لا يتوقف الإعلام الجديد عن الانتشار والتوسع سعياً وراء اجتذاب شريحة جديدة من المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي التي لم تعد مجرد بوابة للشهرة والنجومية، ولكن نافذة واسعة لعالم الثراء السريع. وخلال العامين الماضيين عرفنا نجوماً لمواقع التواصل حققوا انتشاراً واسعاً على صفحاتهم على مواقع فيس بوك وماي سبيس، ولينكد إن وغيرها الكثير، وحققوا أرباحاً طائلة بعد سماحهم بنشر إعلانات عبر صفحاتهم، وتكرر الأمر على مواقع الفيديوهات المصورة وخاصة يوتيوب، أما الجديد والغريب فهو انتشار ظاهرة المشاركات مدفوعة الثمن على موقع "إنستغرام" الذي تختلف أسعار الصور عليه بحسب شهرة صاحب الحساب، وعدد متابعيه، وفي حالة الصفحات الأكثر شهرة التي يزيد عدد جمهورها على 6 ملايين يصل سعر الصورة الواحدة إلى 100 ألف دولار. الأمريكية دانييل بيرنشتين صاحبة مدونة تعرف بwe wore what أو (ماذا نرتدي؟) تحولت خلال عدة أشهر إلى مليونيرة بعد إنشائها حساباً شخصياً على إنستغرام تنشر عبره صورها الشخصية وتقدم نصائحها فى الموضة والأزياء، وبفضل متابعيها الذين وصل عددهم إلى مليون، تحصل بيرنشتين على مبالغ تتراوح من 5 إلى 15 ألف دولار عن كل صورة تنشرها، وعادة ترتدي خلالها ملابس الشركة صاحبة الإعلان، أو تضع قطع إكسسوار لعلامة تجارية كبرى، وتستخدم مساحيق تجميل من شركات معروفة مثل LANCOME. تصف بيرنشتين نفسها بأنها صاحبة ستايل خاص، حيث تعتمد على ذوقها الخاص في ترتيب قطع الملابس حتى تبدو متناسقة، وتختار الألوان التي تروقها من دون الالتفات للألوان المعتمدة عالمياً لأزياء كل موسم والتي يحددها صناع الموضة العالميين، وتؤكد مشاركاتها الدائمة على المدونة على أن أفضل شيء يرتديه الشخص هو ما يناسبه، وما يشعر بأنه مريح، لكنها لا تهاجم الموضة العالمية لأنها مدركة أن لها عشاقها، لكنها تشير دوماً إلى أن الأناقة غير مكلفة، وأن كل منا يمكنه أن يصبح أنيقاً، جذاباً بتكلفة مادية مناسبة. كانت البداية عبر المدونة التي لفتت انتباه شركة Harpers Bazzar وتعاقدت مع دانييل على ارتداء ملابسها عند نشر صورها الشخصية عبر إنستغرام، وبعد زيادة عدد متابعيها تعاقدت معها سلسلة فنادق virgin على التقاط وبث صورها خلال افتتاح مقر جديد للفندق بمدينة شيكاغو بصحبة مالك المجموعة ريتشارد برانسون. وحتى اليوم لا يتوفر إحصاء دقيق حول حجم المشاركات مدفوعة الثمن على إنستغرام أو ما يعرف ب paied posts، لكن بعض التقديرات تشير إلى إنها تصل إلى مليار دولار، والرقم مرشح للزيادة. وبعد انتشار الظاهرة بدأت لجنة التجارة الفيدرالية التابعة لوزارة التجارة الأمريكية إعداد دليل إرشادي يتضمن مبادىء أساسية لحماية المستهلكالمستخدم على إنستغرام. وطالبت الأعضاء التحلي بالصراحة، والإعلان عن المشاركات مدفوعة الثمن عبر استخدام هاشتاغ ad#. وأشارت بيرنشتين إلى أن المزايا التي يحصل عليها أصحاب الحسابات التي تحظى بأكثر من 100 ألف متابع لا تتوقف عند العائدات المادية المجزية، بل تمتد لتشمل ملابس من الشركات المعلنة، وأدوات تجميل، وقطع إكسسوار من علامات راقية، وغيرها كثير. وبالنسبة إليها كانت أكبر جائزة حصولها على دعوة شاملة لحضور أسبوع الموضة في نيويورك قبل شهرين، وكتبت عدة مشاركات لمدونتها والتقطت صوراً خاصة لحسابها على إنستغرام من الصفوف الأمامية، وقالت إنها حصلت على فرصة هائلة للانضمام إلى هيئة تحرير مجلة أزياء عريقة. الغريب أن بيرنشتين تتردد في قبول عرض الانضمام إلى المجلة لأنها ستأخذ كثيراً من وقتها الذي تخصصه لمواقع التواصل الاجتماعي التي تجني منها مبالغ شهرية تعادل عمل 6 وظائف معاً، والاستمرار فيها مجز للغاية. وأثارت المشاركات مدفوعة الثمن جدلاً واسعاً قبل عدة أسابيع، عندما شنت صحيفة نيويورك تايمز هجوماً على نجوم هوليوود الذين يتقاضون أموالاً من شركات عالمية كبرى مقابل ارتداء ملابسهم، أو نظاراتهم الشمسية، أو غيرها في الصور التي ينشرونها في تغريداتهم على تويتر، وأثبتت الصحيفة أن كيم كاردشيان تقاضت 250 ألف دولار مقابل بث صورة لها على تويتر تضع نوعاً معيناً من ملمع الشفاة، وكذا مايلي سايروس، وغيرهما.