قال رئيس اللجنة الوطنية للسياحة والسفر الدكتور ناصر الطيار لهذه الصحيفة أمس: «إن رحلات دبي والدوحة والكويت تم إغلاقها بالكامل خلال إجازة الربيع». دبي محطة تقليدية للسياح السعوديين حتى في آب (أغسطس)، لكن اللافت والغريب دخول الدوحة والكويت ضمن الوجهات السياحية، وإن كانت الأخيرة تشهد هذه الأيام حفلات مهرجان فبراير الغنائية. الدوحة والكويت معظم زوارهما المألوفين من مستخدمي الطرق البرية الذين يذهبون لرؤية أقاربهم، أما أن يصل الأمر إلى درجة عدم وجود مقعد طيران إليهما خلال الإجازة فهذا إعلان عن مزاج سياحي جديد يقبل أي شيء من أجل السفر. لا شيء في الكويت يختلف أو يفوق الرياض وجدة، بل تتميزان بالتنوع والتعدد الذي لا يتوافر في الكويت. الدوحة غالية جداً ومحدودة الخيارات، فمناخها متطابق مع المنطقة الشرقية، وشواطئها لا تختلف عن الدمام والخبر من دون ذكر مزايا شواطئ جدة وتبوك والشقيق، فلماذا يدفع ساكن الرياض، مثلاً، كل هذه المبالغ وهو قادر أن يركب سيارته أو القطار ليصل إلى شواطئ الشرقية الواسعة؟ الشيئان الوحيدان المختلفان هما: السينما، ومرونة الحركة الاجتماعية، فهل هما أو أحدهما هو الدافع لاختيارهما؟ هل يبلغ الولع السعودي بالسينما هذا الحد حتى إن بلغت كلفة التذكرة ألف ريال أو يزيد؟ السياحة اكتشاف ومقاربة المختلف مكاناً وثقافة، ما يجعل أوروبا ومصر وتركيا أماكن سياحية مفضلة تمثل تجربة مختلفة بحكم تباينها واختلاف مفرداتها السياحية أو رخص أسعارها، أما أن ينتقل المرء من غرفة إلى أخرى داخل بيته فهو نشأة أخرى للسياحة. الإجازة نفسها قصيرة، ما يجعل مصاريفها مكلفة إن لم تحقق غاية التجربة المختلفة ومعايشة الثقافة الأخرى. لا أظن الدوحة أو الكويت كانتا يوماً ضمن الخريطة السياحية السعودية، فمعظم الزيارات إليهما عائلية أو مهمات عمل، ما يجعل بحث هذا التحول مهمة هيئة السياحة وبحث نواقصها في توفير الخيارات، وأن تتساءل ماذا ينقص شواطئها الواسعة ويوجد في غيرها؟ ما فروقات الأسواق والمطاعم عنها داخلياً؟ هل الأسعار هناك أرخص؟ هل العروض السياحية أقوى وأكثر مرونة؟ هل البرامج والنشاطات تتسم بالتنوع والجاذبية؟ هل السبب الحفلات الغنائية والسينما فقط؟ في المقابل هل السعودية جاذبة سياحياً للخليجيين أم أن الرحلة أحادية الاتجاه. لو كنت مكان «السياحة» لوقفت عند باب المطار سائلاً العائدين من الدوحة والكويت: لماذا ذهبتم وماذا وجدتم وماذا ينقصكم هنا؟ حين تخالف أفواج السياح المنطق الثابت والوجهات الطبيعية، وترتضي بالقليل، وتختار المتماثل مع فارق النفقة وترتيبات السفر، فهذا يعني خللاً كبيراً لا بد من اكتشافه ومعالجته على الأقل من باب إغراء الآخر واستقطابه. إن كانت المسألة مقتصرة على السينما ومساحات الحركة فلا لوم على «السياحة» ولا ذنب لها، فهي لا تستطيع إحداث فرق في ذلك، وإنما تنتظر مع المنتظرين.