يجتمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد غدٍ الخميس، للبحث في رفع مستوى التعاون الأمني والعسكري في منطقة الخليج العربي بمواجهة الأطماع الإيرانية، واختار أوباما منتجع كامب ديفيد مكانا لهذا الاجتماع. ويهدف الاجتماع إلى مناقشة كيفية حل الصراعات المتعددة التي سببت الكثير من الاضطرابات، وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وسيتم بحث الاتفاق النووي مع إيران مع قادة دول الخليج. وستضاف القمة الجديدة إلى جبال «كاتوكتن» البعيدة في ولاية ميريلاند 100 كيلومتر عن البيت الأبيض في واشنطن، والتي يلتقي فيها أوباما في منتجع «كامب ديفيد» الجبلي بقادة دول الخليج، ومن ينوب عن بعضهم، والتفاصيل عنها معروفة منذ الآن، بعكس «كامب ديفيد» الذي لولا حساسية أحد الرؤساء الأمريكيين من شعوره بالحر الذي كان يزعجه لربما لم يكن له وجود. تاريخ طويل يمتلك منتجع كامب ديفيد الرئاسي الأمريكي تاريخا سياسيا طويلا، حيث شهد العديد من المؤتمرات الرئاسية والأحداث السياسية والنشاطات الرئاسية. وتأسس المنتجع بداية تحت اسم «مرحبا-كاتوكتين» كنزل لعملاء الحكومة الاتحادية وعائلاتهم، وفي عام 1942 تم تحويله إلى منتجع رئاسي على يد الرئيس فرانكلين روزفلت والذي سماه «شانغريلا» تيمنا بالفردوس التبتي المذكور برواية الأفق المفقود للكاتب الإنجليزي جيمس هيلتون. بعده وفي العام 1945، حوله الرئيس الأمريكي هاري ترومان منتجعا رئاسيا رسميا. وبقي على اسمه حتى أتى الرئيس دوايت أيزنهاور وغير اسمه، وسماه تيمنا باسم حفيده ديفيد. ويقع المنتجع في منطقة جبلية ذات مناظر خلابة محاطة بسياج أمني شديد الحراسة، وهو مغلق أمام الجمهور والزيارات العامة، ولا يشار إلى موقعه على خرائط متنزه جبل كاتوكتين لدواعٍ أمنية. ويديره المكتب العسكري للبيت الأبيض. مهد المعاهدات شهد المجمع مؤتمرات قمة عدة، أولها وأهمها كان لقاء القمة الذي تم في العام 1973 وجمع الرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون والأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي حينها ليونيد بريجنيف. وأتى هذا اللقاء بعد تغيير ميزان القوى في العالم بانتهاء الحرب العالمية الثانية، وظهور السلاح النووي، والتوازن الاستراتيجي التقليدي وغير التقليدي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، خصوصا في أوروبا. وعقدت هذه القمة لتنظيم العلاقات بين الجبارين. وفي 1978، شهد المنتجع توقيع أول معاهدة سلام عربية إسرائيلية، بين مصر وإسرائيل، عرفت بمعاهدة كامب ديفيد. ففي 17 سبتمبر من ذلك العام، وقع الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغين معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل واتفاق الحكم الذاتي في الضفة والقطاع، بعد 12 يوما من المفاوضات في كامب ديفيد، برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر. وفي العام 2000، عقدت معاهدة كامب ديفيد 2، حين رعى الرئيس الأمريكي بيل كلينتون مفاوضات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وذلك في 11 يوليو لحل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. دامت القمة أسبوعين وانتهت بالفشل إذ لم يتوصل الطرفان إلى حل يرضيهما معا. وفي نفس العام تشابكت الأيدي بمصافحة شهيرة في منتصف عام 2000 بين فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري حافظ الأسد، وبين رئيس وزراء إسرئيل آنذاك، إيهود باراك، وتناولا العشاء معا برفقة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون. وفي يومي 18 و19 مايو 2012، عقدت مجموعة الثماني قمتها الثامنة والثلاثين بالمنتجع، فكانت الأولى منذ انضمام روسيا إلى المجموعة في العام 1997 والتي لم يحضرها الرئيس الروسي. تاريخ سياسي منذ الاجتماع الذي جرى خلال الحرب العالمية الثانية بين روزفلت ورئيس وزراء بريطانيا وينستون تشرشل، وخططا حينها لغزو أوروبا ودحر ألمانيا النازية، شهد المنتجع العديد من المؤتمرات الرئاسية والأحداث السياسية والنشاطات الرئاسية، التي تراوحت بين المهمة والترفيهية. ففي عهد أيزنهاور عقد أول اجتماع لمجلس الوزراء الأمريكي بالمنتجع. واستضاف أيزنهاور نفسه هناك رئيس الوزراء البريطاني هارولد ماكميلان، ورئيس الوزراء السوفياتي نيكيتا خروتشوف. وزار الرئيس جون كينيدي وعائلته المنتجع للاستمتاع بركوب الخيل، وسمح كينيدي لموظفي البيت الأبيض وأعضاء مجلس الوزراء باستخدام المنتجع عندما لا يكون موجودًا فيه، من دون أن يمارس منه سلطاته الرئاسية. أما الرئيس ليندون جونسون، فعقد فيه مناقشات هامة مع مستشاريه خلال حرب فيتنام، وإبان أزمة جمهورية الدومينيكان، واستضاف فيه رئيس الوزراء الأسترالي هارولد هولت وزوجته، وكانا في زيارة خاصة. وفي عهد ريتشارد نيكسون، أضيفت إلى المجمع مبانٍ جديدة، عقد فيها اجتماعات لمجلس الوزراء ومؤتمرات للموظفين، واستضاف كبار الشخصيات الأجنبية. وقضى رونالد ريغان وقتا في المنتجع أكثر ممن سبقه من رؤساء الولايات المتحدة، وهناك استضاف رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر. بينما استضاف الرئيس جورج بوش الأمير تشارلز، وأقام فيه عرس ابنته دوروثي في 1992، ليكون أول حفل زفاف يعقد هناك. والمنتجع الذي تديره قوات المارينز وتشرف عليه وتحميه، مع أنه محمي ببيئة جبلية مرتفعة عن سطح البحر 548 متراً، ويصعب اختراقها براً للوصول إليه، مزود بكل ما يقيه من غارات الطائرات، حتى بملاجئ أضافوها إليه مع الزمن، وفيه أيضاً مكان لتأدية الصلاة، وهو «خاص جداً» بلقاءات الرئيس الأمريكي خارج البيت الأبيض، إلى درجة أنه لا يظهر في أي خريطة. مع ذلك تعرض إلى اختراقين أمنيين يذكرونهما بمعظم التقارير عن «الكامب» المحجوب عن النظر بأشجار كثيفة على التلال المحيطة. في 2 يوليو 2011 مرت طائرة صغيرة بمقعدين قرب المنتجع حين كان فيه الرئيس أوباما مع زوجته وابنتيه، وكان طيارها خارج مجال الاتصال به على بعد 10 كيلومترات، وبثوانٍ طاردته «أف- 15» حتى هبط مرعوباً في مدينة «هاغرستاون» القريبة، من دون أن يعرف السبب إلا فيما بعد. ولم تمر 8 أيام إلا وقامت «أف- 15» أيضاً بمطاردة طائرة أخرى بمقعدين، وانتهى طيارها مطروداً إلى ما بعد الجبال.