لطالما كان البشر في وجوم من المستقبل، ولطالما كان هاجس لدى الكثير من البشر، رغم خوفهم منه، واعتبروا دراسته نوع من الخرافات والخيال، وجعلوه نوع من أنواع التدخل في الغيبيات، ولكن علم الاستشراف بالمستقبل تخطى هذه الدائرة، ولم يعد ذلك العلم الذي قالوا عنه في الماضي. ولا تعني دراسة الغد التعامل مع الغيبيات والأمور المجهولة وإنما وضع ملامح للغد بناءً على الماضي والحاضر . فدراسة الغد تخطت مجال أوسع في إشباع فضول الإنسان نحو اكتشاف المستقبل، فأصبح في الوقت الحاضر يهتم بالتخطيط والقراءة لغد أفضل لجميع المجالات المتعددة التي تعد ضرورة من ضرورات الحياة. فأصبح هناك قواعد وأسس وآليات وركائز لهذا العلم للتمكن من دراسة المستقبل بصورة صحيحة تخدم متطلبات البشرية وتحميهم من الغد المجهول. لقد فتح هذا العلم باباً من الأمل لبناء الأمم وتطوير الحضارات واستغلال كل ماهو ممكن أن يستغل على هذا الكوكب، لتحسين أوضاعهم وتطوير طريقة عيشهم وحمايتهم من ماهو متوقع حدوثه للتصدي له والحفاظ على ماتم إعماره، لأن في استشراف المستقبل تمكين للإنسان على ىاكتشاف المشاكل بإذن الله قبل وقوعوها. ولا يمكن القول بأننا لسسنا بحاجة إلى علم المستقبليات لأننا بذلك قد نكون وضعنا أنفسنا في مأزق اتجاه الأمم الأخرى التي تطور وتنتج وتعمل على إعمار حضارتها وتحمي مصالحها وتطور مجتمعها، ولا يمكننا البقاء على الاعتماد على هذه الأمم وإتباع ما وصلوا إليه وتقليدهم، لابد لنا من النهوض لحل مشاكلنا وتصحيح أوضاعنا وحل مشاكلنا لتفاديها مستقبلاً لنعيش حياة أفضل وأكثراً اعتماداً على أنفسنا وأكثر أماناً، فنحن بحاجة لمعرفة إلى ما تؤول إليه مشاكلنا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والبيئية وجميع المجالات الأخرى، لمواكبة التطور الحاصل في الدول المتقدمة ونبذ تلك الصورة عن المجتمعات العربية والإسلامية. ولابد لمن أراد أن يهيئ نفسه ومحيطة إلى مستقبل عظيم ومدروس أن يستغل جميع الموارد المتاحة لديه، ويحدد الآليات المطلوبة، وويفرض الفرضيات والتصورات الممكنة لبلوغ هدفه وتحقيقاً لمبتغاه، ويضع الخطط المتعددة ويرى الافضل والأقرب من هدفه، ولابد له أن تكون لديه النظرة الشاملة علىى وقته الحاضر وما يستجد فيه من أحداث ويضعها بعين الاعتبار. معرفة الغد أو استشراف المستقبل خطوة مهمة لنهضة الأمة الإسلامية وتحتاج إليها بشدة في أوضاعنا الراهنة.