النسخة: قلت غير مرة في هذه الزاوية أن لا آثار إطلاقاً في بلادنا لروايات التوراة والأنبياء اليهود «الكذبة»، والآن أقرأ أن علماء آثار إسرائيليين أبدوا الشك في دقة روايات التوراة بعد اكتشافهم معلومات جديدة عن الجِمال. أقول قبل أن أبدأ الموضوع إنني درست الأديان دراسة علمية أو علمانية، وفي جامعات أميركية، وكان بين أساتذتي أميركيون وعرب، لذلك أزعم أن لي اطلاعاً حسناً على الموضوع، من دون أن أزعم أنني مرجع فيه، فأنقل عن أساتذتي أن التوراة كتبت بعد 500 سنة إلى ألف سنة من أحداثها المزعومة، وأن العهد الجديد من الكتاب المقدس، أو كتاب النصارى، كتب بعد عقدين أو ثلاثة من الأحداث التي يسجلها، وأن القرآن الكريم جاء في «ضوء التاريخ» فالوحي سجل في حينه، وجمْعه أيام الخليفة عثمان لا يحتاج إلى شرح لقراء «الحياة». علماء الآثار لم يجدوا إطلاقاً في مصر وفلسطين أي آثار تدل على أنبياء لليهود أو ممالك، وهم هذه المرة عبر توثيق التاريخ بالكربون وجدوا أن الجمل لم يدجّن ويصبح حيواناً أليفاً في بلادنا حتى القرن التاسع قبل الميلاد. أي بعد مئات السنوات من الحديث عنه في العهد القديم، أو التوراة التي تورد الجِمال في قصص عن أبراهام ويوسف. الباحثان أريز بن-يوسف وليدار سابير-هين، من جامعة تل أبيب، أجريا الأبحاث وجامعتهما أصدرت بياناً نشرته «تايمز أوف إسرائيل» وجاء فيه أن البحث أثار شكوكاً في النص التوراتي الذي جُمع بعد وقت طويل من أحداثه المسجلة. التوراة خرافة، أو اختراع، وأنا هنا أرد لأنصار إسرائيل كلمة اختراع أو مخترع في الحديث عن الشعب الفلسطيني، فهم في أرض كنعان منذ ضوء التاريخ، وكان هناك بالتأكيد يهود في فلسطين وجزيرة العرب وربما العراق وغيره، إلا أنه لم تكن لهم ممالك. ثمة كتب ترجع كل قصة في التوراة إلى خرافة قديمة، سومرية أو كلدانية أو آشورية أو بابلية، أو إغريقية. الفيضان نفسه ورد في قصص اليونان القدماء، وقرأنا عن قارة أطلانطيس الغارقة في ما كتب أفلاطون وغيره. في التوراة، وتحديداً في سفر التكوين، هناك رواية عن أن الفيضان استمر 40 يوماً وليلة (الفصل 7، الأرقام 4 و12 وأيضاً 24) لكن سفر التكوين نفسه يقول إن الفيضان استمر 150 يوماً (الفصل 8 العدد 2)، ثم هناك قصة أن اليهود استعبدوا في مصر 400 سنة كما ورد في سفر التكوين (الفصل 15 الأعداد 13-16) غير أن سفر خروج (الفصل 1، العدد 8) يجعل سنوات العبودية والحرية 430 سنة. ثم هناك كلام عن مصائب هدد بها النبي موسى فرعون إذا لم يسمح لشعبه بالخروج من مصر، وكان هناك عشرة منها مثل تحويل ماء النهر (النيل) إلى دم وحرائق وموت البهائم كلها. هذا كله موجود في خرافات قديمة مسجلة في مصر وفي بلاد ما بين النهرين. كتبت مرة في هذه الزاوية عن الفصل 12 من سفر التكوين الذي يحكي عن وصول أبراهام وسارة إلى مصر وقلت إنه بذيء إلى درجة أنني لا أستطيع أن أنقل التفاصيل كما ترد في التوراة، ولن أفعل اليوم فكل ما أقول إن أبراهام قال لزوجته سارة إنها جميلة، وقد يقتله فرعون ليأخذها لنفسه، لذلك فالأفضل أن يقولا إنها أخته. البقية لن أرويها ويستطيع القارئ الراغب أن يبحث عنها في الفصل الذي سجلت رقمه من سفر التكوين. كل ما أقول هنا إنه بحسب رواية التوراة نفسها كان أبراهام وسارة مُسِنّين عندما دخلا مصر، وعمرها حوالى 65 عاماً، فماذا سيجذب الفرعون إليها؟ لا أستطيع أن أمضي في الشرح بسبب حساسية الموضوع، فأقول إن هناك أمثلة كثيرة وكل قصة توراتية لها أصل من خرافة مثل الملكة استر التي أنقذت اليهود من بلاد الفرس فهناك خرافة بابلية مماثلة عن غير اليهود. والسفر في التوراة الذي يحمل اسمها لم ترد فيه كلمة «الله» إطلاقاً. أقول نحن الأصل، والقرآن الكريم نزل في ضوء التاريخ، أما هم ودينهم فخرافة أو اختراع. khazen@alhayat.com