«أجنحة في زنزانة»... كتاب جديد في أدب الرحلة من تأليف الكاتب السوري مفيد نجم صدر ضمن مشروع ارتياد الآفاق بين المؤسسة العربية للدراسات والنشر والمركز العربي للأدب الجغرافي- دار السويدي في أبو ظبي. حاز الكتاب على جائزة ابن بطوطة لليوميات للعام 2014 – 2015 التي يمنحها المركز. في مقدمته ليومياته البديعة التي كتبها عن سنوات السجن، يفتح مفيد نجم مغاليق نفسه التي أسرتها تجربة مريرة مع الزنازين والقضبان على شتى الأسئلة العميقة المتعلقة بالتجربة والكتابة. ينشطر الكاتب صاحب التجربة المديدة مع السجن بسب آرائه ويتحول، هنا في يومياته، إلى أنا وآخرها، ويتحاوران: «أعرف يا شبيهي وآخري ما الذي تريده مني، أنت تحاول أن تستعيدني من غيابك، لكي تستردني من ماضيك، من دون أن تدرك ما تفعله سيجعلني أعيش تجربتي المرة مرتين، مرة لأنك تريد أن توقظني من نسيانك، لأدرك مدى الخيبة التي خلفها نسيانك لي، لكي اروي لك حكايتي التي ستصير في ما بعد هي حكايتك، التي ستعيشها خارج زمن التجربة، التي عشتها بكل قسوتها العارمة، والطاعنة في المرارة والأسى والقهر، فأصير أنا ظلك ودليلك ليس الا». بلغة حية، نابضة متوترة حينا، ومتأمله أحيانا يكتب صاحب اليوميات تجربته الطويلة مع السجون السورية مستعيدا وقائع اللحظات والساعات والأيام، تتحول كتابته إلى لوحات لمشهد السجن لوجوه السجناء وقد تحولت إلى وجوه شبحية بعيدا شمس العالم، المهاجع الكبيرة والزنازين المنفردة، أصوات التعذيب، ساعات التحقيق الطويلة، الإهانات الكاسرة لرجولة الرجال، الآلام النفسية، والوقوف على حافة الجنون، عن ساعات الفراغ الطويلة المعبأة بالتوقعات التي لا تتحقق، وعن موت الرغبة، عن التوق إلى الحرية، والشوق للأهل، عن النقاشات السياسية بين السجناء، وبؤس السجانين، عن لؤم الضباط الكبار، عن المعتقلين المنتظرين دورهم لتنفذ بهم أحكام الإعدام، عن الشجاعة والخوف عن باحة السجن، والفسحة القصيرة تحت شمس الله. وما السجن، كما ينعكس في يوميات مفيد نجم، سوى سوريا نفسها، ولكن في حيز ضيق. فهي سوريا معتقلة بقمرها وشمسها وطبيعتها وعمرانها وإنسانها، سوريا الزمن الميت، والجريمة اليومية. يتساءل صاحب اليوميات: «كيف للحكاية الا تخون نفسها، والا تصبح ظلا للحكاية، أو صدى لها، وان لا يصبح كاتب الحكاية هو بطلها الحقيقي، الذي يعيد اختبار عمق آلامها، وقهرها وعنفها المادي والمعنوي، بعد أن عاشها بطلها الحقيقي». يوميات مفيد نجم وثيقة أدبية شفافة وثقيلة عن عالم جحيمي مظلم، استحق عنها صاحبها جائزة اليوميات وبإخراج هذه اليوميات إلى النور تكرم الجائزة أدب السجن بوصفه رحله المراوحة في المكان الأقسى خارج الحرية، ورحلة الغوص في ظلمات العالم للعودة من هناك بشعلة الحرية. يقع الكتاب في 240 صفحة من القطع المتوسط. قام بتصميم الغلاف الفنان ناصر بخيت من السودان.