×
محافظة الجوف

أجواء طبرجل النادرة من 40 عاماً دفعت الاهالي للخروج إلى الاستمتاع بالمناظر الخلابه

صورة الخبر

بين الهيئة المنظمة للعبة كرة القدم في العالم (فيفا) وهيئة الأمم المتحدة، حالة تشابه في أسباب قيامهما، واختلاف في طبيعة إدارتهما، وحجم التأثير في شأن كل منهما، لكن المنظمتين كلتيهما مرتا عبر عقودهما الطويلة، بالأخطاء ذاتها وربما الخطايا والجرائم التي لا تجعلهما يتمتعان بأهم ما يدعوان له، العدالة والنزاهة والتنافس الشريف وصون الحقوق والقيم. الأمم المتحدة وجدت من أجل السعي لتوفير حقوق الإنسان، مدفوعة بفظائع الحرب العالمية الثانية، والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) من أجل وضع قوانين خاصة باللعبة تضمن المحافظة على القيم والمبادئ، تجتمع عليها دول العالم خلال ممارسة هذا النشاط، والفكرة الأساسية هي أن كل منظمة كان عليها أن تنفذ ذلك بما يتوفر لها من نفوذ، أعطته إياها الدول التي انضمت لعضويتها، بشرط أن تلعب المنظمة دورها بحيادية والتزام، وقدرة على التنفيذ. ولأن كل أمر مهما كان حسنا ويدعو لتنظيم الحقوق والواجبات بين الأفراد والجماعات، يحتاج إلى استجابة، فإن توفرها كان من جانب الاتحادات أعضاء «فيفا»، أكثر منه بكثير من الدول أعضاء الأمم المتحدة، لكن ذلك لم يكن وحده فقط سبب قدرة تحكم «فيفا» في ضبط سير أمور لعبة كرة القدم في كل أنحاء العالم، بل حبل المصالح المربوط بين «فيفا» وكل عضو من الـ207 اتحادات، وامتلاك «فيفا» مقابس تشغيل وإيقاف أي نشاط في هذه الاتحادات، وأيضا المحفظة المالية المنتفخة التي تصرف منها بسخاء على أنشطتها، وتهب منها المساعدات لأعضائها المعوزين، وذلك عكس ما تعيشه الأمم المتحدة مع أعضائها الـ192. «فيفا» يوقف مدى الحياة لاعبين، كما هو الحال مع المهاجم الروسي يارو سلاف ديمتريف، لإدانته بالتلاعب بنتائج المباريات، وأكثر من ذلك رئيس اتحاد قاري، كما فعل مع القطري ابن همام رئيس الاتحاد الآسيوي، لاتهامه بتقديم رشى، قبل الانتخابات لمنصب رئيس «فيفا»، بل ويوقع العقوبة على محكمة العدالة الرياضية في (ريو دي جانيرو)، لتأخرها في محاكمة البرازيلي كارلوس ألبرتو لاعب (فاسكو دا جاما) في قضية منشطات، وتجبر منتخب بيرو خوض مباراته أمام بوليفيا دون جماهير، بسبب أحداث مباراة سابقة في التصفيات، كذلك فهو يعاقب بالإيقاف والغرامات اللاعبين الذين يحملون على قمصانهم شعارات دينية أو سياسية، وأوقف رئيس الاتحاد الإيطالي 6 أشهر بسبب تصريحات عنصرية، ويحظر إقامة مباريات دولية في دول تشهد صراعا مسلحا، ويوقف أنشطة اتحادات. لأي تدخل حكومي في شؤونها، كل ذلك تم ونفذ، وربما لو كان الأمر قاصرا على إصدار قرارات فقط، لكان وضع الأمم المتحدة أفضل من «فيفا» وشواهد ذلك كثيرة، بالذات فيما يتعلق بقضايا دول العالم الثالث والشرق الأوسط بخاصة. في كتاب «مافيا الفيفا - صفقات في لعبة كرة القدم العالمية» لمؤلفه توماس كستر، والذي عرضه زياد منى أحال سبب قدرة «فيفا» وديناميته، إلى مصارفه وقوانينه، التي وصفها بأنها جنة لجذب الأموال، أيا كان مصدرها وأسلوب الحصول عليها، كونها تجلب الأموال للمصارف، وإلى قوانينها التي لا تتدخل في أموالها، وأنها لا تدخل في عمل المؤسسات، وغير تابعة إلا للجان الداخلية الخاصة بها، كما أن القوانين السويسرية حيث مقر «فيفا» لا تكترث كثيرا بالحياة الداخلية لمثل هذه المؤسسات، واعتبر أن الحياة المترفة لـ«فيفا» ضاعفت من قوته وسيطرة القائمين عليه على الأمور، وساهم كذلك في استفادتهم ماليا على نحو شخصي من ذلك، لأن مغلاق الباب غير المحكم يسمح لمن يرغب في دخول منزل الغير، والسطو على ممتلكاته بقليل من الجهد، مما خلق بحبوحة عيش للعاملين في الاتحاد وأعضائه، فيما تحرم الأمم المتحدة أحد أعضائها من حق التصويت لعدم تسديده اشتراك المنظمة لسنتين. 8 أمناء عامون تناوبوا على الأمم المتحدة، بينهم المصري بطرس غالي، و8 رؤساء لـ«فيفا» آخرهم السويسري جوزيف سيب بلاتر، لعبت السياسة في تنصيب الأول، والخبرة والذكاء، في أن يخلف الثاني البرازيلي هافيلانج، بعد أن كان قد فهم اللعبة منه وحفظ أسرارها - بالطبع ليست لعبة كرة القدم - لكن لعبة المصالح والمؤامرات، وتحريك أحجار الشطرنج بدهاء وضبط أعصاب، وخلق بيئة تزيد من قوة الرئيس وتحكم قبضته على شؤون الاتحاد، عكس ما هو في هيئة الأمم واشتكى منه بطرس غالي في كتابه «5 سنوات في بيت من زجاج»، حين ذكر أنهم جعلوا من منصب الأمين العام ضعيفا، ليس لشاغله قاعدة مالية، ولا قولا مؤثرا في مجريات الأمور، وإن المنظمة مجرد جهاز بيروقراطي دولي، ومن ذلك تتضح أسباب قوة «فيفا» وسيدها في زيوريخ، ولماذا هو يدير العالم ويؤثر فيه أكثر من منظمة العالم (الأمم المتحدة).. الأمر ليس لأنها لعبة كرة قدم فقط. سعد المهدي مقالات سابقة