لو كنت وزيراً لتركت (البشت) جانباً ورحت أجلس مع الفريق أناقشهم وأضع خطة العمل معهم، وأنزل إلى الميدان فأتفقد أمور من وليت عليهم. لو كنت وزيراً لقرأت سيرة كل الناجحين الذي أنشأوا وزارةً ناجحةً وقضوا على كل فساد إداري. لو كنت وزيراً لقرأت كتاب «حياة في الإدارة» للدكتور/ غازي القصيبي -رحمه الله- لأستقي منه حقيقة علم الإدارة والقيادة، ولدرست سيرته جيداً لأعرف السر وراء نجاحه عندما جعل كل بيت يضيء بأنوار الكهرباء دون انقطاع. لو كنت وزيراً لتلمست احتياجات الناس ولاستمعت إلى أنين المرضى ولأعدت الكثير من حسابات الماضي التي كانت تعيش في دهاليز الأسرة البيضاء. لو كنت وزيراً لكتبت إلى جميع منسوبي الوزارة: «اكتبوا حقوقكم، واعقدوا لها ورش عمل، ثم أجلس معهم في هذه الورش مساعداً ومعيناً» تماماً كما فعل معالي وزير التربية والتعليم الحالي د/ عزام الدخيل عندما رأيناه يجالس المعلمين في الورش. لو كنت وزيراً لجعلت جل وقتي في إيجاد مسكن مناسب لمن وليت أمرهم كي أخفف عنهم -قدر المستطاع- لسع سياط الإيجار التي ألهبت ظهورهم. لو كنت وزيراً لأمرت بإعداد استبانة تصل إلى كافة من سيسألني الله عنهم يوم القيامة وأسألهم سؤالاً واحداً: كيف أكون في خدمتكم؟؟؟ لو كنت وزيراً لقرأت كل تغريدة وكل مقال يهديني نصحاً، وأطرحها في نقاش مع بطانتي الصالحة من (نواب ومدراء وموظفين) ونضع على ضوئها خارطةً دماغيةً معرفيةً تتشعب فروعاً لتفاصيل ما يُكتب قلماً ويُغرد صوتاً. لو كنت وزيراً لأخذت جولةً ميدانيةً على جميع مناطق المملكة وقارنتُ بين ما أراه بأم عيني وبين التقارير الورقية التي تصلني من عيون الوزارة في هذه المناطق. لو كنت وزيراً لأعطيت اهتماماً أكبر للإحصائيات والرسوم البيانية لأنها تعطي المعلومة الدقيقة الصحيحة عن ماضي الميدان ووضعه الحالي ومستقبله المأمول. لو كنت وزيراً لأعطيت المعاملات الورقية حقها من القراءة والفحص الدقيق لمضمونها ومرفقاتها، فالخطاب الأخير قد لا يعطي تلخيصاً للمشكلة وعندها سأفتقر للتقرير المختصر المفيد. لو كنت وزيراً لعملت على إقامة توازن منسجم بين عدد الاجتماعات الرسمية واللقاءات الودية بيني وبين الموظفين. لو كنت وزيراً لقرأت كثيراً عن «فتنة المال والجاه والسلطة والمنصب» حتى استطيع مواجهتها بقوة المؤمن وثبات المسلم وحكمة الإداري الفطن وسياسة القائد المحنك، فالحياة في أحد أوجهها هي امتحانٌ بنوده فتن، والفتنة ربح فيها من أحسن إدارتها، وتضرر منها من أساء التعامل معها، والإيمان مهما بلغ ذروته في الفرد فهو لا يلغي إمكانية التعرض للافتنان، جاء في كتاب الله عز وجل «إن هِيَ إِلَّا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء»، والفتنة لم يُعصم منها أحد حتى الأنبياء قال تعالى: «ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب» وقال تعالى «وظنَّ داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخرَّ راكعاً وأناب» وصدق الشاعر حين قال: ألا إنما الدنيا على المرءِ فتنةٌ على كل حالٍ أقبلت أم تولت في الختام: لو كنت وزيراً لسألت صاحب السمو الملكي الأمير/ سعود الفيصل كيف زرعت كل هذا الحب الذي رأيناه في عيون وقلوب محبيك من الشعب، وكيف جعلت العالم كله يقف لك احتراماً وتقديراً حتى مع أولئك الذين اختلفوا معك، ولسألته كيف استطاع وعلى مدى أربعين عاماً أن يضع السيف والندى كلاهما في الموضع الصحيح فلا تختلط علي الأمور فأضع السيف محل الندى وأضع الندى محل السيف!! وختام الختام: لو كنت وزيراً لوضعت نصب عيني أن الدنيا لن تكون معي دائماً، وأنني ذات يوم سأُحشر وحدي، وأُحاسب وحدي، وأجازى وحدي (وقفوهم إنهم مسئولون).