بيروت: كارولين عاكوم قال نائب رئيس مجلس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية المقال قدري جميل، إن كل المعلومات التي جرى تداولها بشأن إقالته من منصبه، ولا سيما تلك التي ربطت بين استبعاده ولقاءات مع مسؤولين أميركيين، «سطحية ومبتذلة». ووجه جميل انتقادات لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي أقاله بشكل مفاجئ من منصبه أول من أمس بعد أنباء أفادت بلقائه مع السفير الأميركي الخاص بسوريا روبرت فورد في جنيف السبت الماضي. وقال جميل إن النظام «يريد كل شيء تحت سيطرته وبالتنسيق معه». كما وجه انتقادات ضمنية للائتلاف السوري المعارض، وقال إن سياسته «لا تختلف عن سياسة الحزب الواحد». وبينما رجح محللون أن إقالة جميل المفاجئة جاءت باعتباره «رجل روسيا»، بسبب علاقته القوية بأصحاب القرار في موسكو، خصوصا أنه يقيم هناك منذ مدة مع عائلته وأنه شيوعي وحاصل على شهادته في الاقتصاد من الاتحاد السوفياتي السابق، واحتمالية ترشيحه من الروس لقيادة المرحلة المقبلة من خلال مؤتمر «جنيف 2» للسلام في سوريا باعتباره شخصا توافقيا يجمع بين كونه جزءا من الحكومة السورية والمعارضة معا. إلا أن جميل نفى أن يكون «رجل روسيا»، مؤكدا أنه يتعامل مع كل الأطراف المعنية في الأزمة السورية، في إشارة إلى الروس والأميركيين. وأكد جميل في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه لا صحة لكل ما أشيع كذلك حول الدعم الروسي الذي يتلقاه لتأهيله ليكون رجل المرحلة المقبلة في سوريا بدلا من الرئيس السوري بشار الأسد، قائلا: «لم يطرح هذا الموضوع علي، كما أنني لا أسمح ببحثه؛ لأنني أعتبره من مهمة طاولة الحوار السورية - السورية في مؤتمر جنيف 2». وأكد جميل، الذي يرأس حزب الإرادة الشعبية للتغيير والتحرير، أن موقف الجبهة التي يمثلها كان ولا يزال يرفض شرط تنحي الأسد، انطلاقا من أن هذا الأمر «مضر بالمصلحة الوطنية ويقفل الباب أمام أي حوار»، مضيفا: «قبل دخولنا إلى الحكومة وبعد خروجنا منها، موقفنا ثابت لجهة رفض فرض الشروط المسبقة». وكان جميل، الذي يضع نفسه دائما في خانة المعارضة، تسلم منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في يونيو (حزيران) 2012 ضمن حكومة رياض حجاب (انشق لاحقا)، في خطوة أراد بها الأسد إدخال من يسميهم «المعارضة الوطنية» إلى دائرة الحكم لامتصاص نقمة الاحتجاجات والثورة الشعبية التي اندلعت ضده. وفيما برر النظام قرار إعفاء جميل من منصبه بـ«تغيبه عن مقر عمله وقيامه بلقاءات في الخارج من دون التنسيق مع الحكومة السورية»، رد جميل على هذا الأمر بالقول: «نحن جبهة سياسية معارضة مستقلة نجري اتصالاتنا منذ البداية من دون تنسيق مع أحد إلا مع أنفسنا؛ لأن أي سياسة لا تتوافق مع هذا المبدأ تفقدنا دورنا المستقل، وهو الأمر الذي لم يقبل به النظام، وهذا دليل واضح ليتأكد من لا يزال يصر على رفضنا كمعارضة أننا في صلب المعارضة ولا نقبل بالتنازل عن مبادئنا». وواصل جميل انتقاده لنظام الأسد قائلا: «كتركيبتين (نحن والنظام) مختلفتان في السياسة والتوجهات لا يمكن لعلاقتنا أن تستمر، وكانت الفترة التي بقينا فيها معا (سنة و4 أشهر)، خلال وجودنا في الحكومة هي الفترة القصوى». وأكد جميل عدم حصول أي اتصالات بينه وبين أي جهة أميركية أو روسية بعد فصله من منصبه، كنائب مجلس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية، ويضيف ضاحكا: «تلقيت اتصالات تهنئة بخلاصي من أصدقاء في المعارضة، وكذلك من أشخاص محسوبين على النظام». وفي حين يقول جميل: «أنا غير متشائم» من نتائج «جنيف 2»، يرى أن «هذا الوليد سينجح في إخراج سوريا من أزمتها». أما فيما يتعلق بالمشاركة في «جنيف 2»، فقال جميل: «لم تحدد طبيعة تمثيلنا لغاية الآن، لكننا نسعى كي تمثل كل أطراف المعارضة على عكس الأطراف الأخرى (قاصدا الائتلاف الوطني السوري المعارض)، التي لا تختلف عن النظام في اتباعها سياسة الحزب القائد، بينما نحن نعمل على معارضة تعددية تمثل سوريا المستقبل، وهدفنا، كمناضلين ثوريين، هو إيقاف نزيف الدم وإنقاذ سوريا مما هي فيه اليوم، بإيجاد المخرج الآمن لهذه الأزمة من خلال المصالحة والحوار، وكل ما هو غير ذلك لا قيمة له بالنسبة إلينا». وأبدى جميل استغرابه القول بضرورة تمثيل المعارضة في «جنيف 2»، كوفد موحد، معتبرا أن «التعددية مطلوبة والاتصالات مع كل الأطراف المعارضة والنظام مستمرة»، ورأى أن «جنيف 2» بدأ منذ فترة و«كل ما يجري اليوم يدور في فلكه، ونهايته ستكون يوم انعقاده، بالإعلان عن نتائج كل هذه المباحثات». وتعهد جميل بالعودة إلى سوريا قريبا، وقال: «سأعود إلى دمشق في النصف الثاني من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بعدما أنهي أعمالي في موسكو، ولأمارس دوري كنائب في البرلمان وممثل للشعب السوري الذي انتخبني».