حددت السياسة المالية لسلطنة عمان الأهداف الرئيسية التي تمثل توجهاتها بما ينسجم مع الأهداف الكلية للاقتصاد الوطني المعتمدة في الخطة الخمسية الثامنة المقرر انتهاؤها مع نهاية العام الجاري وإطارها المالي . تسعى الموازنة العامة إلى تحقيق تلك الأهداف التي من أهمها مواصلة الإنفاق الاستثماري اللازم للحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي وتنشيط الطلب المحلي، حيث من المتوقع أن يحقق الاقتصاد نمواً بنسبة 4،5 في المئة بالأسعار الثابتة وأن تكون القطاعات غير النفطية هي القوة الداعمة، والاستمرار في تنفيذ وتكملة المشاريع الإنمائية التي يجري تنفيذها في مختلف القطاعات وفقاً للبرنامج الزمني المحدد - وخاصة ما يتعلق منها بإنشاء المستشفيات والمدارس والمطارات وتوسعة الموانئ ومشاريع الطرق وموانئ الصيد ومشاريع الكهرباء والمياه والصرف الصحي- وكذلك الاستمرار في تنفيذ المشاريع الجديدة "ذات الأولوية" المعتمدة لهذا العام حسب الخطة الخمسية الحالية، ومواصلة تطوير ورفع كفاءة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين والاهتمام بالجوانب الاجتماعية التي من أبرزها الصحة والتعليم والإسكان والرعاية الاجتماعية وبرامج الدعم المختلفة، وكذلك في دعم وتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتنفيذ البرامج المتعلقة بتطوير ورفع إنتاجيتها والتوسع في تقديم خدمات وبرامج "صندوق الرفد" بالمحافظات، وتطوير ورفع كفاءة وإنتاجية قطاع النفط والغاز لزيادة معدلات الإنتاج، وتجويد التعليم العام والتعليم الجامعي ورفع كفاءة الإنفاق، وتوفير التمويل اللازم للاستمرار في سياسة الابتعاث للتعليم العالي والتقني الداخلي والخارجي لإتاحة المزيد من الفرص للطلبة العمانيين، وتمويل برامج "التدريب المقرون بالتشغيل" . الأجيال القادمة الحكومة العمانية حددت مصادر تمويل العجز المتوقع في موازنة العام الجاري من خلال إصدار سندات وصكوك إسلامية طويلة الأمد لتنشيط سوق المال المحلي ورفع كفاءة استغلال المدخرات المحلية من أجل الحفاظ على مستوى الدين العام عند "المعدل الآمن" كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بما يدعم استقرار الأسعار ويحمي حقوق الأجيال القادمة . ويقدر حجم الإنفاق العام المعتمد بحوالي 14،1 مليار ريال بنسبة نمو4،5 في المئة عن تقديرات الإنفاق للعام الماضي، وإجمالي الإيرادات العامة 11،6 مليار بنسبة انخفاض واحد في المئة، ويصل العجز المقدر إلى 2،5 مليار ريال بنسبة 21 في المئة من الإيرادات و8 في المئة من الناتج المحلي، ويتكون الإنفاق العام من المصروفات الجارية البالغة 6 .9 مليار ريال بنسبة 68 في المئة، والمصروفات الاستثمارية 3،2 مليار بما نسبته 23 في المئة من الإجمالي لتغطية الصرف على المشاريع الإنمائية والمصروفات الرأسمالية لإنتاج النفط والغاز، والمشاريع التي تقوم بتنفيذها الشركات الحكومية، بينما تبلغ المصروفات المقدرة لبرامج الدعم 1،1 مليار ريال بنسبة 8 في المئة من إجمالي الإنفاق العام . أما الإيرادات العامة، فمن المقدر أن تصل إلى 11،6 مليار ريال عماني، شاملة الإيرادات النفطية التي تبلغ حصتها9،16 مليار بنسبة 79 في المئة، وغير النفطية 2،44 مليار بنسبة 21 في المئة من إجمالي الإيرادات، وقد حافظت المصروفات المخصصة للدعم الحكومي للأسعار على ثباتها حيث تبلغ ملياراً و310 ملايين ريال عماني، كما ظلت المصروفات المخصصة للمنافع الاجتماعية العامة ثابتة هي الاخرى، حيث جاء دعم فوائد القروض التنموية والإسكان 25 مليوناً والدعم التشغيلي للشركات الحكومية 180 مليوناً والسلع الغذائية الأساسية 25 مليون ريال وقطاع الكهرباء 280 مليوناً والمنتجات النفطية 580 مليون ريال . السياسات الاجتماعية اعتمادات الموازنة تتضمن مخصصات مالية تبلغ 9 مليارات ريال لتلبية المتطلبات الاجتماعية في مجالات التعليم والصحة والإسكان والتدريب والدعم وغيرها من الخدمات الاجتماعية، وهو ذات المستوى في موازنة العام الماضي، فقد خصص لقطاع التعليم ثلاثة مليارات بنسبة 21،3 في المئة من إجمالي الإنفاق العام - ويشمل افتتاح وتشغيل 41 مدرسة جديدة - ولبرامج التدريب الداخلي والخارجي 95 مليوناً، ولقطاع الصحة 1،6 مليار بنسبة 11،33 في المئة - ويشمل افتتاح وتشغيل 11 مستشفى ومركزاً صحياً جديداً في مختلف المحافظات - ومخصصات الضمان والرعاية الاجتماعية 129مليون ريال، والإسكان 2،3 مليار من بينها 55 مليوناً لبرنامج المساعدات الإسكانية الذي تشرف عليه وزارة الإسكان العمانية ويشمل بناء مساكن في مختلف الولايات، و15 مليوناً لتقديم قروض إسكانية ميسرة، و15،4 مليون لبرنامج القروض الإسكانية لبنك الإسكان العماني، وللدعم الحكومي للأسعار والإعفاءات 1،8 مليار ريال تشمل دعم فوائد القروض الإسكانية والتنموية ودعم الكهرباء والمياه والوقود وبعض السلع الغذائية الأساسية . المجلس الأعلى للتخطيط وضع من بين أولوياته أن تأخذ السياسات الاجتماعية موقعاً يعزز التنمية البشرية في خطط التنمية الاستراتيجية ضمن إطار التحضير لخطة التنمية الخمسية التاسعة المتوقع أن تبدأ مطلع العام المقبل، وكذلك ضمن الرؤية المستقبلية "عمان2040م"، وهي السياسات التي تستهدف التأثير في حياة أفراد المجتمع بجميع فئاته حيث تتبنى تنمية الإنسان وإطلاق قدراته وضمان فرص متكافئة وعدالة توزيع المكاسب بين جميع مكونات المجتمع، وذلك انطلاقاً من مفهوم السياسة الاجتماعية المؤثرة في تشكيل الظروف الحياتية المؤاتية للمواطن من التعليم والصحة والإسكان وخدمات الرعاية والحماية وتنظيم العمل الاجتماعي وتوفير البيئة المساندة للإبداع على صعيد الأفراد والمؤسسات، وقد شهد العام الماضي تنفيذ العديد من المشروعات في هذا السياق، والتي بلغت قيمتها الإجمالية ثلاثة مليارات ريال في مقدمتها مشروعات للسكك الحديدة بتكلفة مليار ريال والطرق والمطارات والموانئ 807 ملايين، ومشروعات كهرباء بتكلفة 450 مليوناً، وفي قطاع الصحة والتعليم 384 مليوناً، إلى جانب مشروعات البنية الأساسية في القطاعات الصناعية بمبلغ190 مليون ريال . الخيار الحتمي لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الموازنات العمانية "الحالية منها والمقبلة" يتمثل في مدى القدرة على تقليل نسبة الإيرادات النفطية لصالح الإيرادات غير النفطية، خاصة أن الأولى تشكل نسبة 83 في المئة بمقدار 15 .8 مليارات ريال، بينما الثانية تمثل فقط 17 في المئة بمقدار 3،5 مليارات ريال، كما أن نصف الإيرادات غير النفطية هي عبارة عن الحصيلة المقدرة من الضرائب، ما يعني أن استدامة التنمية العمانية ستظل مرهونة بمدى القدرة على إنفاذ تنويع مصادر الدخل باعتباره خياراً حتمياً لم يعد هناك مجال لتجاهله، وذلك من خلال شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص في مجالات متنوعة من أبرزها الصناعات السمكية وتجارتها، والتي تقدر وزارة الزراعة والثروة السمكية نسبة استغلالها بعشرة في المئة فقط " . . ."، كما أن السياحة لا تزال محدودة العوائد لأسباب متعددة من بينها النظرة الاجتماعية السلبية لهذا القطاع " . . ."، كما أن الصناعات التحويلية وتنميتها قادرة حال رعايتها بالشكل المناسب على تحقيق عوائد مالية كبيرة .