يواجه جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تطرف آراء بعض المناصرين له والمناهضين، فمن ينصره يذد عنه ويدافع بقوة ولا يقر بأي خطأ يبدر من أحد أعضائه، ويشكك في كل رواية تتحدث عن تلك الأخطاء، والمناهض أيضا يحمّل الجهاز كل تصرف فردي متناسيا كل منجزاته وقد يصل به التطرف أحيانا إلى المطالبة بإلغاء الجهاز عن بكرة أبيه، كما حدث بعد حادثة سوق حائل الأخيرة. لا يمكن أن نحمّل جهازا بأكمله وزر تصرف وخطأ فردي، ولا يمكن أن نلغي كل منجزاته من أجل أن أحد أفراده أخطأ وجانبه الصواب، وفي الوقت نفسه ليس من المقبول أن نصف كل أعضاء الجهاز ـــ أيا كان ــــ بالملائكة المعصومين من الخطأ. هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أجهزة الدولة، ولها مساهمات واسعة في الحد من انتشار المخدرات، وحل الكثير من قضايا الابتزاز في المجتمع وملاحقة المتجاوزين في الأسواق، إضافة إلى دورها الرئيس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن أخطأ أحد أفرادها فلا يعني أن الجهاز برمته يخطئ. أعضاء "الهيئة" كبقية أعضاء الأجهزة الحكومية الأخرى، فيهم من هو مدرك لحدود مسؤولياته والتي لا يمكن أن يتجاوزها ويسعى للكمال في تطبيق الأنظمة وفق صلاحياته دون تجاوز أو تهاون، وفيهم من يتجاوز ويخطئ ويقوم بتصرفات لا يقرها "جهازه" أو المجتمع. متى نقول إن جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ارتكب "خطأ"؟ عندما لا يقر بخطأ أعضائه، وعندما يتهاون في عدم معاقبتهم عند ارتكاب الخطأ وعندما يصفح عنهم ولا يرد الحق إلى أصحابه، وهو أمر وبكل أمانة لا نراه، فعندما يخطئ أحد أفراد "الهيئة"، يبادر الجهاز فورا بتشكيل لجنة للتحقيق ومعاقبة العضو؛ إن ثبت أنه قام فعلا بعمل مخالف، والأحداث في هذا الأمر كثيرة ولا تحتاج إلى سرد، فالجميع يطلع عليها في الإعلام. لا أدافع عن المخطئين في جهاز الهيئة ولا أقر تصرفاتهم؛ بل أطالب "الجهاز" بالدقة في اختيار أعضائه ورفع مستوى الوعي لديهم من خلال دورات متخصصة في تطوير أدائهم في التعامل مع الجمهور والعامة، ولكني في الوقت نفسه أستغرب تلك الحملات "المسعورة" التي تطول "الجهاز" برمته، وتتصيد أخطاء أعضائه وتعميمها على الجميع وكأنهم ملائكة لا يخطئون.ن نقلا عن الاقتصادية