مثل تلك الجريمة التي حدثت لا يمكن لنا كمسلمين، وعقلاء، ومواطنين، ومتعايشين إلا استنكارها بشدة قولا، وفعلا، وقلبا، وعقلا.. ولا يمكن أن يقبل شكلها، أو مضمونها، أو يبرر لها فقيمة الدين تدعو للسلام، والأمن، والتعايش حتى مع المختلف.. وقيمة الوطن والانتماء والولاء له تتجه في دعم مثل التعايش فالوطن من المشتركات، وأمنه من المسلمات المشترك فيها كل من يعيش على ترابه.. فالمواطن وإن اختلف مع غيره، وكذلك المقيم والوافد والزائر وغيرهم كلهم يشتركون في بحثهم عن الأمن والاطمئنان.. في مثل هذه الواقعة المؤلمة.. وفي وقائع قتل رجال الأمن قرب هذه المنطقة وفي أرجاء أخرى يبقى الحدث هو جرح وحزن الوطن والمواطن.. ويبقى الوقع فرحا للمتربص والمتشمت.. وفي مثل هذا الحادث وحوادث أخرى يبرز الأثر، ويظهر المختبئ، وتنكشف الحقائق عند كل طرف سواء كان متضررا أم متابعا أم مترقبا.. ما حدث في القديح حدث للأسف في أماكن وأرجاء أخرى لمواطنين آخرين، وحتى مقيمين.. فطال السنة قبل أن يطول أهل القديح.. ولم يعرف الإرهاب إلا كونه ضرب كل فئة، وكل طائفة، وكل مذهب، وكل عنصر.. حتى وإن اختلفت التوجهات، وتنوعت الميول، وتعددت الأطروحات يبقى الهم الوطني المتمثل في أمن الوطن، ورخائه، والانتماء له ولمكوناته هو المطلب الراشد، والضرورة العقلانية، والهدف الأسمى.. فكل دول العالم هي عبارة عن مكونات بشرية مختلفة في التفكير، والعقيدة، والقناعات، والتوجهات، والرغبات، والمطالب فتعيش هذه المكونات اختلافاتها على حدود معينة، وسقف وطني محدد ويبقى الخط المشترك الذي لا يمكن المزايدة ولا المساومة عليه هو الوطن.. لذا فإن مواقف المواطنين جراء ما حدث في القديح مع اختلاف توجهاتهم هي مواقف وطنية سامية تتطلع لهدف مشترك هو الأمن، وعدم السماح لأي دخيل ملوث بالحقد أن يتخلل، ويخترق وحدة وأمن هذا الوطن وناسه وقيمته.. ما حدث كان لإحداث الشقاق، والفتنة، والغضب بين فئات المجتمع.. ومن كان وراء ذلك هدف إلى صنع الفوضى.. وبرهان ذلك هو التوقيت، وجهة المستفيد، وطموحاته.. وارتباطه بما سبق من مضبوطات أمنية.. داعش تلك الفئة المختلة والخارجة عن الدين والقيم وغارقة في الوهم والغباء.. فئة جعلت من نفسها مطية للفساد والإفساد، وصنعت بأصابع الخفاء الصفوي الخائب.. وأبطلت كل حق، وحققت كل باطل.. ولو كان هدف هؤلاء الدواعش كما جاء ببيانهم التافه استهداف طائفة ما لما عبروا تلك المسافات ومن تلك الطائفة حولهم في العراق والشام كثر.. ولكنهم أدوات لتنفيذ مخططات الفتنة في هذه البلاد الآمنة غصبا عليهم.. هذه المخططات التي انكشفت للعالم.. مشاعر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله وغضبه وتأكيده على دحر مثل هذه الحركات ومثل هذا الفكر الضال هو مبدأ ديني ووطني راسخ يحرص من خلاله على امن هذه الأمة وهذا الوطن الكبير.. وكشف المنفذ والتوصل الى أسماء أخرى ذات علاقة في وقت قصير جدا يبين مدى جدية القيادة الكريمة والجهة الأمنية المسؤولة وحزمها وعدلها تجاه أي إرهاب يحدث لأي مجتمع في وطننا الكبير ولا فرق أبدا.. ولاشك أن تفاعل المجتمع السعودي بمختلف مكوناته وشرائحه ورجاله مع هذا الحدث هو تفاعل كريم وراق ومفروض يجب ان يستمر من كل طرف في كل حدث ولا تكون ردات الفعل مقتصرة على حدوث مثل ذلك على فئة وحين يحدث لا قدر الله على جهة أخرى نجد أن التفاعل معدوم.. كما يجب أن يكون لأهل القديح الكرام العقلاء حفظهم الله ردة الفعل الراشدة التي تتماشى مع أمن الوطن وتعميق الانتماء له دون مزايدة، أو تضخيم، أو نوايا، أو اتهام لأي طرف ليس له ذنب، أو استغلال الحدث فيما يخرجه عن سياقه ومشهده الطبيعي، أو استعمال البسطاء وتهييجهم فيما يعزز أمنيات المتربصين بنا. فجهاتنا الأمنية خلف كل إرهاب بقوة وعدل وحزم مهما اختلف المكان.. حفظ الله بلادنا من كل سوء ورد كيد الحاقدين وجعلنا مطمئنين مستقرين في وطننا.. مستشار إعلامي