الحركة في سوق الشواشين بالعاصمة التونسية ضعيفة (الجزيرة نت) إيمان مهذب- تونس تبدو الحركة التجارية هادئة خلف أسوار المدينة العتيقة بالعاصمة تونس، غير أن التجار يقفون كعادتهم أمام محلات الصناعات التقليدية يبادرون المارين بالتحية ويعرضون عليهم الدخول لشراء منتجاتهم اليدوية الصنع. يواصل التجار البحث عن الزبائن، وإقناع بعضهم بالدخول، بينما ينهمك آخرون بالعمل، في ترتيب بضاعتهم، أو إتمام صنعها، على وقع أصوات الباعة والأنغام المنبعثة من الراديو وطرق الأواني النحاسية. يجلس الحبيب حمزة أمام محل الأواني النحاسية، وعلى طاولته الصغيرة الخشبية يواصل نقش أطباق صغيرة من النحاس، وعليها يرسم ما جاد به خياله من صور ترمزلتونس، ويمكن أن تشد السياح. حمزة البالغ من العمر 45 سنة خبر هذه المهنة منذ أن كان بالعاشرة من عمره "اختلف الزمن كثيرا، ولم تعد المهنة كالسابق، كنا ننقش أطباقا من الفضة، لكن ارتفاع السعر جعلنا نستعمل النحاس". الأطباق النحاسية تنقش عليها رسومات ترمز لتونس (الجزيرة نت) تراجع ويواصل حديثه للجزيرة نت بأنه رغم أن إقبال السياح على تونس قل بعد الثورةفإن الأوضاع ليست سيئة، حيث تجد المنتجات التقليدية إقبالا من قبل التونسيينوإن كان ذلك مقصورا علىالمناسبات فقط. إبراهيم معروف، صاحب محل للأواني النحاسية، بدا أكثر تفاؤلا، واعتبر أن الأوضاع لم تكن كارثية كما يصورها البعض بعد الثورة، حيث أقبل على المنتجات الكثير من الأجانب (ليسوا بالضرورة سياحا) فمنهم الصحفيون الذين قدموا لتغطية الأحداث في البلاد. كما أشار معروف في سياق حديثه للجزيرة نت إلى أن الثورة الليبية انعكست بالإيجاب على قطاع الصناعات التقليدية، حيث أنعش القطاع إقبال الليبيين الوافدين على تونس. وتشير الأرقام إلى أن قطاع الصناعات التقليدية يوظف 350 ألف شخص أي ما يعادل 9.7٪ من القوى العاملة، ويساهم بنحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وتأمل الحكومة أن يسجل القطاع السياحي هذه السنة انتعاشة، بعد أن سجلت 2011 تراجعا بلغ 33%، وهو فيحال تحققه سينعكس بالإيجاب على قطاع الصناعات التقليدية. الإقبال على الملابس التقليدية اليدوية لم يعد كالسابق (الجزيرة نت) مخاوف غير أن عددا من حرفي الصناعات التقليدية يرون أن بعض المنتجات والملابس التقليدية التونسية كـ"الجبة" و"السفساري" و"الشاشية" لا تتأثر بتوافد السياح، معربين عن تخوفهم من انقراض مهنهم وعدم الإقبال عليها رغم محاولات التجديد والابتكار. عبد الرزاق كاهية الحرفي بصناعة الشاشية (طربوش صوفي) بيّن خلال حديثه للجزيرة نت أن صناعة الشاشية لم تعد تلاقي إقبالا يذكر، مشيرا إلى أن أغلب محلات "سوق الشواشين" أغلقت والحركة قلت كثيرا. وبين كاهية الذي يزاول هذه الحرفة منذ ستين سنة أن تصدير الشاشية للأسواق الخارجية أنقذ المهنة حيث إن الكثير من البضائع التي يتم إنتاجها يرسل إلى أفريقيا ونيجيريا والنيجر وليبيا وغيرها، وأنه لولا ذلك لانقطعت هذه الصنعة منذ سنوات. وعن إمكانية إدخال ابتكارات على صنعته لإنقاذها من الاندثار، بين كاهية أن التجديد والابتكار وتغير الألوان الذي قام به الصناع مؤخرالم ينفع، لافتا إلى أن شباب اليوم لم يعودوا يقبلون على تعلم هذه الحرفة. إبراهيم معروف: الثورة الليبية انعكست إيجابيا على الصناعات التقليدية التونسية(الجزيرة ت) أفكار محسن الخضيري المختص بصنع الجبة والبُرنس، بيّن في حديثه للجزيرة نت أن الابتكار يساهم في تسويق بضاعته، مشيرا إلى أنه يحاول ذلك عبر صفحة له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فهو يوثق بالصورة التصاميم التي ينجزها ويحاول أن يروج لها. غير أن الخضيري أكد أن بعض السلع انقطع الإقبال عليها مثل البرنس، كما أن الجبة لا يرتديها التونسيون إلا في المناسبات فقط، فكلفتها مرتفعة ويمكن أن تصل إلى 250 دولارا إن كانت من الحرير. غير أن صدر الدين التيجاني المختص بصنع الأنسجة الحريرية (المادة الأولية لصنع الجبة والسفساري) أعرب عن تخوفه قائلا "الإقبال على اللباس التقليدي اليدوي لم يعد كالسابق، فالمواد الأولية قلت والطلب عليها كذلك". وذكر أن المختصين بصناعة هذا النسيج كانوا يعدون بالآلاف بالعاصمة تونس، لكن العدد تقلص وأصبح في حدود الخمسين حاليا.