سوّقتُ يوم الأحد الماضي سوقَ الأحد (30 كلم عن الحدود السعودية اليمنية) لم يتغير برنامج السوق ولا مظهره، الباعة اليمنيون الذين دخلوا قبل دقائق من منفذ الطوال يصفون بضاعتهم ويستقبلون زبائنهم مثل كل يوم كعادتهم.. البهارات، والبن الخولاني ومتعلقات القهوة وبضائع أخرى، اشتريت منهم زبيبا رازقيا وانصرفت. وبحكم أني "أطقطق" في الزراعة هذي الأيام فقد قادتني "الطقطقة" إلى زاوية الشتلات في السوق، كل الباعة يمنيون تقريبا، يحضرونها من المزارع المجاورة التي يعملون بها، باعني أحدهم شتلات مانجو وكادي وورود متسلقة وانصرفت. أختم جولتي بإفطار شعبي في مطعم يمني قريب من السوق، هنالك ألقى بعض الزملاء السابقين من المعلمين الذين يتواعدون على إفطارهم هنا. لكن عليّ أن أعود سريعا إلى مزرعتي حيث ينتظرني اثنان من العمال اليمنيين لنبدأ اليوم الريّ. أجزم أنه لا يمر يوم في حياة أي سعودي إلا وتعامل فيه مع يمني. نحن واليمن، في زاوية جغرافية واحدة، فضلا عن كل الروابط الاجتماعية والتاريخية. لا يمكن لأحد أن يزايد علينا بشأن اليمن، ولا يمكن لأحد أن يدخل بين اللحم والعظم، ولن نسمح نحن ولا اليمن بذلك. لا نحن ولا اليمنيون نجهل التاريخ والجغرافيا من آلاف السنين، ولا نحن ولا اليمنيون نجهل أطماع الآخرين في مقدراتنا، هذه الزاوية الثمينة من الخريطة العالمية، فكل ضرر باليمن هو ضرر بنا، وكل ضرر بنا هو ضرر باليمن. بعض الجاهلين يصور "عاصفة الحزم" بأنها حرب مذهبية، وللأسف يجد بيننا من يردد هذا الهراء الخطير، وددت لو أن سبعين جلدة علنية تمسّ ظهر كل من يردد ذلك تلميحا أو تصريحا. مذهبية كيف؟ وما معنى أن لا تقوم حرب مذهبية إلا الآن رغم وجود المذاهب متجاورة هنا من ماض قديم؟ إن كان هناك من عمل كان لا بد منه لصالح الأمن القومي لليمن ولنا فهو "عاصفة الحزم". إن اصطفافنا الوطني خلفها بلا حدود، وكذلك في اليمن إلا من أبى وتسبب في ما يحدث وهم قليل من الأدوات المغامرة ومن المنتقمين المنتحرين.