×
محافظة جازان

ثقافي / تعاوني بيش ينظم درسا بعنوان " المواريث "

صورة الخبر

للماضي رواده الذين لا ينفكون يترددون عليه بين الحين والآخر، وهو الحال للأسواق الشعبية التي تقاوم الظروف وكأنها لا تزال النافذة التجارية الوحيدة. وفي محافظة رجال ألمع يبرز عدد من الأسواق الشعبية القديمة التي كانت لها بصمتها ووقعها في تاريخ المحافظة التي كان كثير من الأهالي يرون المجيء إليها جزء من الحياة اليومية. وكان لكل بضاعة مكان خاص بها بهذه الأسواق، فالمواشي لها مكان، والحبوب والقماش والعطريات، والأدوات المنزلية والمنتوجات اليدوية، والحبكات المحلية، كان لكل منها مكان، والطريف أن تلك الأسواق كانت تضم رجالا ونساء وكانت كل شريحة منهما تتبادل منفعة السوق بيعا وشراء، ولكل جنس منهما مبيعات خاصة. ومن أبرز أسواقها القديمة التي لا تزال تقاوم سوق (السبت) الذي يقام في قرى صلب، وسوق (الأحد) في الشعبين الذي يشتهر ببيع المواشي والرياحين والعسل. أما سوق بلدة رُجال فيقام يومي الاثنين والخميس وفيه يتم بيع المنتجات الحرفية اليدوية القديمة التي تستعمل في الزراعة والصناعة وأدوات الحرب إضافة إلى المنتوجات والأدوات المنزلية. وتعرف المحافظة أسواقاً أخرى كسوق الثلاثاء في ثلوث حسوة وسوق ثلوث ريم الذي له أهمية تجارية كبيرة وسوق ربوع البناء الذي يقام بجوار وادي حلى. ويفيد أحد المسنين ممن عايش أوضاع السوق وأحواله قبل نصف قرن أنه: "كان القاضي يجلس على "دكة" جوار السوق وكان الناس يقفون بالدور أمام مجلسه كل رجل وخصمه وحاجته اما يرغب في سؤال الشيخ عن قضية دينية أو قضية ارث وكان الشيخ يسأل ويناقش وفي الحال يخرج الخصمان وقد تراضيا ويرجع السائل وقد اجيب عن سؤاله". أما رواد السوق فكان الرجل بعد ان يعود من صلاة الفجر يفطر ويحتسي قهوته ثم يأخذ "الزنبيل" ويخرج إلى السوق ويبدأ بالمرور على بائعي الخضار ويشتري حاجته ثم يمر على السوق ليشتري ما يحتاجه منزله ويكفيه لموعد السوق المقبل، حيث تقول الخالة "صلحة عسيري " التي تعرض بضاعتها من الأكلات الشعبية بأسواق المحافظة: "مازال السوق يحافظ على العادات والمأكولات الشعبية، وفتح باب الرزق لشريحة من المجتمع توقفت عن العمل، وأصبحت معتكفة في منزلها لا تملك قوت يومها، وأكدت أن النساء اللائي يزاولن البيع والشراء والطبخ يمارسن عملهن، ولم تحدث أي مضايقات لهن منذ بداية السوق". وأضافت عسيري أنها تقوم بعمل فتة الخمير والمغش وخبز البر، وتبيع الطيب (غرائر) والمعمول وبعض العطور، وأكدت أن الربح جيد في هذا السوق بحكم كثرة الزبائن الذين يحبذون الأكلات الشعبية. ويؤكد العم "قاسم يحيى البناوي": "أن السوق كان ينعقد في أسفل وادي ضبيان شمال شرق (سنومه) بالقرب من قرية سمَعَيِ، وكان يمتاز بموقعه بالقرب من بئر تسمى (بير المليحة) كذلك ينتشر فيها أشجار البراي الكبيرة والعملاقة التي كانت تظل السوق". ويضيف البناوي أن السوق "كان محلاً لفض النزاعات بين المتخاصمين أو للتجهيز للحروب أو للنظر في ما يطرأ على الساحة القبلية من جديد، إضافة إلى البيع والشراء أو لتبادل السلع ومقايضتها" متأسفاً على "اندثار هذا السوق رغم مطالبات الأهالي بإعادته ليكون مقراً للتسوق الشعبي"، مؤكداً أن الأزياء الألمعية لا تزال تباع فيه خاصة النسائية التي تتم صناعتها بأيدي عدد من الخياطين والخياطات. وأضاف: "أن الأسواق كانت بمثابة الصحيفة حيث يلتقي الناس ويتداولون أخبارهم وأخبار المناطق الأخرى إضافة لجلسات الشعر والقصص الشعبية، ويشترون ما تحتاجه بيوتهم من الحبوب مثل البر والشعير والذرة، وكذلك السمن والعسل والخضروات والفواكه المحلية، والمواشي من أغنام وأبقار وجمال، وكذلك الأسلحة كالخناجر والسيوف وتعرض فيه الملبوسات التقليدية التي تخاط بأيدي رجال ونساء مهرة والحلي والمشغولات والعطارة". وقال: "إن الشراء يخضع لظروف وأحوال الناس كل بحسب قدرته حيث كانت العملة المتداولة آنذاك اما الريال الفرنسي او المقايضة في السلع، وكان الباعة يأتون إلى السوق قبل موعده بيومين او ثلاثة خاصة البعيدين عنه يسوقون أمامهم مواشيهم ودوابهم وهي تحمل ما يرغبون تسويقه من حبوب وثمار وكان السوق في البداية يقام حتى الظهر ثم بعد نشاطه وزيادة حركته اضطر الباعة ان يستمروا حتى المغرب وعند موعد صلاة الظهر كان بعضهم بعد الصلاة يذهبون لتناول الغداء عند اقاربهم لعدم وجود مطاعم". ولأن المحافظة تشتهر بإنتاج العسل بجميع أنواعه وبجودته العالية، فتم إيجاد موقع لمهرجان العسل في مركز الحبيل لإنتاج العسل من خلال الطرائق الحديثة لتقديم هذا المنتج في ضمانة صحية وغذائية جيدة، حتى أصبحت المحافظة وجهة لمن يبحث عن العسل النقي مثل عسل الشوكة والسدر والمجرة، كما أن هناك موقعا مخصصا لمزاد بيع العسل، حيث يلزم البائع بالسعر الذي تقف عليه المزايدة، ويباع بحضور لجنة من منظمي المهرجان السنوي من أهل الخبرة في جودة العسل".