×
محافظة المنطقة الشرقية

سفينة الدانة حائرة بين التغيير والاستقرار

صورة الخبر

أن تكون عملت محامياً، ومدعياً عاماً، وقاضياً فيدرالياً، وسيناتوراً أميركياً، وزعيماً للأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، ثم مبعوثاً خاصاً نجح في إحلال السلام في إيرلندا بعد نزاع طويل دام 800 عام، فهذه مسيرة مهنية غنية قلّ نظيرها وقصة تستحق أن تروى بين دفتي كتاب. وهذا بالضبط ما يفعله السيناتور الأميركي والمبعوث السابق للرئيس أوباما إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، في كتاب «المفاوض» الذي يحكي فيه قصة نشأته في ولاية ماين، والسنوات التي قضاها في مجلس الشيوخ، وعمله كوسيط في إيرلندا الشمالية والشرق الأوسط، وما تعلّمه عن فن التفاوض في كل مرحلة من مراحل حياته. إنها قصة كلاسيكية للحلم الأميركي. فقد نشأ جورج ميتشل في أسرة تنحدر من أصول مهاجرة وتنتمي إلى الطبقة العاملة في ولاية ماين، حيث عاش عن كثب التأثيرات المحطِّمة للمعنويات عندما سُرِّح والده من العمل. لكن التعليم كان دائماً أولوية بالنسبة للعائلة، كما أن ميتشل الطموح لم يكن يفوِّت أي فرصة يصادفها في طريقه، إلى أن أصبح زعيماً للأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ خلال إدارتي بوش الأب وبيل كلينتون. عمل ميتشل في مكتب السيناتور الأميركي إدموند موسكي الذي تتلمذ على يديه وتعلم منه السياسة. ثم عمل لفترة قصيرة مدعياً عاماً لولاية ماين قبل أن يعين قاضياً فدرالياً من قبل الرئيس كارتر بناءً على توصية من موسكي. لكنه لم يشغل هذا المنصب لفترة طويلة. فقد استقال موسكي من مجلس الشيوخ ليصبح وزيراً للخارجية في إدارة كارتر، ليشغر بذلك مقعده في مجلس الشيوخ. فقام حاكم ولاية ماين وقتئذ، جو برينان، بتعيين ميتشل فيه عام 1980، وهو المقعد الذي ظل يشغله لـ15 عاماً، تولى خلال الستة أعوام الأخيرة منها زعامة الأغلبية في المجلس. غير أن اسم جورج ميتشل سيظل عالقاً في ذاكرة كثير من العرب كمبعوث خاص للرئيس أوباما إلى عملية السلام في الشرق الأوسط، التي فشل فيها على غرار العديدين من قبله. وكان اختياره في يونيو 2009 لهذه المهمة قد اعتُبر وقتئذ مؤشراً على الأولوية التي توليها إدارة أوباما للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وفي مايو 2011، قدم ميتشل استقالته من هذا المنصب إيذاناً بفشله في إنجاز المهمة التي فاقت بصعوبتها وتعقيداها قدراته الدبلوماسية ومهاراته التفاوضية. مذكرات ميتشل تكشف عن جوانب جديدة من فن التفاوض، حيث ينظر المؤلف إلى الوراء لتقييم منجزاته في القانون والسياسة، إضافة إلى حياته بعد مجلس الشيوخ، من قيادة عملية السلام الناجحة في إيرلندا الشمالية إلى عمله كرئيس لشركة والت ديزني، إلى ترؤس التحقيقات في استعمال المنشطات في رياضة البيسبول. وعبر مختلف هذه المهام التي كانت تسند إليه، تقدم قصص ميتشل المذهلة معلومات قيّمة لفهم لحظات دقيقة خلال الأعوام الخمسين الأخيرة من مسيرته المهنية. بيد أن بعض النقاد يرون أن كتاب ميتشل لا يرقى إلى السيرة الذاتية الشاملة بقدر ما هو أشبه بمجموعة من الصور عن إنجازاته ونجاحاته في مسيرته المهنية الطويلة. وهو أمر لا يخلو من فائدة، لكنه مخيب للآمال في الآن نفسه. كما أن الكتاب يخلو من تأملات حول أحداث ومواقف عاشها المؤلف، ومن لمحات حول الشخصيات الكثيرة التي تعامل معها، وهو ما يجعل كتابه أشبه بنسخة سردية لسيرته الذاتية منها بمذكرات حقيقية. ... المزيد