تطفو على الواجهة هذه الأيام قضية «التحرّش»، خاصة بعد انتشار مقطع الفيديو، الذي ظهر فيه تحرّش عدد من الشباب، بفتيات أمام مجمّع تجاري في الظهران، استهجنه الجميع، وأغضب كلَّ مواطن شريف وغيور على أعراض الناس. لم يقتصر عرض هذا المقطع، مع الأسف، على المواقع الإلكترونية، وتبادله عبر الوسائط الحديثة، بل تعدّى ذلك إلى بثه على قناة «MBC»، ليتفرج العالم على هذا المقطع المخجل «حاجة تفشل». يعيش المواطنون هذه الأيام في قلق من هذه القضية، التي تمس أعراضهم، لذلك تتعالى أصواتهم مطالبين بتطبيق عقوبات صارمة ورادعة في قضايا التحرّش، والقضايا الأخلاقية بشكل عام، مستذكرين مقولة «من أمن العقوبة أساء الأدب». يبدو أن من سوَّلت لهم أنفسهم القيام بهذا الفعل قد أمنوا العقوبة، أو أنها غير معروفة لديهم، أو أنهم يعرفونها ولكنهم يعتقدون أنها بسيطة. وبصراحة أقولها: العقوبة غير معروفة أو غير واضحة، والدليل أننا لو سألنا أي مواطن: ما هي عقوبة التحرّش في المملكة؟.. من منكم يعرفها؟، أنا عن نفسي لا أعرف، كل ما أعرفه أن القضية ستحال إلى المحكمة الشرعية، ويخضع الحكم فيها إلى تقدير القاضي، فقاض قد يصدر حكمه على «المتحرّش» بالسجن سنة، وآخر قد يكتفي بسجنه شهراً واحداً. والاختلاف مرده إلى نظرة كل قاض إلى القضية من جميع جوانبها، ورأيه في الحكم الشرعي فيها. لابد من وضع قانون واضح، يعرفه الجميع، ويحفظه الشاب «عن ظهر قلب»، كما يحفظ اسمه، يتضمن عقوبات صارمة ورادعة، تحفظ أعراض الناس، وتجعل الشاب يفكر فيها ألف مرة، ويحسب لها حساباً، قبل أن تسوّل له نفسه، ويقدم على فعل مثل هذه التصرفات المشينة والفاضحة والمنافية للأخلاق الفاضلة، وللقيم والمبادئ النبيلة. لو علم هؤلاء الشباب أنهم إذا تحرّشوا بفتاة فإن هناك عقوبة صارمة ورادعة تطبق على الجميع بقوة وحزم، تنتظرهم، فإنهم لن يقوموا بهذا السلوك أبداّ، إلا من رغب في العقاب.