استطاع ولي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في غضون أقل من 100 يوم من تحويل أنظار المواطن والوطن صوب الاجتماعات المتتالية التي يعقدها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه بجانب مناصبه المهمة، يأتي ذلك نتيجة العمل الكبير الذي اضطلع به المجلس والقرارات الحازمة التي باتت تتدافع من على طاولته في الشأنين الاقتصادي والتنموي خلال فترة وجيزة منذ تأسيسه بأمر ملكي في 29 من يناير 2015، للعمل على تحسين الاقتصاد ومتابعة السياسة الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والمعيشية للمواطن السعودي. الحزم في الاقتصاد والتنمية وبينما كان الأمير محمد بن سلمان يقود العمليات العسكرية لضرب ميليشيات الحوثيين الرافضة للشرعية في اليمن وما تخللها من جهود سياسية وديبلوماسية كان خلالها موجودا وبشكل فاعل على الساحة السياسية، تمكن الأمير الشاب من إحداث نقلة نوعية على مستوى القرار الاقتصادي والتنموي والاستثماري في المملكة، فلم تمنعه أيام الحزم على الساحة السياسية التي يمثلها بصفته وزيرا للدفاع وعضو في مجلس الشؤون السياسية والعسكرية، من حزم آخر على مستوى إعادة تهيئة الاقتصاد والتنمية في الداخل، من على طاولة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وبات قائدا مسلحا بروح الشباب في معركة إعادة البناء والتطوير انبرى لهذين الهمين بجانب مناصبه المهمة الأخرى تحسين معيشة المواطن والوطن، من خلال مناقشة أداء الجهات ذات العلاقة الوثيقة باحتياجات المواطن والعمل على تحقيق تطلعاته. عين الحكومة تمكن ولي ولي العهد من قيادة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي ضم في عضويته ما يقارب 22 وزيراً، من جعل هذا المجلس الناشئ حديثا محطة لفرز السياسات التنموية والاقتصادية، ونجح الأمير محمد بن سلمان في ملء الفراغ الذي كان يفترض أن يربط بين ما تقوم به الوزارات في هذا الشأن وبين ما يتم عمله على الأرض، وفي وقت قصير استجمع المجلس أوراق جهات ووزارات مهمة ونثرها على طاولة البحث والتقصي، حيث ناقش المجلس واستعرض منذ تشكيله رؤى وأطروحات أكثر من 14 مسؤولا ووزيرا معنيون بحقائب الوضع الاقتصادي والتنموي والمعيشي للمواطن السعودي والوطن. وتمكن المجلس الوليد بقيادة نشيطة وحازمة من النظر بسرعة في ملفات اقتصادية مثّلت هاجس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ توليه مقاليد الحكم، يأتي في مقدمتها تحسين الوضع المعيشي للمواطن وتحقيق الرفاه له، وتأمين الحاجات الضرورية التي يتطلع إليها كالإسكان، والصحة، والتعليم، والنقل. صياغة القرار الاقتصادي ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، فالأمير الشاب بطموح وهو يعتلي سدة مناصب مهمة نجح في تأمين وبناء قاعدة صناعة القرار الاقتصادي والتنموي من خلال مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وذلك بشكل أكثر فعالية وصفه الخبراء بأن تشكيله يؤمن للمملكة لعقود مقبلة بسياسة ترتكز على الابتكار والعمل على الإنجاز ومتابعة ما ينجز على مستوى العمل الحكومي، فكان المجلس تفعيل لدور حقيقي لدور الحكومة في متابعة القرارات وقياس النتائج وبحث الحلول للقضايا. الانسجام بين أجهزة الدولة جسده الأمر الملكي بتشكيل مجلسين للشؤون الاقتصادية والتنمية وآخر للشؤون السياسية والعسكرية، في ربط رصين ينظم ما ينجز بين مجلس الوزراء والجهات الحكومية وبين ما يلمسه المواطن سريعا من تغيير، في مقابل تحقق عملية التكامل الفاعل والمنشود منذ زمن بربط الوزراء ببعضهم البعض في تحقيق أهداف واستراتيجيات الخطط التنموية، والتخلص من بيروقراطية اللجان ومحاضن القرار. احتياجات المواطن نفض مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الغبار عن أرفف الكثير من الملفات، وحمل الأمير محمد بن سلمان من خلاله هم والده القائد في تحقيق تطلعه ورؤيته في تأمين السكن الملائم للمواطن وتحسين معيشته، والذي تضمنه الخطاب الملكي للشعب في أهمية العمل على تأمين الإسكان المناسب للمواطنين، وترجم رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية هذا الخطاب ليكون ضمن أولويات طاولة المجلس لبحث الحلول الجذرية له. واستطاع الأمير محمد بن سلمان بحزم مناقشة ملف الإسكان واتخاذ قرارات أكثر حزماً مع وزارة الإسكان انتهت بإعفاء وزير الإسكان السابق من منصبه وتكليف الدكتور عصام بن سعيد لقيادة الوزارة، مستعينا في ذلك بخبرته في قطاع الإسكان حين كان نائباً لرئيس جمعية الملك سلمان بن عبدالعزيز للإسكان الخيري ورئيس لجنة الجمعية التنفيذية، والتي تشكلت من مجموعة من الخبراء والأكاديميين والمتخصصين في علم الاجتماع، وأعيان المجتمع لتغطية احتياجات ذوي الدخل المحدود ودعم جهود الدولة آنذاك في العمل على مكافحة الفقر وتأمين السكن للمواطنين المحتاجين، حيث استشعر الأمير محمد بن سلمان مبكرا هذا الهم الإسكاني وكون عنه خبرة ليست بالهينة في معرفة حاجات الفئات المحتاجة ونوعية المساكن. ولم يمض وقت طويل حتى تمكن المجلس من رفع توصيته لمجلس الوزراء بفرض الرسوم على الأراضي البيضاء الواقعة في النطاق العمراني في المدن والمحافظات، التي تم إقرارها على أن يتم العمل في فترة قصيرة وعاجلة على إعداد الإجراءات والترتيبات التنظيمية لتطبيق القرار بعد أن طال انتظاره بين لجان الدراسة منذ عام 2008م. خطط الوزراء وبجانب ما اطلع المجلس عليه في اجتماعاته المتعاقبة في الفترة القصيرة الماضية وشمل عددا من المواضيع المتعلقة بالوضع الاقتصادي والائتماني وصندوق الاستثمارات العامة، بجانب التوجهات المستقبلية فيما يتعلق بالطاقة لاسيما النفط، وخلق مصادر بديلة لتخفيف الاعتماد عليه، إضافة إلى متابعة تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني، والمحافظة على مكانته بين اقتصادات العالم، وتنظيم الصناديق المالية وارتباطاتها التنظيمية، فإن 14 وزيرا ومسؤولا في ملفات مهمة تمت مناقشتهم واستعراض رؤاهم تجاه وزاراتهم ومسؤولياتهم تجاه تقدم الوطن وتطوره ورفاه مواطنيه. وبدأ المجلس باستعراض ما يتم حالياً في وزارة النقل في مؤشر على أنها هي الوزارة المقبلة ضمن أجندة المجلس الوليد والتي سيحتم عليها العمل بوتيرة أسرع لمواكبة مشاريع النقل العام الذي تشهده البلاد، واستمع المجلس في أول اجتماعاته بعد الإسكان إلى العرض المقدم من وزير النقل، حول رؤى وأهداف وتوجهات الوزارة وقطاعاتها المختلفة وأبرز مشروعاتها الحالية والمستقبلية، كما استمع إلى عرض من وزير الاتصالات وتقنية المعلومات التي تعد رافد دعم رئيس للتنمية في البلاد نظرا لما تمثله الاتصالات وتقنية المعلومات، وتأهباً للتحول لمجتمع معرفي، حيث نظر المجلس في تقدمه الوزارة من خدمات الاتصالات في المملكة ودورها في تطوير وتعميم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، بجانب مناقشته في اجتماع آخر للشأن الوظيفي الحكومي حيث ناقش وزير الخدمة المدنية حول رؤية الوزارة نحو تحسين بيئة العمل والتوظيف، وتطوير قدرات الموارد البشرية، وكذلك التعاملات الوظيفية مع الوزارات الأخرى لتكون أكثر مرونة، إضافة إلى دور الوزارة في تحسين الفهم العام للخدمة المدنية، وتطوير اللوائح والأنظمة التي تعنى بها. واطلع المجلس في اجتماع آخر على عرض مقدم من وزير الشؤون البلدية والقروية، عن الرؤية المستقبلية للوزارة والأهداف الاستراتيجية لتحقيق تلك الرؤية، والتوجهات لتطوير التخطيط الحضري وأسلوب بناء وإدارة وتشغيل المدن، والتوازن في التنمية بين جميع مناطق المملكة، وبين المدن الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، واستمع إلى عرض آخر من وزير العمل، عن مبادرات الوزارة، والبرامج التي أطلقتها، كما اطلع كذلك على مجموعة من البرامج الجديدة التي قامت وزارة العمل بتطويرها في ضوء توجهات مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وتواصلا للاجتماعات الدورية المتلاحقة التي باتت تمثل غرفة للعمليات التنموية والاقتصادية، استعرض المجلس عرضا من وزير التجارة والصناعة، عن ما تم إنجازه في سبيل تطوير قطاعي التجارة والصناعة، وأيضاً ما يتعلق بحماية المستهلك، إضافة إلى سبل تطوير الأنظمة التجارية والصناعية وتعزيز تنافسية المملكة في المحافل الدولية، وتمكين قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من دعم الاقتصاد الوطني، كما استوضح من رئيس هيئة السوق المالية، التوجهات والرؤى والأهداف المستقبلية للسوق المالية، واتخذ المجلس حيالهما عددا من التوصيات اللازمة، ولم تكن الزراعة شأناً بعيداً عما يبحثه المجلس برئاسة ولي ولي العهد حيث ناقش وزير الزراعة واستعرض أبرز توجهات الوزارة في هذا الشأن. وإيماناً من المجلس بأن التعليم والمعرفة ركنان رئيسان من أركان التقدم والنماء، اطلع المجلس على عرض من وزير التعليم بشأن توجهات الوزارة وأهدافها المستقبلية، وكان المجلس قد ناقش في آخر اجتماعاته الفترة الماضية وزير الاقتصاد والتخطيط، مطلعا على عرضه حول الرؤى والتوجهات الاقتصادية للمملكة، وانعكاسات ذلك على خطة التنمية العاشرة والمبادرات التي تحتويها. أرامكو الجديدة أصبح مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بمثابة مصنع لا يتوقف عن الإنتاج، مهندسوه ينظرون في كل خطوط إنتاجه ومصادره، حيث لم يتوقف نظر المجلس عند حد الجهات الحكومية ذات العلاقة بالتنمية والاقتصاد، إنما بدأ في تقصي موارد هذا الاقتصاد، وطرح رؤية الأمير محمد بن سلمان حول إعادة هيكلة شركة أرامكو وفصلها عن وزارة البترول والثروة المعدنية، وهو ما حاز على ثقة المجلس ووافق عليه، ليعيد الأمير محمد بن سلمان برؤيته التي نالت أصوات غالبية المجلس صياغة الشركة الأهم في العالم والتي تتربع على حقول أكبر منتج في العالم "النفط"، وإنشاء مجلس أعلى للشركة برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولبست أرامكو الشركة السعودية للزيت بهذه الرؤية ثوبا جديدا مختلفا عن الثمانين عام الماضية، يدفعها نحو مستقبل أكثر تقدما في مجال العمل على تنويع وتطوير مصادر الطاقة وصناعاتها. وأوضح المستشار السابق لوزير البترول والثروة المعدنية محمد الصبان أن هذا القرار سيعطي الشركة مزيدا من المرونة في اتخاذ القرارات على أساس تجاري والاحتفاظ بالسيطرة المالية الكاملة. في حين، وصف الخبير الاقتصادي برجس البرجس، رؤية ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بفصل أرامكو عن وزارة البترول والثروة المعدنية وإعادة هيكلتها بالقرار الموفق، وقال إن قرار إعادة هيكلة أرامكو يتعلق بأعمال وتنظيم إدارية، وعن فصلها عن وزارة البترول أوضح أن الوزارة ستبقى مشرفة على السياسة النفطية ولكن بمعزل عن مجلس إدارة الشركة، عاداً ذلك بالتغيير الموفق. صناعة قرار أكثر فعالية في مقابل ذلك أكد خبراء ومحللون ومتابعون للشأن الاقتصادي والتنموي بالمملكة، أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بمثابة الرابط المهم بين ما يتم رسمه من سياسات اقتصادية مستقبلية وبين ما يتم عمله، مشيرين إلى أنه سيحافظ على استدامة القيمة المضافة للقرارات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية قبل فرضها، مؤكدين أن آليات صناعة القرار تغيرت كلياً، وتحررت من التباطؤ الذي شاب الكثير منها في الماضي والذي كان غير مواكب لما يشهده عالم الاقتصاد والتنمية اليوم. ووصف المتخصصون دمج الشؤون الاقتصادية والتنمية في إطار واحد بمثابة خطوة موفقة حيث الارتباط الوثيق بينهما، عادين ما يتم عمله عهدا جديدا يأخذ في الاعتبار ضرورة تنويع الدخل العام ومشاركة المواطن في دفع عجلة التقدم الاقتصادي. إنعاش الاقتصاد اختصر الأمير محمد بن سلمان برئاسته للمجلس الزمن في شأنين مهمين وتمكن من تقليب ملفات عدة في وقت قياسي لم تشهده إدارة الشؤون الاقتصادية والتنموية في أي دولة في المنطقة، يأتي ذلك في الوقت الذي قضى فيه الكثيرون الوقت لعقد مقارنات ما تشهده المملكة وتشهده دول أخرى، وتمكن من تحويل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إلى غرفة عمليات أخرى لا تقل حزما في تنمية الوطن وتقدمه، وتطوير آليات صناعة القرار في الحكومة لتكون أكثر سرعة ومتابعة وفعالية للتصدي للكثير من القضايا والمواضيع الملحة والآنية.