تعتبر جراحات السمنة إحدى الطرق المستخدمة لإنقاص الوزن عندما يفشل المريض عدّة مرات في تحقيق وزن صحي من خلال النظام الغذائي والرياضة فقط، لأنها تحد من كمية الطعام التي يمكن استهلاكها ومن حجم الحصة الغذائية بشكل ملحوظ . قد كشفت الدراسات أن المرضى يفقدون في المتوسّط من 40 إلى 60% من الوزن الزائد عندهم، بينما يخسر معظم المرضى حوالي 10% من وزنهم خلال الشهر الأول . وبطبيعة الحال تنخفض نسبة فقدان الوزن مع مرور الوقت، ومع ذلك، فإن الالتزام بالنظام الغذائي مع ممارسة التمارين الرياضية يمكن الشخص من خسارة المزيد من الوزن، وقد يخسر نصف وزنه الزائد أو أكثر في أوّل سنتين، كما أنه سيفقد الوزن بسرعة بعد الجراحة إذا كان لايزال يتّبع حمية السوائل أو الطعام المهروس . دور الجراحة وعن الدور الذي يلعبه التدخل الجراحي في إنقاص الوزن الزائد، تقول هلا أبو طه، أخصائية تغذية في أبوظبي: "إن الجراحة يمكن أن تساعد على معالجة العديد من المشاكل الصحية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والربو، وتعتبر جراحة فقدان الوزن ناجحة عندما يخسر المريض 50% من الوزن الزائد، وإذا ظل محافظاً على ذلك الوزن لمدة تصل إلى خمس سنوات، وعلى الرغم من أن هذه الجراحة تنطوي على عدد من المضاعفات المحتملة، إلا أن النتائج أثبتت قدرتها على تغيير حياة الناس" . شروط التدخل الجراحي وتعتبر الإخصائية هلا أبو طه أن التدخلات الجراحية في عمليات قص المعدة ( أو التكميم) أو عمليات تحويل مجرى المعدة من أكثر العمليات الجراحية التي تم إجراؤها، فقد بلغت نسبتها 80% من كافة العمليات الجراحية المرتبطة بفقدان الوزن في العالم، موضحة أن الجراح يقرر أولاً العملية الجراحية الأفضل للمريض استناداً إلى عدة عوامل مثل العمر، والتاريخ الطبي، والنظام الغذائي، والعمليات الجراحية السابقة، وبحسب المبادئ التوجيهية الدولية، فإن المرضى المؤهلين للخضوع لعملية إنقاص الوزن هم الذين يملكون مؤشر كتلة جسم أعلى من 40 أو مؤشر كتلة جسم أعلى من 35 ويعانون أمراضاً مرتبطة بالسمنة لا يمكن السيطرة عليها مثل السكري من النوع 2 أو ارتفاع ضغط الدم . كيف تتم العملية؟ وأوضحت أنه في عملية تحويل مجرى المعدة، يبدأ الجراح عادة الجراحة بفصل المعدة إلى جزء كبير وجزء صغير، ثم يقوم بتوصيل الجزء الصغير لإنشاء جيب، وبعد ذلك، يقوم الجراح بفصل جيب المعدة الصغير الجديد عن الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة، ويقوم بتوصيله بجزء من الأمعاء الدقيقة قليلا نحو الأسفل، وبهذا، يمر الطعام مباشرة من المعدة إلى الجزء السفلي من الأمعاء ما يخفض بشكل ملحوظ امتصاص السعرات الحرارية والمواد المغذية . وقالت إن عملية قص المعدة تختلف من شخص لآخر، حيث يقوم الجراح بإزالة نسبة معينة من المعدة ويحافظ على بقاء جزء محدد يمكّن المرضى بعدها من التمتع بنمط حياة صحي ملائم . المضاعفات المحتملة وعن المضاعفات التي يحتمل حدوثها بعد إجراء عملية قص المعدة قالت: "يبقى المرضى عادة بعد إجراء عملية إنقاص الوزن ليومين أو ثلاثة أيام في المستشفى، ويعاودون ممارسة الأنشطة المعتادة خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وقد تحدث بعض المضاعفات مثل القرحة، ومشاكل في الجهاز الهضمي، والتهابات الجروح، وبالإضافة إلى ذلك، قد يعاني بعض الأشخاص نقصاً في فيتامين "ب 12" وحمض الفوليك، والحديد على المدى الطويل، لذلك من الضروري أن نعلم أن هذه العملية تتطلب الالتزام بالتوصيات الغذائية، وتناول الفيتامينات والمكمّلات المعدنية على المدى الطويل، ومتابعة الحالة مع الفريق الطبي، وفي حال عدم القيام بهذه الأمور، لن يستطيع الشخص إنقاص وزنه بطريقة ملحوظة وسليمة . وأضافت، إن من أهم الوسائل لتخفيض نسبة حدوث مضاعفات بعد إجراء عملية السمنة وجود فريق متعدد التخصصات يتألف من طبيب مختص بجراحة السمنة، وأخصائي في الطب الباطني، وأخصائي تغذية وطبيب مختص بأمراض الجهاز الهضمي، وطبيب نفساني لإجراء تقييم كامل لحالة المريض قبل العملية، وللحصول على أفضل النتائج، سيتابع هذا الفريق لمدة سنة على الأقل حالة المريض بعد الخضوع لجراحة إنقاص الوزن . ومن أجل التمكن من فقدان الوزن المرغوب فيه، أكدت أن من الضروري الالتزام بالإرشادات التي يضعها الطبيب وأخصائي التغذية، واتباع النظام الغذائي ما بعد العملية نهجاً مرحلياً للمساعدة على تناول الأطعمة الصلبة من جديد تدريجياً وبعناية أثناء التعافي، وتستند فترة كل خطوة إلى توصيات الطبيب . ما بعد الجراحة؟ وأوضحت أخصائية التغذية هلا أبو طه أن هناك خمس مراحل في العادة يجب اتباعها بعد الخضوع لجراحة السمنة، وهي: المرحلة الأولى: السوائل الصافية، وهذه أقصر مرحلة وتستمر فقط طيلة مدة الإقامة في المستشفى، حيث يمكن لمن أجرى العملية فقط استهلاك السوائل الصافية مثل عصير التفاح غير المحلى، وسيسمح له بمغادرة المستشفى عندما يصبح قادراً على شرب السوائل من دون التقيؤ، والتحرك من دون ألم، وعدم الحاجة إلى مسكّن للألم عن طريق الوريد . المرحلة الثانية: السوائل الكاملة يمكن لمن أجرى العملية تناول الأطعمة التي تكون بشكل سوائل فقط من دون أي لب أو قطع مثل الحليب قليل الدسم . المرحلة الثالثة: حمية الطعام المهروس، يمكن لمن أجرى العملية تدريجياً إضافة الأطعمة المهروسة كتلك التي يتمّ إطعامها للأطفال . المرحلة الرابعة: الحمية الخفيفة (الأطعمة اللينة)، في هذه المرحلة لا يعود من أجرى العملية بحاجة إلى هرس الطعام أو طحنه، ولكن يمكنه استهلاك الأطعمة اللينة التي يمكن تقطيعها بسهولة بالشوكة شيئاً فشيئاً . المرحلة الخامسة: نظام غذائي صحي ومتوازن ومنتظم، تبدأ هذه المرحلة عادةً بعد شهرين أو ثلاثة أشهر من إجراء الجراحة . وبما أن كل إنسان يختلف عن الآخر، لذا تنصح الأخصائية هلا بضرورة أن يكون تنظيم الوجبات في كل مرحلة من المراحل المذكورة أعلاه بعد الخضوع لجراحة السمنة خاصاً بكل فرد، ومصمماً بحسب احتياجاته الغذائية بمساعدة أخصائي التغذية والفريق الطبي المعني، كما أن من الضروري التحكم بكمية الطعام التي يتناولها من أجرى العملية، وألا يعود لعادات الأكل القديمة . كما يجب تناول الطعام وشرب السوائل ببطء، ومضغ الطعام بشكل جيد للغاية، والمحافظة على حصص صغيرة الحجم، والتركيز على الأطعمة الغنية بالبروتين، ولا بد أيضاً من تجنب الأطعمة التي تحتوي على نسبة مرتفعة من السكر والدهون، وأخذ الفيتامينات أو المكملات المعدنية التي أوصى بها الطبيب .