كما هو الحال مع الجزر الاماراتية حيث تهيمن ايران على جزيرتي طنب الصغرى وطنب الكبرى وجزيرة أبو موسى التابعة لدولة الامارات بحكم أنها ضمن مياهها الاقليمية رافضة الطلب الاماراتي بعقد حوار بين الجانبين لبحث هذه القضية واعادة الجزر الى طبيعتها ورافضة الطلب الاماراتي الآخر بتحويل القضية الى محكمة العدل الدولية لتسويتها وفقا لأحكام القانون الدولي. كما هو الحال مع تلك الجزر فان ايران مستمرة في احتلال الأحواز العربية التي لا حق لها فيها ولا تملك صفة شرعية وقانونية تخولها الاحتفاظ بها وضمها الى أراضيها. واذا كانت مقاومة الأحوازيين للتواجد الايراني على أرضهم تتجدد بين حين وحين فان بدايتها كانت بعد احتلال ايران للأحواز العربية عام 1925 حيث رفض العرب تواجد الفرس على أراضيهم ووقف الشيخ خزعل وحرسه وقتذاك في وجه الاحتلال الايراني ورفضوا سياسة التفريس فواجهتهم مدفعية الاحتلال، فقمعت الثورة التي تعد الأولى بعد الهيمنة الايرانية على الأحواز وأعدم أعوان الشيخ خزعل دون محاكمة. بعد تلك المواجهة قامت انتفاضة أخرى بقيادة الشيخ عبدالمحسن الخاقاني في مدينة المحمرة وامتدت لتشمل بقية المدن الأحوازية ولكنها قمعت أيضا كسابقتها، وبعد الانتفاضتين شن العرب سلسلة من الانتفاضات المتفرقة والمتباعدة لعل أهمها ثورة الحويزة عام 1928 بقيادة الشهيد محيي الدين الزئبق رئيس عشائر الشرفة حيث شكل أول حكومة عربية في الأحواز دامت ستة أشهر، غير أن الجيش الايراني حاصر مدينة الحويزة ومنع وصول المؤن اليها ثم هاجمها بكل أصناف الأسلحة الفتاكة وبكل وحشية وقمع. ثم اشتعلت نيران ثورة بني طرف عام 1936 وثورة حيدر بن طلال عام 1940 وثورة الغجرية عام 1943 بزعامة الشيخ حاسب بن الشيخ خزعل ثم ثورة عشيرة النصار عام 1946 ثم ثورة الشيخ يونس العاصي عام 1949 ولكنها قمعت كلها، فتشكلت بعد ذلك الأحزاب السلمية والعسكرية لمقاومة التسلط الايراني على الأحواز العربية، وكان أولها الحزب السياسي المنظم المسمى «حزب السعادة» وتلته مجموعة من المنظمات الثورية والسياسية أخذت على عاتقها مقاومة المحتل الايراني من أشهرها منظمة الجماهير والثورة الأحوازية وحركة التحرير الوطني الأحوازي والاتحاد العام لطلبة وشباب الأحواز والمجلس الوطني الأحوازي والجبهة العربية لتحرير الأحواز وغيرها من المنظمات الثورية وحركات التحرر. ويخطئ حكام ايران في تقدير حساباتهم ان ظنوا عن طريق الخطأ لا الصواب أن جذوة الثورة ضد احتلالهم للأحواز قد هدأت، فجبهات المقاومة ظهرت من جديد لتستمر في مطالباتها وثورتها ضد أولئك الحكام لعل أهمها الحزب الديمقراطي الأحوازي الذي تشكل عام 1998 والمنظمة الاسلامية الأحوازية وجبهة تحرير عربستان، وغيرها من المنظمات وحركات النضال العربي لتحرير الأحواز بما فيها الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز التي تأسست عام 1968. وقد ظلت الأحلام الايرانية تسيطر على عقول حكام طهران منذ زمن بعيد لبسط السيطرة على دول المنطقة ودول الخليج، فاضافة الى مجريات الأحداث في الأحواز والجزر الاماراتية الثلاث فان طهران ما زالت ساعية لتحقيق أحلام حكامها التوسعية، ويبدو ذلك واضحا للعيان من خلال التدخل الايراني العسكري المباشر في سوريا والعراق، وتدخلها في الشأن اللبناني وتنصيب حزب الله ممثلا لسياستها القمعية في المنطقة، ثم تدخلها الأخير في اليمن لصب الزيت على النار واشعال الفتن وتصدير الثورة الايرانية المليئة بالتطرف والعنف والغلو لتغدو المدن اليمنية مسرحا للاقتتال من خلال مساعدة الميليشيات الحوثية على قتل الأطفال والنساء والمسنين وهدم المساكن على رؤوس أصحابها وحرق مباني المؤسسات الحكومية الشرعية. ويبدو واضحا للعيان أن ثورات الأحواز العربية في وجه الاحتلال الفارسي ستظل مستمرة الى أن يتم تطهير الأحواز من رجس الايرانيين واحتلالهم، فالانتفاضات القديمة تؤكد عزم الأحوازيين على استرداد وطنهم من براثن الفرس، والانتفاضات العارمة الحالية تؤكد سريان ذلك العزم الذي لا يلين، وما زال الشعب الأحوازي عبر فعاليات تلك الانتفاضات يطالب بالاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الأحوازي وحق تقرير مصيره واقامة دولته العربية المستقلة المنفصلة تاريخيا وعرفا عن ايران. كاتب وإعلامي