×
محافظة المدينة المنورة

دورة تدريبية لمنسوبي (سرايا الطبابة)

صورة الخبر

إشكالية الخطابات الفقهية المتشددة تبدو اليوم أكثر وضوحاً فيما يخص قضايا المرأة لأنها أول ضحايا الفقه المتشدد، ابتداءً من الممارسات السلوكية العنيفة تجاهها وتشديد الوصاية عليها باعتبارها قاصراً وفرض رأي فقهي واحد على ملبسها ، ومروراً بعدم أهلية المرأة للولاية والمشاركة في القضاء، وانتهاء بقيادة السيارة باعتبارها من الأمور الحياتية الحديثة التي ليس لها مستند فقهي مهما بلغت درجة تشدده. وفي كل الأحوال تقوم الخطابات الفقهية المتشددة حول المرأة على أقوال وتأويلات لفتاوى لا تستند لمقاصد الشريعة السمحاء أو أنها تلجأ لأحاديث ضعيفة باعتبارها مستنداً لمثل تلك الفتاوى التي تؤدي إلى انتشار سلوكيات غير سويّة تجاه المرأة لا تتناسب وحقيقة الدين الانسانية. والفقه كما نعرف هو «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من الأدلة التفصيلية، وهو أيضاً يمثل جزءاً من خطاب الله تعالى لعباده المكلفين، بما يشمل ذلك الخطاب الخاص للإنسان، أو الخطاب العام للجماعة المسلمة والمجتمع». أما الخطاب الفقهي فهو لا يمثل إلا شكلاً من أشكال فهم الأحكام الشرعية وتأويلاتها بناء على رؤية محددة في زمان ومكان وسياق محدد قابل للتجديد والتغير. في هاشتاغ «حقوقنا كمواطنات» تقول مغردة «من حقي ألا أعامل كقاصرة وأنا بالغة .. ولا كمجنونة وأنا عاقلة». وقالت أخرى «في مجتمعنا يغتصب البعض عقول النساء وتتساوى لديهم المرأة بالسفيه والطفل ثم يرددون أن المرأة مكرمة، فعن أيّ كرامة يتحدثون؟» . أمام هذه الأصوات المتضررة من التشدد في التعامل مع المرأة تتضح الحاجة لتبني خطابات فقهية تقوم على سماحة الدين وأهدافه في التعامل مع المرأة باعتبارها إنساناً كامل الأهلية خُلق من نفسٍ واحدة كما خلق الرجل، وكُرم باعتباره من بني آدم. مثل تلك الخطابات ترتكز على نبذ العنف ضد المرأة أياً كان مصدره وتعمل على ترسيخ إنسانية المرأة في الحياة العامة والعمل والحركة والتعاملات الاقتصادية والأحوال الشخصية والمعاملات المدنية. وتلك الخطابات الفقهية تقوم على التجديد الفقهي بالرجوع إلى مصادر التشريع الأصلية التي استقى منها الفقهاء أي الكتاب والسنة وامتلاك أدوات الاجتهاد المتمثلة في الابتعاد عن أسر التقاليد مع الاستفادة من فقه الواقع وفقه المقاصد وليس فقه الأخذ من الفتاوى المتشددة والتي لا يخلو منها زمان أو مكان. إن التخلي عن التشدد الفقهي سيجعل المجتمع أكثر تصالحاً مع ذاته كما يجعل الكثير من قضايا المرأة المعلقة قابلة للحلول ويأخذنا خطوات نحو إنهاء حالة التأزم التي تعيشها المرأة اليوم.