عشية مرور عام على الشغور الرئاسي في لبنان، يعتبر وزير السياحة ميشال فرعون انه «بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، تجري محاولة لضرب النظام وآلية انتظام عمل المؤسسات»، مشيراً إلى أنه «بعد مرور عام على الشغور، بات من المعروف مَن هم الأفرقاء والأحزاب الذين لا يشاركون في الجلسات ويعطّلون النصاب ولأيّ أسباب». وإذ يدنو موعد استحقاق تعيين قيادات أمنية جديدة منذراً بأزمة سياسية، يؤكد فرعون في حديث أجرته معه «الراي» أن «تعيين قائد الجيش أمر يستحق تشاوراً واسعاً»، لافتاً إلى أن «استحقاق قيادة الجيش هو في سبتمبر. الآن هناك تعطيل أو شلل في الاستحقاق الرئاسي. وبالتالي بإمكاننا الانتظار قليلاً على موضوع القادة الأمنيين، أو وضع كل الأمور على الطاولة». وفي ما يلي نص الحديث: • يطوي العام الأول للشغور الرئاسي 23 جلسة نيابية غير مكتملة النصاب، مَن يتحمّل مسؤولية احتجاز الاستحقاق الرئاسي رهينة؟ - لا شك في أن 25 مايو سيكون ذكرى مرور عام على الفراغ الرئاسي. وصحيح أن الحكومة تمكّنت من ملء هذا الفراغ بشكل أو بآخر، حيث كان في أساس مهماتها القيام بهذا الأمر، ولكن كان من الطبيعي في ظل تعطيل الاستحقاق الرئاسي ان يتمدّد الشلل الى كل المؤسسات. ومن هنا أسميتُ الأمر تعطيلاً. • مَن يتحمّل مسؤوليته؟ - مَن لا يشاركون في جلسات الانتخاب. بعد مرور عام على الشغور الرئاسي، بات من المعروف مَن هم الأفرقاء والأحزاب الذين لا يشاركون في الجلسات ويعطّلون النصاب ولأيّ أسباب. ولا لزوم للتذكير دائماً بأن الدستور واضح وهناك مسؤولية وطنية ودستورية ومسؤولية لأي نائب تجاه ناخبيه بوجوب المشاركة في الانتخابات، وفي لبنان كلنا متمسّكون بالنظام الديموقراطي، لا سيما المجتمع المدني، إذ إن الحرية والديموقراطية جزء أساسي من النظام في لبنان. لكن بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، تجري محاولة لضرب النظام وآلية انتظام عمل المؤسسات، من خلال نظريات تجعل تعطيل نصاب جلسات الانتخاب مثلاً حقاً مشروعاً، علماً ان هذا الأمر غير صحيح لأن انتخاب رئيس هو عمل أساسي للبرلمان، وعلى النواب انتخاب رئيس، وفي الماضي جرت معارك انتخابية، وحتى إبان الحرب في لبنان، وكان بالإمكان أن يتعطل الاستحقاق حينها لكن ذلك لم يحصل. لذا فإن ظاهرة التعطيل التي نشهدها اليوم هي ظاهرة جديدة ونحن نأسف لوجودها. ونرى ضرورة وجود دورات انتخاب مفتوحة يشارك فيها الجميع، وتنتهي بأن يصبح رئيساً للجمهورية مَن يحصل على الأكثرية. • أي أكثرية؟ - أي أكثرية كانت. فعملياً حين تكون هناك استحالة لفوز رئيس من هذا الطرف أو ذاك، «تركّب» أكثريات. ومن الطبيعي اليوم، بعد فتح الدورات وكثرة المرشحين وقيام حوار معين، لا بد أن يحصل بالنتيجة انتخاب رئيس أو الاتفاق على رئيس قبل النزول إلى البرلمان، إنما تعطيل الجلسات أمر ليس فقط غير سليم وغير محبذ، بل أيضاً هو طعن مباشر في الدستور وروحه وفي نظامنا الفريد في المنطقة. اليوم لا رئيس للجمهورية ولا قانون للانتخاب في لبنان، وبالتالي هناك ثغرة على مستوى تداوُل السلطة الذي يشكّل ركيزة النظام البرلماني الديموقراطي. • روزنامة الاستحقاقات اللبنانية، تنذر بموعد انتهاء ولاية القادة الأمنيين الواحد تلو الآخر، هل برأيك سيتم اختيار خلَف لهؤلاء أم التمديد لهم؟ - الجواب موجود عند القول ان هناك محطات للقادة الأمنييين، والمحطة الأساسية ستكون في سبتمبر، وستكون هناك محطة ثانية. وتعيين قائد الجيش أمر يستحق تشاوراً واسعاً. إلا أن موعد هذا الاستحقاق في سبتمبر. • لكن بازار المواقف حول هذا الاستحقاق بدأ؟ - للأسف بدأ البازار أو التوتر حول هذا الاستحقاق. • إذا لم يتم تعيين الخلف أو التمديد للقادة الحاليين، ما الذي يمكن أن يحصل حينها، هل هناك خوف من فراغ في القيادات الأمنية؟ - كما أسلفتُ، فإن استحقاق قيادة الجيش في سبتمبر. الآن هناك تعطيل أو شلل في الاستحقاق الرئاسي. وبالتالي بإمكاننا الانتظار قليلاً على موضوع القادة الأمنيين، أو وضع كل الأمور على الطاولة. • سلة واحدة؟ - سلة واحدة كما حصل في اتفاق الدوحة. هناك بعض المطالب الشرعية وبعض المطالب غير الشرعية، مطالب ممكنة ومطالب مستحيلة، الحوار نجح في لبنان في المحطات الكبيرة. ونجحنا في هذه السلة في الدوحة. ولا أستبعد حصول ذلك مجدداً، فنحن أمام استحقاقات عدة، منها الاستحقاق الرئاسي، قيادة الجيش، قانون الانتخاب... وربما رئاسة الحكومة أو غير ذلك. وبالتالي هذه الاستحقاقات تستحق اتفاقاً على سلّة. • العماد عون كان لوّح بالتصعيد في حال لم تتم الاستجابة إلى مطالبه بالتعيينات، هل تخشون على الحكومة كضابط إيقاع سياسي في ظل الفراغ الرئاسي لبنان حالياً؟ - لا نخاف على الحكومة، إذ إنها تملء اليوم الفراغ. ومع شلل مجلس النواب واستمرار تعطيل الاستحقاق الرئاسي، هناك هاجس عام داخلي وخارجي للمحافظة على الحكومة.. وهذه مسؤولية الجميع. • هل تعتبر أي تلويح بالاستقالة أو الاعتكاف مجرد تهويل أو تخويف وهز عصا.. أو من الممكن أن يذهب العماد عون إلى تنفيذ ما هدد به ويتبعه إلى ذلك «حزب الله»؟ - لا نريد تبسيط الأمور. ففي النهاية كل طرف يتخذ خياراته. ونحن لا نحبّذ خيار تعطيل الاستحقاق الرئاسي، ولا نؤيده أبداً. لكنه اتُخذ في مكان ما، واليوم قرار التعطيل أو الاعتكاف نراه أيضاً «ليس في مصلحة الناس» ويؤدي إلى توتير المساحة المتبقية لفكّ الاشتباك السياسي، هذا إضافة إلى الانعكاس الاقتصادي على مصالح الناس. وبالتالي لا يمكننا أن نؤيد هذا الخيار، ولا سيما أن استحقاق تعيين قائد للجيش موعده في سبتمبر، ولم يطرح موضوع الإتفاق على سلة. ولذا نأسف إذا كان هناك اتجاه للتصعيد، وفي الوقت نفسه سنرى كيف ستتطور الأمور وكيف تكون المعالجة. • الحكومة تعمل بالحد الأدنى وعلى محك المحافظة على تماسكها، والبرلمان مرشح إلى مزيد من البطالة نتيجة الخلاف حول تشريع «الضرورة».. ألا تعتقد أننا أمام ما يشبه الانحلال المؤسساتي في لبنان؟ - فلنرَ دائماً نصفيْ الكأس، الفارغ والممتلئ. النصف الممتلئ هو كما ذكرتُ وجود اتفاق سياسي استثنائي داخلي خارجي على الاستقرار في لبنان. فلبنان هو اليوم بلد متنفَّس ولم يعد بلد مواجهة، وأعتقد أن ما من مخاطر أمنية، هذا أولاً. أما ثانياً، فهذه الحكومة ملأت الفراغ عملياً، وثالثاً هناك حد ادنى من المناعة حيال المشاكل السياسية في لبنان إذا لم تقترن بتدهور أمني. أما النصف الفارغ، فهو ان الوضع اليوم لا يسمح بأزمة سياسية طويلة جديدة. فقد حصلت أزمة قبل شهرين حول آلية عمل الحكومة، حيث لم تكن هذه الآلية واضحة لأن الدستور لم يلحظ مثل هذا الأمر في ظل الفراغ الرئاسي، وبالتالي وقعت أزمة سياسية. وهل يحتمل لبنان اليوم بسهولة أزمة سياسية طويلة وحادة؟ بالطبع هذا سؤال يُطرح وهو هاجس فعلي. • بعد اعترافات الوزير السابق ميشال سماحة بكل التهم التي وُجهت إليه، صدر الحكم بحقه وقضى بسجنه 4 سنوات ونيف مع تجريده من حقوقه المدنية. كيف قرأتَ هذا الحكم وهل تعتبره عادلاً؟ - لست محامياً، وطرحتُ على نفسي السؤال نفسه. الأكيد أن ما ارتكبه سماحة عملية إرهابية بشكل أو بآخر. وبالتالي استغربتُ الحكم وسألتُ كيف تم التوصل إليه وما الذي ستفعله الدولة اللبنانية وكيف ستميّز هذا الحكم. على كل حال لا أرى الحكم عادلاً، وأقرأ حالياً ما هي الثغرات ليتم التدقيق أكثر في هذا الحكم ولماذا تم اتخاذه وكيف. • بالانتقال من السياسة إلى السياحة، وفي ضوء ما تقدم يضاف إليه الأوضاع الملتهبة على الحدود ومعركة القلمون، نحن على موعد مع أي صيف في لبنان هذه السنة؟ - رداً على هذا السؤال، وبمقارنة الوضع اليوم بما كان عليه العام الماضي، يمكن تشبيه ما يحصل اليوم بالعام الماضي. ونأمل دائماً أن نحقق نجاحاً نسبياً. • هل بالإمكان القول ان موسم هذا الصيف سيكون أفضل من موسم 2014 سياحياً؟ - إذا اعتبرنا أن هذا الموسم هو كموسم العام الماضي، فموسم 2014 كان ناجحاً في الصيف وكذلك في نهاية العام. وحتى الفصل الأول من هذه السنة، اي في فترة التزلج، كان ناجحاً جداً. الحماس حول موسم الصيف مهم جداً، ونحن تقريباً في نفس جو العام الماضي، إذ أن التهديدات الأمنية على الحدود الشمالية ليست بالجديدة والجيش مسيطر على الوضع. وداخلياً الوضع ممتاز أمنياً، والتهديدات الإرهابية موجودة أينما كان، وعملياً هناك عمل استثنائي للقوى الأمنية وثمة تنسيق كبير في هذا المجال. اللبنانيون في البلاد العربية يتوافدون إلى لبنان بكثرة، وهم يحضرون في كل الأعياد، من الكويت ودبي وغيرها. وهؤلاء يجذبون من معارفهم أيضاً سياحاً آخرين. فاللبنانيون في الخارج هم صورة للمجتمع الداخلي المقيمين فيه. واللبنانيون المقيمون في الكويت مثلاً، وبعضهم مضى على وجوده فيها ما يزيد عن 20 عاماً، يسألون مع كل موسم صيف هل نذهب إلى لبنان هذا العام أم لا؟ وهم يتخذون القرار بالمجيء. ما يعني أنهم البوصلة، اذ حين يأتي اللبناني يأتي السائح أيضاً. • هل من خطة ما لإنعاش الوضع السياحي أكثر باتجاه دول الخليج على مشارف موسم الاصطياف؟ - قمنا بحملات تحت عنوان «live love Lebanon» و«لبنان الحياة» وستتم حملات على محطة أم بي سي» ونبحث أيضاً كيف يمكننا التسويق أكثر في هذا الإطار في الكويت. ونلاحظ أن الكويتيين مثلاً يتخذون قرارهم بالمجيء إلى لبنان احياناً كثيرة قبل اللبنانيين المقيمين في الكويت، وبمعزل عن اي حملات إعلامية. فالكويتيون يعرفون لبنان ويعتبرونه بلدهم الثاني ولا سيما أن كثيرين منهم لديهم بيوت في لبنان، وهم يسوّقون لبنان في كثير من الأوقات. ولكن علينا نحن بالتأكيد القيام بواجباتنا تجاههم دائماً.