الأسبوع الماضي فجر في الآفاق مع تباشير ساعات الصباح الأولى حزمة من الأوامر الملكية التي باغتت الكل وأدهشت جميع الأطياف .. ولكن الحقيقة التي لا مراء فيها هي أنها صدرت من معين الحاكم والحكمة.. لقد برهن الملك الحكيم ببعد نظره وفطنته أنه ينظر إلى الأفق البعيد في تجرد وشفافية لا يحجبها غربال الحاقدين أو المحبطين أو المتربصين.. جاءت الأوامر الملكية لتؤسس لنقلة نوعية تطوي الواقع لتستشرف آفاق مستقبل كريم واعد تحميه جنود الشباب.. ذلك الشباب الذي هو نبض جيل يستحق أن تفتح أمامه أبواب الأمل بكل الطرق والوسائل الممكنة وكذلك فعل سلمان سعيا منه لأن يعبئ مشاعر الشباب ليسهموا في تشكيل مسؤولية الحاضر ومسؤولية الغد حتى لا تكون هناك هوة واسعة في منتصف الطريق يصعب ردمها أو يستحيل تطويقها.. وحسبنا أن التاريخ لن يرحم من يتقاعس عن الأعداد الجيد والواعي والمدروس ليكون نبراسا للحكم في هذه الأيام المترعة بكل أسف بشتى أنواع المشكلات والأحداث التي ترهق كاهل الإنسان وخاصة الإنسان العربي والمسلم والتي يخطط لها الأعداء من أجل أن يقبع عالمنا في مؤخرة الركب وفي ذيل القائمة. مقرن .. وسلمان الحاكم والحكيم : آفاق التاريخ على وقع خطوات انطلقت في الفجرية من معين الصدق والنبل والشهامة.. جاءت لتؤسس لصفحة جديدة ولتكرس وعيا حيا نابضا يصدر عن قلب كبير وإحساس أكبر.. شيمته التراضي والرضى وحفظ حقوق العاملين.. كانت زيارة خادم الحرمين الشريفين وساعديه المحمدين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان إلى الأمير مقرن في منزله أكبر ترجمة للتعبير عن تماسك الأسرة وقطع دابر كل الاقاويل والترهات وإعلاء مصلحة الوطن فوق الجميع. سعود الفيصل وملحمة الإنسان .. الإنسان : سيظل سعود الفيصل ظاهرة إنسانية غير عادية ترتكز على مقومات ارتفعت بها إلى مصاف الرجال .. الرجال الذين لهم بصمتهم الخاصة التي لم تكن وليدة الصدفة وإنما كانت نتاج دراسة ووعي وتفوق يرصع كل ذلك ذكاء وحكمة ودهاء.. ولا غرو فهو نجل الفيصل.. ولعله من خلال الرسالة الملكية الكريمة قد وقف وقفة ارتفع معها وارتقى إلى سدة التاريخ لأؤلئك الأفذاذ ممن سطروا ملحمة بطولية.. كان فيها في صميم الأحداث وفي بؤرة الشهرة وكان محل المتابعة والأعجاب العالمي .. الذي من خلال مواقفه التي أشهرها في المحافل الدولية وأشهرته كأكبر رجالات صناعة السياسة والمواقف المسؤولة .. من خلال الكلمة ومن خلال صناعة السياسة والمواقف المسؤولة .. في وجه كل من يحاولون المساس بمصلحة المملكة أو بمصلحة الوطن العربي والإسلامي. سعود يحمل هم الأمتين : وكان قدره أن يحمل هموم الإنسان في بلده.. وفي أفقه العربي والإسلامي الذي أثقل كاهله كثيرا.. ولكنه كالفارس ظل صامدا وشامخا حتى أكسبته التجربة زخما حيا وحيويا.. وكان سيد الكلمة وسيد المواقف.. وتأتي اللفتة السلمانية الكبيرة لتثمن هذا الدور ولتعبر من خلاله عن مشاعر الوطن والمواطنين لهذا الإنسان النبيل .. الذي أفنى زهرة شبابه يقطع الآفاق وراء تحقيق الأهداف السامية ودفاعا عن كل المقدسات وعن القضايا المصيرية.. مما رصد له في تاريخه صفحات مضيئة ومشرقة.. ولعله آن للفارس أن يترجل ولكن إرادة الملك طوقت عنقه بأن يظل مشرفا تقديرا وتثمينا لجهوده. سلمان والتأسيس للمرحلة القادمة : ولأن الأيام تجري وساعة الوقت لا تتوقف والأحداث تستدعي أن يكون الحاكم والمحكوم في قارب واحد .. تتحد الجهود وتتوافق الآراء كلها لتصب في مصلحة هذا الوطن.. والدرء عنه كل ما يعترض طريقه أو يقف في سبيل النهوض والتقدم.. وفي يقينى أن الأوامر الملكية جاءت مصوبة نحو هذه الأهداف.. أريد أن أقول إن المفاجأة كانت واقعا يفجر إشراقات الأمل في مستقبل واعد ومدروس تزينه الشفافية والوضوح والتجرد.. وحسبي الله ونعم الوكيل.