في عام 1957م دعت دولة الكويت الى انعقاد مؤتمر الأدب العربي في رحابها وقد تقاطر الأدباء من كل أنحاء الوطن العربي الى منطقة الشويخ حيث مقر جامعة الكويت وكان الوفد السعودي مكونا من الشيخ احمد محمد جمال (جريدة حراء) والشيخ احمد السباعي (جريدة قريش) وعبدالحميد محمد احمد وكاتب هذه السطور من جريدة (الخليج العربي), وما ان سمعت بذلك حتى قفزت من مقعدي الى مكتب الخطوط السعودية وحجزت لنفسي تذكرة الى الكويت وعندما وصلت الى هناك رحب بي الأخوة هناك وأسكنوني في مساكن الوفد السعودي الذي انست بوجوده واستفدت منه كثيراً. وعندما أعلن برنامج المؤتمر وكانت الافتتاحية موضوعها الحماسة في الشعر العربي المعاصر وتحدث المتحدثون اللبنانيون عن ميخائيل نعيمة وجبران ومن سوريا سعيد عقل ومن العراق عدد من الشعراء وتحدث المتحدثون من المغرب ومصر والسودان وغيرها من البلاد العربية إلا شخصاً واحداً من مجمل السفراء لم يأت ذكره على لسان بعضهم هو الشاعر الملهم عبدالمحسن الكاظمي فقفزت الى منصة التقديم وقدمت كلمة يسيرة عن ذلك الشاعر وألقيت بعض محفوظاتي من شعره وكان لتلك الكلمة صداها حيث قوبلت بالتصفيق والإشادة وكان ذلك اول نصر حققته في تلك الفترة التي اسست عقلي كأديب وصحفي ولدي من الامكانات التي تجعلني احقق حلم الوقوف مع الأدباء الكبار. لم يبدأ المؤتمر عمله إلا عند الساعة الرابعة من مساء السبت 20 ديسمبر 1958 (أي الواحدة زوالا بتوقيت المغرب)، واقتصرت هذه الجلسة الطويلة على حفلة الافتتاح وقد ألقي فيها ثماني عشرة كلمة.. أولها كانت للشيخ عبدالله الجابر الصباح رئيس معارف الكويت (وزير التعليم) وكلمة للأستاذ عبدالعزيز حسن السكرتير العام للمؤتمر الكويت.. وبينهما أدرجت كلمات الوفود: الجامعة العربية، الأردن، البحرين، تونس، الجزائر، السودان، العراق، السعودية، الجمهورية العربية المتحدة، عمان، فلسطين، لبنان، قطر، ليبيا، المغرب، اليمن. وكان اليوم التالي بداية العمل الجدي.. وقد استغرق صباحه اجتماع اللجان التي تبحث في مشاكل الكتاب العربي.. وبعدها نهض مندوب عمان فاكتفى بالثناء على المتحدث.. وهنا توالى طلب الكلام من المتطوعين للتعليق.. فوقف الأستاذ أحمد الشرباصي من الجمهورية العربية المتحدة، فأكد أن الموضوع لم يتناول بحق من لدن الدكتور خالص. ثم تقدم للكلام الدكتور سليم حيدر رئيس الوفد اللبناني (سفير لبنان بالمغرب) وبعد أن لمح إلى أن الموضوع ليس هو الموضوع الذي كان ينتظر من جانب الدكتور خالص بعد ذلك.. انتقد بعض ما جاء في حديثه عن البطولة قائلا، إن الأنبياء هم إرادة من الله فوق الأرض، وطلب رئيس الجلسة الشاعر محمد مهدي الجواهري (العراق) من الدكتور حيدر أن يكف عن الكلام، لكن الدكتور حيدر رفض أن يغادر القاعة.. وحاول الجواهري أن ينسحب.. ولكن تدخلا من مدير المعارف بالكويت أرجع الأمور إلى نصابها.. وهنا يسوغ أن نذكر أن كل بحث من البحوث السبعة كان يستدعي اجتماعا خاصا للمناقشة حوله يتكون من رئيس الجلسة والمقرر والكتاب من جهة والمتحدث والمعلقين من جهة ثانية، وتستمر هذه المناقشات صباح كل يوم, وبعد ظهر الاثنين: كان موضوع البحث الثالث: (البطولة كما يصورها ـ الأدب العربي في الأندلس وشمال إفريقيا) وكان المتحدث في الموضوع هو الأستاذ محمد المزالي (تونس) بينما بلغ عدد المعلقين عليه ثمانية: خمسة رئيسيون وثلاثة متطوعون: مفتاح الشريف (ليبيا) دكتور مهدي المخزومي (العراق) عثمان السعدي (الجزائر) عبدالله أحمد الشباط (السعودية) وحسين (الكويت) عبدالرحمن معاودة (قطر) عبدالهادي التازي (المغرب) الدكتور منصور فهمي (ج ع م) محمد عوض (السودان). استهل الأستاذ المزالي حديثه هكذا: «إني إذ أشعر بشرف تقديم مثل هذا الموضوع الخطير لتتناولوه بالتعليق والمناقشة لا أخفي عليكم أنني غير راض تمام الرضا عما انتهت إليه من بحث تحرير هو إلى الارتجال أقرب، ويعمل التعميم والتبسيط أنصف وأنسب». واختلفت نبرة المعلقين فمن مشيد بالحديث.. ومن متمم له ومن منتقد ومن متحامل، وفي المعلقين من استشهد بمجلة (دعوة الحق) مرتين متواليتين.. وذكر بعض الشعراء الناشئين المغاربة.. وكان في جملة ما قاله المعلق المغربي: لقد كان على الذين وزعوا المواضيع أن يقدروا وضع المغرب بالنسبة للأندلس.. فهو ـ كما تشهد بذلك كتب التاريخ ـ كان الثكنة الوحيدة لأبطال الأندلس، ومن صحن القرويين بفاس كانت تصدر الصيحات لصالح الأندلس. وفي مساء الثلاثاء كان موعد مهرجان الشعر والموسيقى: الكويت بائية، مصر تائية، فلسطين نونية، العراق غير ملتزم، الأردن رائية، السعودية النونية، الجزائر عينية. المدير العام لوكالة هجر للإعلام