لم تسلم حتى المساجد من جماعة الحوثيين المتمردة في اليمن، الذين دأبوا على ممارسة كثير من أنواع الاعتداءات عليها، تراوحت بين التفجير وفرض الخطباء والأئمة بالقوة، وطبع الشعارات الطائفية على جدرانها. وهي الانتهاكات التي لم تشهدها اليمن من قبل، وهو ما يعبر عن نهج الجماعة في فرض أفكارها المرفوضة، عن طريق القوة، لتذكية الصراع الطائفي. ويقول إمام وخطيب جامع ذي النورين بالعاصمة صنعاء الدكتور نبيل إسكندر إن المتمردين أجبروه على ترك المسجد، وأتوا بإمام جديد موال لجماعتهم، وأضاف "عندما بدأ الحوثيون الاقتراب من صنعاء، وصلتني بعض التهديدات عبر بعض الموالين لهم الذين أكدوا لي أنني سأكون هدفا لجماعتهم، وهذا ما حدث بالفعل، عندما دخلوا صنعاء استولوا على قيادة منطقة عسكرية بالقرب من المسجد، وأقاموا نقطة عسكرية بجواره". ومضى إسكندر بالقول "أتوا في الليل برفقة أربعة أطقم مسلحة ومزودة بالرشاشات، وحاصروا المسجد، ولم أكن موجودا حينها، وقاموا بتفتيش المسجد، ثم اقتحموا منزلي وطردوا أسرتي في الشارع. وبعد ذلك فرضوا إماما وخطيبا للمسجد. وعندما اعترض المصلون على ذلك لم يعيروهم اهتماما، واعتدوا على بعض المعترضين". واستطرد إسكندر بالقول "في الجمعة التالية، أتوا بخطيبهم محاط بالجنود المدججين بالسلاح، ما دفع بعض المصلين إلى مغادرة المسجد ورفض أداء الصلاة فيه، لكن كل ذلك لم يجد نفعا، فالحوثيون أخبروا المصلين بأن الحكم أصبح لهم". وبعد شهرين قاموا بإنزال اللوحات المكتوب عليها اسم مسجد "ذي النورين" واستبدالها بأخرى مكتوب عليها مسجد "العنسي"، كما قاموا بتغيير اسم مدرسة التحفيظ من مدرسة ذي النورين إلى مدرسة "الحسين بن علي". وبحسب إسكندر الذي هاجر من اليمن من جراء هذه الممارسات، عندما اعترض المصلون قاموا بإرهابهم وتهديدهم بالاختطاف واقتحام البيوت. وليست تلك الحادثة الوحيدة التي تتورط فيها الميليشيا الحوثية، فقبل أقل من شهر حدث شجار في مسجد "التقوى" بسعوان، حين أصر خطيبان على الصعود إلى المنبر، أحدهما حوثي ويرافقه مسلحون، وبحسب شهود عيان فإن بعض العقلاء قاموا بإغلاق المسجد وتسريح المصلين للصلاة في مسجد آخر. وأشار الشيخ جبري إبراهيم حسن المدير العام للوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف اليمنية إلى أن ما يحدث بسبب خلافات حزبية أو مذهبية هو نتيجة الفراغ الذي تعيشه البلاد وغياب الدولة، وعليه فإن الاستقواء وفرض الخطباء والمعتقدات بالقوة كانت لا تمرر في الماضي". ومضى حسن بالقول إنه لا يحق حتى للوزارة تغيير الخطيب أو الإمام، إلا إذا كان هناك إجماع من المصلين أو أهالي الحي على أنه غير مناسب. وبحسب شهود العيان، فإن انتهاكات الجماعة الحوثية لا تقف عند تغيير الخطباء والأئمة وأسماء المساجد فحسب، بل تقوم بتفجير بعض المساجد المحسوبة على من تراهم مناهضين لها، كما حدث لمسجد كتاف السني الذي فجره مسلحو الجماعة بالديناميت في نهاية ديسمبر عام 2013، ووثقت العملية بالفيديو بل وتم نشرها في التلفزيون الرسمي للجماعة. ونشرت صحيفة المصدر اليومية الخاصة إحصائية بالمساجد التي فجرها الحوثيون حتى نهاية عام 2014، حيث بلغت 21 مسجدا و12 دارا للقرآن بحجة أنها تتبع "التكفيريين"، كما أن الجماعة سيطرت ونهبت أثاث وممتلكات جمعيات خيرية وجامعات دينية، بينها جامعة الإيمان الشهيرة وجامعة القرآن الكريم، بعد السيطرة على صنعاء في سبتمبر الماضي. ويؤكد مراقبون أن استمرار مثل هذه الانتهاكات ربما يحدث فتنة طائفية في اليمن الذي يزيد سكانه على 20 مليون نسمة.