ساسي جبيل (أبوظبي) أكد الدكتور هيثم سرحان أستاذ اللسانيات وتحليل الخطاب الأدبي، خلال حواره حول كتاب «ترجمة النفس: السيرة الذاتية في الأدب العربي الكلاسيكي»، في خيمة المعرض بمشاركة البروفيسور دوايت أف رينولدز محرر الكتاب وأحد أعضاء فريق التأليف الذي يعمل أستاذا للغة العربية في جامعة كاليفورنيا، ومترجم الكتاب والدكتور سعيد الغانمي، أن الاهتمام الكبير باللغة العربية من المشاغل المهمة في الثقافة العربية، وتعود أهمية الكتاب الذي يعرض اليوم إلى أنه يدحض فكرة مركزية في الثقافة الغربية المسيحية التي ترى في السيرة نوعاً أدبياً غربياً مسيحياً خالصاً، حيث إنه يحاول أن يوطن السيرة الذاتية ليبحث عن أصولها وامتداداتها في الحضارات والثقافات الأخرى، وذلك ليكون حقل السيرة حقلاً قابلاً للبحث عن هويات الأفراد والجماعات. وقال البروفيسور رينولدز، الذي صدر له كتابان بالإنجليزية هما: «الفلكلور العربي» و«شعراء أبطال وأبطال شعراء»، إنه وإلى هذا اليوم عندما نعود إلى تاريخ الأدب العربي الكلاسيكي لا نحصل على المعلومات عن هذا النوع من السيرة الذاتية من خلاله، فمنذ بداية هذا المشروع قام بمناقشته مع بعض زملائه لمعرفة إن أمكن تسمية هذه النصوص بالسير الذاتية أو أنه من المفترض استخدام كلمة أخرى؛ لأنه قرأ في مقالة علمانية نشرت في سنة 1938 أن مؤلفها جمع بين 25 نصاً وسيرة ذاتية تقريباً في الأدب العربي. وأضاف: بدأنا بكتابة هذه النصوص، وأثناء الكتابة وجدنا نصوصاً أخرى حتى وصلنا إلى 100 نص من السير الذاتية العربية في القرون الوسطى، وبعدها قمنا بتجميع ما يقارب 150 نصاً وسيرةً ذاتية باللغة العربية ومن كل جوانب الشرق الأوسط. وأشار إلى أنه عند الحديث عن الثقافة العربية وفي وجه التحديد في التراث العربي، فنجد أن السيرة الذاتية قيد لها أن تتطور لأسباب كثيرة ومن أهمها؛ ورود عاملين أساسيين هما؛ «السيرة النبوية» التي شكلت محفزاً كبيراً لتطور السيرة الذاتية، فالشخصيات الإسلامية من شأنها الاقتداء بالسيرة النبوية وبالنهج النبوي، حيث حرص جميع العلماء المسلمين على المطابقة بين أفعالهم وأفعال النبي (صلى الله عليه وسلم)، الذي بدوره أدى إلى تطور السيرة الذاتية وتطور العلم الذي رافقها كمثال؛ علم تراجم الرجال، وعلم الجرح والتعديل، وعلم الطبقات، وعلم الرجال، والعامل الثاني الذي يقترن بالاطلاع على تجارب الأمم العربية المجاورة وبالأخص الثقافة الفارسية واليونانية كمثال؛ المسكويه في كتابه «تجارب الأمم» أن العرب والمسلمين الأوائل اطلعوا على سيرة كيسرة أمشروان، حيث أن هذا الإطلاع دفعهم إلى كتابة سيرة للنبي (صلى الله عليه وسلم) تحدث عن أخباره، ومناقبه. من جانبه، تحدث الدكتور سعيد الغانمي،عن قصة ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية وعن السياقات الثقافية المتعلقة به والأهمية التي يمثلها الكتاب ومنزلته في الثقافة العربية، موضحاً أن الكتاب يشكل جسراً ثقافياً بين ثقافات غربية وعربية عدة، وبين الماضي والحاضر، وبين اللغة العربية واللغة الإنجليزية، وبين المترجم والكاتب، حيث يعتبر كتاباً حوارياً وتفاعلياً؛ لأنه مشروع مفتوح.