الحكام في كل بلاد الدنيا جزء من اللعبة في الصواب والخطأ، وما يقعون فيه طبيعة بشرية ولا يوجد مباراة كرة قدم على مدى أكثر من مئة عام لا تخلو من الأخطاء التقديرية نظرا لأن كثيراً من الاحتكاكات والألعاب لا يمكن رصدها بدقة متناهية بل إن بعض حالات التسلل لا يمكن قياسها بالعين البشرية المجردة ومعها الكثير من الحالات التي تحتاج لإقرارها والحكم بشأنها عشرات الإعادات البطيئة ومن زوايا تصوير مختلفة ومع ذلك يختلف حولها الخبراء والمحللون والمتابعون، ومع أن الاختلاف ظاهرة طبيعية في الكون إلا أننا في الساحة الرياضية لا نعترف به ولا بالطبيعة وطبائعها ولا بالحكام وتقديراتهم بل نؤمن بأن الحكم حين يخطئ على فريقنا المفضل فإنه عامد متعمد ويقف وراء ذلك الخطأ مؤامرة دنيئة يسعى من يقف خلفها لإسقاط معشوقنا، في المقابل إننا نبرر له الخطأ التقديري إذا وقع على المنافس ونراه جزءاً من اللعبة بل إن بعض " المجذومين " لا يرون الأخطاء التي تقع على فريق معيّن بل إن ما يقع عليه ويحسب له يعتبر في نظرهم ظلم بواح، فإعاقة لاعبه داخل الصندوق بالمسك ثم الدفع يقسم أحدهم على أنه غير صحيح وأن الخطأ كان خارج الصندوق. وقضية التحكيم والجدل الدائر حولها قضية رأي عام عالمية لكنها من ضمن الظواهر المصاحبة لأحداث المباريات وإفرازاتها الطبيعية وهي أيضا من " حلاوة الجلد المنفوخ " شريطة ألا تتجاوز المعقول والمنطق، فالآخرون ينتقدون التحكيم حين يخطئ لكنهم يتقبلون الخطأ ويتعايشون معه، ولقد أقر الاتحاد الألماني " هدف الأشباح " رغم فداحته تماشيا مع قانون كرة القدم في حين أن بعض الجهلة والمغفلين لدينا حتى ممن يكتب أمامهم " إعلامي " يطالبون بشطب البطاقات الملونة الناتجة عن الأخطاء التقديرية أو غيرها دون أن يدركوا أنهم يضربون في صميم قانون كرة القدم ويلغونه نهائيا، ولو أن أي قرار تقديري سينقض فلن تخرج مباراة على وجه المعمورة دون أن تعاد أو تنقض فيها القرارات، وهؤلاء لا يقرأون الأنظمة والقوانين ولا يبحثون عن المعلومة الصحيحة فينجرفون خلف عواطفهم وشهوات أنفسهم فيضلون الطريق ويضللون غيرهم من الدهماء. والغريب أن هذا الموسم ظهرت حالة جديدة من التعاطي مع التحكيم بعد تقليص عدد المباريات التي يحق لأي ناد الاستعانة فيها بحكام أجانب تتمثل في الهجوم على الحكام من بعض المنتسبين للأندية ومن بعض الإعلاميين المشجعين والعشاق حتى وإن كانت فرقهم فائزة، وقد يكون الهدف من ذلك ضمان استمرار الضغط على الحكام وهذه من أكبر مساوئ الحكم السعودي فهو حين يذهب للتحكيم خارجيا يبدع ويتألق ولكنه محليا يتوتر ويضغط فيقل التركيز وتكثر الأخطاء في مقابل أن لجنة الحكام تعشق الإثارة وتقوم أحيانا بتكليفات غريبة ومثيرة لعلامات الاستفهام دون أن تراعي بعض الظروف المحيطة بطبيعة المتنافسين. الهاء الرابعة سمو الأخلاق يجعل منك صاحب سموّ الناس تملك قلوب الناس بأخلاقها يا زارع الطيب زرع الطيب ينمو نموّ عند المخاليق ولاّ عند خلاّقها