بعد يوم واحد من إعلان السفارة البريطانية في القاهرة عن تعليق خدماتها بصورة مؤقتة بسبب «مخاوف أمنية»، أعلنت نظيرتها الكندية بالقاهرة، أمس، عن إغلاق مقرها حتى إشعار آخر لذات السبب، دون أن توضح أي منهما طبيعة تلك المخاوف أو التهديدات. وأكد مصدر أمني مصري لـ«الشرق الأوسط» أن الدولة توفر بالفعل كافة الإجراءات التأمينية للبعثات الدبلوماسية، وأن العمل جار بالتنسيق مع البعثات ووزارة الخارجية المصرية للتوصل إلى توافقات، من شأنها بث الثقة في نفوس الدبلوماسيين الغربيين. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مصرية مطلعة، طلبت عدم ذكر اسمها، بتقدم بعض البعثات الدبلوماسية، خاصة البريطانية والكندية اللتين يوجد مقراهما في ضاحية «جاردن سيتي» غرب القاهرة، بطلبات إلى السلطات المصرية لرفع مستويات التأمين الخاصة بهما، بما يصل إلى الإغلاق الكامل لمحيط تلك المقرات، خاصة عقب وصول معلومات أمنية تشير إلى وجود مخططات يقف وراءها تنظيم داعش الإرهابي وأنصاره في مصر، وأبرزهم جماعة أنصار بيت المقدس، باستهداف المصالح الأميركية والبريطانية في مصر. وقالت المصادر إن «القاهرة رفضت بشكل قاطع إجراء الإغلاق الكامل لمحيط السفارات، وتحويلها إلى ما يشبه ثكنات عسكرية، خاصة وأنها تقع في منطقة سكنية وتجارية كثيفة، مما يعوق حياة السكان في وسط القاهرة، ويشكل تدخلا في السيادة المصرية.. لكن القاهرة أكدت على كفاءة التأمين الحالي، وعرضت على مسؤولي البعثات خططا بديلة لإضافة مزيد من الثقة.. وتجري حاليا دراسة هذه الخطط من قبلهم، والتوافق معهم عليها». لكن المصادر رفضت الإفصاح عن الخطوط العامة لهذه الإجراءات الجديدة، واكتفت بالقول إنها «معلومات شديدة الحساسية». وكانت مصادر أمنية مصرية رفيعة قالت لـ«الشرق الأوسط»، أول من أمس، إن «السفارة البريطانية أخطرت الأجهزة الأمنية المصرية برصد معلومات تتعلق بتهديدات»، كما أن السلطات المصرية علمت بأن «التهديدات تتصل بمعلومات عن استهداف مقر السفارة من قبل متطرفين جرى اعتقالهم أخيرا، وهو ما يتزامن مع تهديدات وجهها تنظيم داعش أيضا إلى بريطانيا، توعد فيها باستهداف لندن ذاتها». وأعلنت السفارة الكندية صباح أمس عن إغلاق مقرها لأجل قصير لدواع أمنية. وأوضح مصدر مسؤول بالسفارة في تصريحات صحافية أن هذا الإجراء يعد احترازيا لحماية موظفي السفارة، مؤكدا أن السفارة الكندية تتواصل مع الأجهزة الأمنية في مصر من أجل تطوير وزيادة الخدمات الأمنية المقررة على السفارة. وأضاف المصدر ذاته أن التعليق الجزئي لخدمات السفارة ليس لأجل غير مسمى، ولكنه مؤقت لحين التباحث مع الأجهزة الأمنية في مصر بهدف توفير مزيد من الحماية الأمنية. وشهدت الشوارع المحيطة بمناطق السفارات في منطقة «جاردن سيتي»، أمس، تكثيفا أمنيا ورفعا للسيارات الموجودة في المنطقة. وبرر مصدر أمني ذلك بأنه مرتبط بتنسيقات بين وزارتي الداخلية والخارجية في إطار حلحلة الأزمة، وقال إنه يأتي ضمن خطط لرفع مستوى التأمين الخاص بالسفارات، مؤكدا أن «المسألة في طريقها إلى الحل قريبا جدا». وكانت السفارة البريطانية قد علقت خدماتها العامة في مقرها بالقاهرة أول من أمس، مرجعة ذلك لأسباب أمنية. وأكد جون كاسن، سفير بريطانيا لدى مصر، أمس، أن الخدمات العامة للسفارة البريطانية في القاهرة «معلقة في الوقت الحالي». من جهة أخرى، ما زالت السفارة الأميركية بالقاهرة، والمجاورة لموقع السفارة البريطانية، تعمل بكامل خدماتها، وقد أكد المتحدث الرسمي باسم السفارة الأميركية، أمس، أن السفارة تقدم كافة خدماتها للجمهور وفق المعتاد، وتمارس مهامها دون تغيير، موضحا أنه لا توجد إجراءات تأمين استثنائية خاصة جديدة، يجري اتباعها للسفارة، وشدد على أنه لم يصدر عن الخارجية الأميركية أي تحذير سفر جديد لمصر. وعلى صعيد ذي صلة، حذرت هيئة السفر التابعة لوزارة الخارجية الأسترالية، رعاياها من السفر إلى مصر، وطالبتهم بإعادة النظر في خططهم للتوجه إلى القاهرة، بسبب ما وصفته بـ«التوتر السياسي المستمر واحتمالات وقوع هجمات إرهابية». في وقت نفت فيه مصادر بالسفارة الأسترالية بالقاهرة أي تعليق للخدمات، مؤكدة أن السفارة تواصل تقديم خدماتها العامة والقنصلية وأنشطتها، وتفتح أبوابها للجمهور كالمعتاد في أوقات العمل الرسمية. ونصحت الهيئة عبر موقعها الإلكتروني الأستراليين بتجنب جميع المظاهرات والاحتجاجات والحشود الكبيرة، ودعتهم إلى مراقبة وسائل الإعلام من كثب، للحصول على المعلومات عن الأحداث والتطورات التي قد تؤثر على أمنهم الشخصي وسلامتهم. كما شددت الحكومة الأسترالية على ضرورة عدم السفر إلى محافظتي شمال وجنوب سيناء، بما في ذلك شرم الشيخ، ونصحت المتمسكين بإتمام رحلاتهم بالسفر جوا، وعدم استخدام الطرق البرية، خاصة على طول الطريق من طابا إلى السويس.