المهيري موظف العلاج في القطاع الخاص بسبب معاناة الزحمة والمواعيد أيضاً مع أنه لا يثق كثيراً بأمور النظافة والتعقيم بالمقارنة مع الاهتمام بهذين الجانبين في القطاع الحكومي على أعلى المستويات كما يقول. ولا ينكر وجود مجموعة من الأطباء أصحاب الخبرة في القطاع الخاص، مع تأكيده كفاءة الأطباء في القطاع الحكومي وجودة الخدمات المقدمة، لكنه يشكو من أن عدداً كبيراً من أطباء الخاص يبالغون كثيراً في أجورهم بذريعة خبرتهم. ويضيف أن خبرة الطبيب مهمة في أي مكان لتلافي حدوث أية مشكلة أو خطأ طبي قد يودي بحياة المريض، ما يحتم على المريض عدم الذهاب إلى أي طبيب إلا إذا كان واثقاً من كفاءته، مع أن الخطأ الطبي وارد في جميع دول العالم لكن لا يحصل المريض على التعويض الذي يستحقه في كل الدول. سلة المهملات وانتقل عبد الله محمد عوض من العلاج في المستشفيات الحكومية إلى عيادة خاصة هرباً من لائحة الانتظار الطويلة جداً هناك، على الرغم من جودة الخدمات المقدمة وكفاءة الأطباء، إذ كان بحاجة لتركيب تقويم لأسنانه لكن موعده تحدد بعد ستة أشهر ولم يكن بإمكانه انتظار هذه المدة الطويلة. توجه إلى طبيب خاص وحصل على التقويم كما أراد، لكنه ضاق ذرعاً بكثرة الجلسات التي يحددها له، وبحجم الأموال التي يسحبها منه في كل جلسة، فما كان منه إلا أن نزع التقويم الذي كلّفه آلاف الدراهم ورمى به إلى سلة القمامة، وقطع على نفسه وعداً بعدم الذهاب إلى طبيب أسنان مهما كان السبب. الفاتورة من حقنا ويرى صالح عبد الله المصعبي ضرورة إيجاد حل لغلاء تكلفة علاج الأسنان، وفرض رقابة على الأسعار ووضع تسعيرة محددة ومتابعة تطبيقها كي لا تتحول مهنة الطب الإنسانية إلى تجارة بسبب جشع بعض الأطباء، ويقول: كثيراً ما يذهب المريض وهو يشكو ألماً في مكان محدد فيزعم الطبيب أن لديه مشاكل عدّة معظمها لا وجود لها في الحقيقة والهدف من ذلك تحقيق الربح المادي فقط. ويشير إلى أن تكلفة العلاج مرتفعة جداً في القطاع الخاص، والمواطن يضطر لدفع 05% من إجمالي أتعاب الطبيب لأن بطاقة التأمين الصحي لا تغطي إلا نصف قيمة العلاج في القطاع الخاص، لذلك يرفع الأطباء هناك الأسعار بغرض الاستفادة المادية قدر الإمكان، وقد يدفع المريض ألفي درهم مقابل خلع ضرس فقط في حين تبلغ التكلفة كاملة 4 آلاف درهم، وهو مبلغ كبير رغم أن شركة التأمين تتحمل نصفه، ولا تستحق هذه الخدمة دفع مثل هذا المبلغ. ويضيف أن أحد أصدقائه سافر إلى الأردن لكثرة معاناته مع أطباء الأسنان في أبوظبي، وحصل هناك على علاج ممتاز وبجودة عالية وبتكلفة أقل ما كان سيتحملها لو تلقى العلاج عند أحد الأطباء في الإمارة. ويطالب صالح المسؤولين بإلزام الأطباء بصرف فاتورة للمريض تحمي حقوقه كي لا يتعرض للسرقة أو يضطر لدفع مبالغ خيالية لقاء خدمات لا تستحق المبلغ المدفوع بحجة الكفاءة وغلاء المواد الأجنبية المستوردة لعلاج المرضى. المبالغة في الأسعار كما ينتقد هشام محمد موظف غلاء تكلفة علاج الأسنان في أبوظبي مقارنة بدول أخرى، وعدم شمولها في بطاقة التأمين، ويبدي عدم استعداده لدفع ما يتراوح بين 2500 إلى 3000 درهم لاستصدار بطاقة ضمان لعلاج أسنانه، ويقول إنه رب أسرة تتكون من 4 أفراد فإذا أراد عمل ضمان لعلاج الأسنان فقط لأسرته سيكلفه ذلك ما يزيد على عشرة آلاف درهم وهو بغنى عن دفع هذا المبلغ. وترى فوزية محمد الحسن ربة منزل أن غلاء علاج الأسنان ليس مشكلة محلية فقط، إذ إن هناك دولاً تفوق تكلفة العلاج فيها أسعار العيادات التخصصية والمستشفيات في أبوظبي، مثل أمريكا ودول أوروبا. وتشير إلى أن العلاج حتى في موطنها الأصلي يكلف ضعف التكلفة في الإمارات، وتشكو من أن التأمين لا يغطي هذه النفقات تحديداً، وإن كان لدى المريض بطاقة تشمل ذلك، فإنها تغطي فقط أموراً بسيطة مثل الحشوة أو الخلع العادي، وتقول إن تنظيف الأسنان كان مجانياً قبل خمس أو ست سنوات، بينما أصبح يتعين على المريض دفع ما لا يقل عن 250 درهماً لقاء هذه الخدمة البسيطة. وتحدثت عن وجود عيادات يعمل بها أطباء من شرق آسيا، أسعارها رخيصة ومقبولة بالنسبة لذوي الدخل المحدود لكن الذهاب إليها يعدّ مغامرةً لا تحمد عقباها مستقبلاً. وتضيف أن إحدى قريباتها دفعت ما يزيد على 9 آلاف درهم لعلاج أسنانها في إحدى العيادات لكن مشاكلها تفاقمت أكثر فيما بعد وكانت قررت رفع دعوى على الطبيب المعالج إلا أن مصاريف الدعوى وأتعاب المحامي كانا أمران كفيلان بعدولها عن قرارها. العلاج في بلادها وتجد ندى عدنان معلمة أن علاج الأسنان في أبوظبي مشكلةً كبيرة لأن الأسعار مبالغ فيها، إذ إن على المريض إذا ما قرر الذهاب إلى طبيب أسنان سواء في عيادة تخصصية أو مستشفى، أن يأخذ بحسبانه دفع آلاف الدراهم لأنه قد يذهب لعلاج مشكلة بسيطة فإذا به فتح على نفسه باباً يصعب إغلاقه. وتقول إنها لذلك مستعدة لتحمل ألم أسنانها سنة كاملة إلى أن يحين موعد إجازتها الصيفية والسفر إلى بلدها للفارق الشاسع في تكلفة علاج الأسنان هناك مقارنة بالإمارات. وتشكو إيمان رمضان موظفة من الأسعار الباهظة لتقويم الأسنان. أما سمير نيشيكات ترايل صاحب استوديو تصوير، فيقول إنه رب أسرة مكونة من خمسة أفراد، وكل منهم يحمل بطاقة ضمان ذات فئة ال 006 درهم، والتي لا تغطي علاج الأسنان الذي يشكل عبئاً كبيراً على ميزانيته ويدعو الله أن يبعد شبحه عنه وعن أسرته كي لا يضطر إلى تحمل ما لا طاقة له به من مصاريف العلاج، خاصةً أنه من أسبوع واحد لم يجد مفراً من أخذ طفله إلى عيادة الأسنان نظراً للألم الذي كان يشعر به، فدفع له في غضون دقائق فقط 004 درهم. وتقول سهام الجشي ربة منزل إن ابنها توجه إلى إحدى العيادات خارج أبوظبي لأن تكلفة العلاج فيها أقل من عيادات ومستشفيات الإمارة رغم أن الطبيب هناك صاحب خبرة كبيرة ويقدم لمرضاه خدمة ذات جودة عالية. الأطباء يشتكون التقت الخليج بعدد من أطباء الأسنان للوقوف على أسباب ارتفاع تكلفة علاج الأسنان في أبوظبي، حيث يرجع الدكتور راشد قاسم الأسباب إلى عدة عوامل منها: ارتفاع الإيجارات بالنسبة لأطباء العيادات الخاصة، وغلاء المواد التي تدخل في العلاج، وقال إن مستوى المعيشة في الإمارات يلعب دوراً مهماً بهذا الخصوص، حيث يستدعي ذلك ارتفاعاً في أسعار قطاعات مختلفة ونواح متعددة لا يستطيع أصحاب الدخل المحدود مجابهتها أو التماشي معها، فتشكل عبئاً كبيراً عليهم إلى جانب همومهم الحياتية الأخرى. وأضاف أن مدة العلاج وطبيعته يسهمان في زيادة التكلفة على المريض، إذ تختلف فاتورة عملية جراحية عن أخرى لخلع ضرس العقل مثلاً تبعاً للمدة التي تستغرقها ومدى صعوبة الحالة. أما بالنسبة للتأمين، فيقول الدكتور قاسم إن نسبة كبيرة من المرضى لا يغطي تأمينهم تكلفة العلاج، بينما يغطي تأمين آخرين العلاج البسيط فقط والأقل تكلفةً كالحشوة، وهي أمور يحددها الأطباء العاملين في شركات التأمين. اشتكى عددٌ من مرضى الأسنان من غلاء تكلفة العلاج وارتفاع الأسعار من طبيب إلى آخر، لاسيما أن شركات التأمين لا تغطي هذه الخدمة تحديداً باعتبارها إضافية على البطاقة، وعلى الرغم من حصول المواطنين على تأمين شامل يغطي تكلفة خدمات طب الأسنان في المستشفيات الحكومية فإنهم يتوجهون إلى القطاع الخاص مع علمهم بتحمل دفع 50٪ من القيمة الإجمالية في حال تلقيهم للعلاج في المستشفيات أو العيادات الخاصة وذلك هروباً من المواعيد الطويلة والانتظار في المراكز الحكومية، إذ لا يستطيعون الحصول على موعد قبل عدّة أشهر وربما بعد سنة، فيكون دفع المال أهون عليهم من الانتظار الطويل. معاناة الصيدلاني أما حسين محمد الحداد صيدلاني فيقول إنه يعايش معاناة كثيرين من مرضى الأسنان وفقاً لطبيعة عمله، إذ يدخل المريض ليشتري الدواء المدون في الوصفة ويقدم بطاقة التأمين، لكنه يصاب بالصدمة حين يعرف بأن البطاقة لا تغطي التكلفة، ويشتكي من أنه يشتري مثلاً مضاد الالتهاب الذي يصفه له طبيب آخر ببطاقة التأمين وهو ذاته الدواء الذي لا تشمله البطاقة فقط لأن الوصفة الدوائية صادرة عن طبيب الأسنان. ويقول إن 09% من أدوية الأسنان هي مضادات حيوية ومسكنات لكن علاج الأسنان يعدّ خدمةً زائدة على بطاقة التأمين التي لا تغطي حتى ثمن الدواء. ويشير إلى غلاء أسعار الأدوية الأجنبية مقارنةً مع بدائلها محلية الصنع، ما يدفع المريض مجبراً لا مخيراً إلى العزوف عن شراء الأولى خاصةً في حال اضطر إلى تكرار الدواء لفترة من الزمن، مع أن بعض المرضى يعتقدون أن الدواء الأجنبي أقوى تأثيراً من المحلي، لكن هذا الاعتقاد قلّ كثيراً عن السابق لارتفاع مستوى وعي الناس. ارتفاع تكلفة الموادالمستخدمة في العلاج تتفق الدكتورة رشا عبد الحميد عبد اللطيف في أن غلاء المواد المستخدمة في العلاج من شأنه رفع الأسعار في الكثير من العيادات والمستشفيات، إذ يتم استيرادها من خارج الإمارات، وتقول لو أن تصنيعها يتم محلياً لربما ساهم ذلك في تخفيض التكلفة التي يدفعها المريض. وأضافت أن بعض الأطباء يستخدمون مواد أقل جودةً كما هي حال تلك التي تستورد من الصين، لكن عدداً من المرضى لاسيما ذوي الدخل المحدود يتوجهون إليهم لتلقي العلاج نظراً لانخفاض الفاتورة حتى بالرغم من علمهم بمصدر المواد المستخدمة وإمكانية تلفها بعد وقت قصير، إذ يمكن أن تسقط حشوة السن بعد أيام أو أسابيع قليلة لعدم جودتها، أو لخطأ ما ارتكبه الطبيب، وتشير إلى أن متوسط عمر الحشوة لا يقل عن خمس سنوات وفي حال سقوطها بعد مدة بسيطة يجب أن يقوم الطبيب باستبدالها دون أن يتقاضى مالاً لقاء ذلك، مع أن بعض المرضى يتم استغلالهم لقلة وعيهم فيدفعون أضعاف ما هو متعارف عليه. وتشير إلى أن الدفع في العيادات التخصصية والمستشفيات يكون نقداً لتلافي أية مشاكل مع المريض وشركات التأمين، وللمريض أن يأخذ فاتورة بقيمة العلاج لمراجعة شركة تأمينه واستعادة ما دفعه في حال تغطية التأمين لعلاج الأسنان. وتضيف أن قلة وعي المرضى بما له علاقة بالتأمين يجعلهم عرضةَ للاستغلال، وتقول إن بعض الموظفين في المستشفيات قد يستغلون جهل المريض بحقوقه وعدم فهمه لجوانب التأمين، ما يكلفه دفع مبالغ لا يجدر به تحملها، إذ إنها نفسها وقعت ضحية لنموذج من هؤلاء في أحد المستشفيات عندما كانت جديدةً في البلد ولا تعرف شيئاً عن بطاقة التأمين التي تحملها فدفعت مبلغاً طائلاً لإجراء عملية جراحية لقريبها في حين أنه كان لا يتعين عليها دفع أية تكلفة. وترجع الدكتورة رشا المشكلات التي يقع فيها المرضى فيما يتعلق بالعلاج والتأمين إلى ضعف تواصل شركات التأمين مع مشتركيها من جهة ومع الأطباء من جهة أخرى، وتؤكد أن وجود قنوات اتصال دائمة بين الأطباء والمرضى وشركات التأمين، كفيلٌ بتفادي نسبة كبيرة من المشكلات التي يتعرض لها المرضى. ارتفاع تكاليف المعيشة ينطبق على علاج الأسنان يشير الدكتور محمد عمار طليمات إلى أن غلاء المعيشة في الإمارات بشكل عام وفي أبوظبي خاصةً يسهم في ارتفاع تكلفة علاج الأسنان، نظراً لارتفاع إيجارات العقارات، ما يدفع أطباء العيادات الخاصة لزيادة أسعارهم لمطالبتهم بدفع مبالغ مضاعفة لقاء إيجار العيادات. ويضيف أن غلاء المواد المستوردة جميعها من الخارج يعدّ عاملاً رئيسياً أيضاً في ارتفاع أسعار خدمات علاج الأسنان، إذ زادت أسعار المواد بنسبة تقارب 30% لكنه لا يجد مبرراً للأرقام المبالغ فيها، والتي يطلبها بعض الأطباء مع أنهم يستخدمون ذات المواد وبالجودة ذاتها التي يقدمها زملاؤهم ممن يلتزمون بالأجور المعقولة رحمةً بالمرضى لأن الطب وجد من أجل الإنسان لا لاستغلاله أو مضاعفة همومه الحياتية، إذ يلتقي هو نفسه بالكثير من المرضى الذين يخرجون من عند الطبيب إلى غير رجعة لأنهم لا يملكون المال الكافي للحصول على العلاج اللازم لهم، خاصةً أولئك الذين لا تغطي بطاقات تأمينهم الصحي علاج الأسنان أبداً. وأشار إلى أن المرضى يتوجهون للعيادات الخاصة هرباً من الانتظار الطويل في المستشفيات الحكومية، وأكد أن كل طبيب يضع الأسعار حسب قناعاته، ويُطلع عليها هيئة صحة أبوظبي، ويجب عليه وضع قائمة بالأسعار في عيادته ليعرف المريض كم سيدفع لقاء كل خدمة تفادياً لوقوعه في أي موقف محرج. رفضوا الحديث بعض أطباء الأسنان رفضوا الحديث مطلقاً عن الموضوع واعتبروا أن مناقشة الأسعار خط أحمر بالنسبة لهم، لأن من شأن ذلك أن يضر بهم وبحجم عائداتهم المادية لو تم بالفعل فرض رقابة على الأسعار وتطبيقها بشكل صارم، بينما يطلب كل طبيب المبلغ الذي يريده في الوقت الراهن دون أن يتعرض للمسائلة أو المحاسبة .