تبدو تقاليد بعض الشعوب مثيرة للاستغراب وربما الاستنكار بالنسبة لشعوب أخرى، فاختلاف الثقافات والبيئات الحضارية يفرض تنوعاً واسعاً يصل حدّ التناقضات في بعض الأحيان، ولو أخذنا مثالاً ثنائية التفاؤل والتشاؤم، فهي متغيرة لدى الشعوب، فثمة من يتفاءلون بطائر البوم مثلاً ويتبادلون تماثيله هدايا في المناسبات، مقابل آخرين يرون أن هذا الطائر مصدر تشاؤم وتطيّر ولو أهدي رجل عجوز في بلادنا تابوتاً من الخشب الثمين لرأى في ذلك فألاً غير حسن، وأعاد الهدية التي تذكره بالموت في كل لحظة إلى صاحبها. لكن في بلد كالسويد يعتبر التابوت إذا كان من خشب أصيل هدية ثمينة وكذلك العصا التي تستخدم للزينة وليس فقط لمن يعاني خللاً في ساقيه. ورغم أن الحمار يجسد ثقافة الصبر كما يقال، فإن اسمه يستخدم للهجاء في بعض المجتمعات، لكن مثار اهتمام وتقدير في مجتمعات أخرى وحين كتب الراحل توفيق الحكيم عن الحمار أعاد إليه الاعتبار، وكان الراحل جليل البنداري يضع على مكتبه تمثالاً لحمار ويقول لزائريه إنه يتعلم منه الصبر أما الهواية المفضلة للرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا متران فهي تربية الحمير خصوصاً الصغير منها، وأكثر من ذلك أطلق حزب سياسي أمريكي عريق على نفسه لقب الحمار ورفع شعارات تحمل اسمه مقابل الخصم الذي اتخذ من الفيل رمزاً وعنواناً! وآخر طرفة متعلقة بهذا السياق هي اختلاف العادات والتقاليد بين شعوب العالم، ذات صلة بحفل زفاف، فقد قرر العريس أن يتولى البوم حمل خاتم الزواج بمنقاره كي يعطيه العروس وبالفعل فوجئ المدعوون بطائر البوم يحلق فوق رؤوسهم، ثم يأخذ الخاتم ويذهب به إلى العروس، ولو كان البوم طائر شؤم بالنسبة لهؤلاء لما فعلوا ذلك، لكنهم تفاءلوا به رغم أن أحد فلاسفة أوروبا وهو هيجل قال إن الحضارات في خريفها تشهد سرباً من طائر البوم ينعق في الآفاق وتسمى هذه اللحظة غسق الحضارات. إنه عالم غريب بالفعل، لكن المسألة نسبية فما هو عجيب للبعض مألوف وعادي وحميم بالنسبة لآخرين لهذا كان التنوع قدراً تاريخياً وحضارياً لشعوب هذا العالم، لأنها لو تشابهت لتحولت إلى قطيع بلون واحد وصوت واحد ويسوسه راعٍ واحدا! ومن يربطون بين حيوانات وطيور أو أ ية مشاهد وبين التفاؤل والتشاؤم ليس لديهم تفسير عقلاني لذلك. كل ما في الأمر أنهم توهموا هذا الاقتران بين مصدر التشاؤم وما يقع لهم من أحداث. ما لم يقله الخبر الطريف عن بوم الزفاف هو الصدى الذي ردده بعد أن سمع العريس يهمس في أذن عروسه!! منصور