حان الوقت لتحويل العبارة الشهيرة التي تتحدث عن أهمية مدرسة الأم لتصبح "الأم مدرسة إذا أعددتها..أعددت جيلا ينبذ الإرهاب"، فمدرسة الأم باتت أكثر خطرا بعد أن اخترقتها مخططات الإرهابيين الذي سعوا لأدلجتها. وأمام هذه التحولات في استهداف مدرسة الأم كشف متخصصون في التربية وعلم النفس أن أدلجة الأم أولى خطوات إنشاء جيل قائم على التطرف والإرهاب. وقال مراقبون إن المعلومات التي أفصحت عنها الجهات المختصة بشأن توجه التنظيمات الإرهابية إلى توظيف بعض الأسر، خصوصا الأمهات لنشر الفكر التكفيري مؤشر خطر على أن أساليب المنظمات الإرهابية بدأت تتحول إلى طرق أخرى بعد أن باتت الطرق السابقة المستخدمة في تجنيد الشباب مكشوفة. في هذا الشأن، أكد عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف الدكتور عايض الزهراني أن الأم عنصر مهم في عملية التأثير والتأثر، فشخصية الأم كأنثى شخصية عاطفية يمكن التأثير فيها بسهولة، وفي المقابل هي شخصية مؤثرة وبقوة في محيط الأسرة، خصوصا أبنائها، فالأم تصنع ثقافة مجتمع بأكمله. وأشار إلى أن التنظيمات الإرهابية أدركت أثر الأم وأخذت في غزوها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي سهلت الوصول إلى المرأة حتى في مطبخها. وقال إن الفكر المتطرف له مخططوه الذين يسعون لمعرفة كيفية الوصول إلى الشباب، مشيرا إلى أن الوصول إلى الشباب عن طريق الوالدين من أقصر الطرق، لا سيما أن المتورطين في اعتناق الفكر الضال والخروج لمواقع الصراع كانوا يلامون من قبل المجتمع بأنهم عاقون لوالديهم ولهذا بدأت التنظيمات الإرهابية في الانطلاق من هذه النقطة. وأضاف الزهراني أنه لا بد أن يواجه هذا الاستهداف ببرامج توعوية مضادة من خلال وسائل الإعلام والبرامج الاجتماعية والأعمال التلفزيونية، مؤكدا على أهمية أن تستغل برامج رمضان لتوعية الأسرة بخطورة الفكر المنحرف. بدوره، وقال التربوي – مدير تعليم سابق- علي الثبيتي إن الأم اليوم ليست مدرسة بل أمة، مملكة في كيانها، وسلطتها، ونفوذها، ومن هنا فإن تأثيرها يكتسب قوته من مكانتها في الأسرة والمجتمع التي فرضتها طبيعة العصر، ومتطلبات الحياة. وأشار الثبيتي إلى أن هناك مسلمات يجب أن نقف أمامها في شخصية الطفل وهي أن الطفل كائن حي متفاعل يتأثر بمن حوله، وعلماء النفس والتربية يقررون أن شخصيته تتشكل في سنواته الست، وقبل دخول المدرسة. وفي ضوء هاتين المسلمتين ندرك أهمية دور الأسرة، والأم التي تحتضن الطفل، وتلقمه القيم والمبادئ، كما تلقمه أسباب العيش والحياة. وأوضح أن العدوانية عند الأطفال التي تغرسها الأم، وتسقيها بأسلوب التعامل في القول والفعل، هي بذرة، وغِراس المستقبل، فينشئ ناشئا، يحمل في قلبه، وعقله بذور الإرهاب والعنف، والتفجير، والتدمير. وزاد: "الأم ربما تصنع طفل المستقبل الإرهابي، وأقول تصنع، ولا تربي، لأن الإرهاب يؤدي إلى الموت، والموت في عصرنا أصبح صناعة، ويكون ذلك إمما بالإفصاح عن تبني الأفكار المنحرفة أو مشاهدة العنف، وفعله والقسوة في التعامل، وإعجابها، وتفاعلها مع الشخصيات الإرهابية أمام أطفالها". وأضاف أن الأم يجب أن تشارك في حماية أطفالها، وإعدادهم ليكونوا فاعلين، إيجابيين، مسالمين، يبنون، لا يهدمون، ينشدون الحياة، لا الموت، لديهم ولاء، وانتماء، لدينهم ووطنهم، والأم، أمة إذا أعددتها أعددت جيلا ينبذ الإرهاب. إلى ذلك، تؤكد مديرة إدارة تعليم الكبيرات بالطائف مسفرة الزهراني أن الأم محور مهم في توجيه السلوك ولكن للأسف بعض الأمهات يعانين من أمية فكرية وثقافية رغم شهاداتهن العلمية، وبالتالي يسهل التأثير في الأم. وقالت إن الأم التي تحمل فكرا مشوها تؤثر بلا شك في أبنائها الذين ينظرون إليها على أنها قدوة، ولذلك يجب أن تؤهل الأم لهذه المهمة الجسيمة فهي يعول عليها لإنتاج الأجيال ولذلك يجب أن تكون واعية بالأحداث التي تدور حولها ومتسلحة بالعلم والثقافة حتى تكتشف كيف يفكر أبناؤها وتحميهم من الانحراف الفكري. وأشارت إلى أن القنوات الفضائية المشبوهة والمؤدلجة لها تأثير كبير في الأسر، خصوصا السيدات اللاتي لا يفرقن بين الغث والسمين فيما يعرض ويتأثرن بسرعة ببعض الأفكار.