دمرت ضربات تحالف «عاصفة الحزم» أمس واحدا من أهم المعسكرات في صنعاء التي استولى عليها الحوثيون، في الوقت الذي كشفت فيه مصادر لـ«الشرق الأوسط» عن فرار مجاميع كبيرة من ضباط وجنود الحرس الجمهوري الموالي للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، من ساحة المواجهات مع القبائل في محافظة مأرب بشرقي البلاد. وواصلت طائرات التحالف، أمس، لليوم الثالث على التوالي، قصفها لمعسكر «جبل فج عطان» جنوب العاصمة صنعاء، حيث تم استهداف مستودع لصواريخ سكاد. وقال شهود عيان إن الانفجارات التي نتجت عن قصف المعسكر، أمس، كانت قوية ودوت في أرجاء العاصمة. وأضاف الشهود أن الانفجارات استمرت لبعض الوقت وأن شظايا الأسلحة والذخائر التي كانت بداخل المعسكر تطايرت في كافة الأنحاء وخلفت ضحايا في أوساط المدنيين. وتشير معلومات محلية إلى أن المعسكر يحتوي على مخازن لألوية الصواريخ. ويتبع هذا المعسكر الحرس الجمهوري (سابقا) والموالي للرئيس المخلوع صالح، ونجله العميد أحمد علي عبد الله صالح، وكلاهما يخضع لعقوبات من مجلس الأمن الدولي تتضمن منعهما من السفر وتجميد أموالهما التي يعتقد أنها طائلة. كما واصل طيران التحالف قصف المعسكرات ومواقع تجمعات الميليشيات الحوثية في ضواحي العاصمة صنعاء، حيث يعتقد أن الجبال المحيطة بصنعاء والمديريات التابعة لمحافظة صنعاء، باتت جميعها مخازن للأسلحة والذخائر. وفي الوقت الذي تستمر فيه جيوب قوات الحوثيين وصالح في عدن في محاولاتها المستمرة للسيطرة والدخول إلى قلب المدينة والمواقع التي تم طردها منها من قبل المقاومة وطيران قوات التحالف، يؤكد سكان عدن على استمرار القناصة في استهداف المواطنين المدنيين الأبرياء. وقال مواطنون لـ«الشرق الأوسط» إن العشرات من القناصة تم نشرهم في المدينة والذين ما زالوا يعتلون المباني المرتفعة. وفي جبهة محافظة الضالع، أفادت مصادر محلية بأن ميليشيات الحوثيين أقدمت أمس على اعتقال مئات المواطنين المتسوقين في منطقة سناح القريبة من مديرية قعطبة. وأشارت المعلومات الأولية إلى استخدام هؤلاء المواطنين دروعا بشرية إزاء هجمات المقاومة في الضالع والتي كبدت القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. إلى ذلك، استمرت المواجهات، أمس، في محافظة مأرب بشرقي البلاد، بين رجال القبائل والقوات العسكرية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة، وميليشيا الحوثيين وقوات صالح، من جهة أخرى. وقالت مصادر قبلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن المواجهات استمرت مساء أمس، على جبهة الجدعان واستخدم فيها مسلحو القبائل والحوثيون الدبابات والأسلحة المتوسطة. ونفذت طائرات «عاصفة الحزم» غارات عل مركز قيادة للحوثيين والحرس الجمهوري المتمرد وتعزيزات للحوثيين في مفرق الجوف - مجزر الجدعان مأرب وغارات جوية على نقطة اختراق مستحدثة للحوثيين في صرواح بين سوق صرواح ومحطة كوفل. ونفذ عليها مسلحو القبائل هجوما كبيرا سقط فيه قتيلان وعدد من الجرحى في صفوف القبائل. وأفادت المصادر أنه تم قتل وجرح العشرات من الحوثيين واستسلم بعضهم وتراجعت قوات الحوثيين إلى غرب سوق صرواح. وأضافت المصادر القبلية أن «القبائل تحقق تقدما في كافة الجبهات في مأرب، في الجدعان وفي صرواح وغيرها»، مبينة أن «الحوثيين يعانون من نقص القوة البشرية نتيجة خسائرهم التي يتكتمون عليها ونتيجة فرار متزايد من الحرس من الجبهات والمغادرة إلى مناطقهم هربا من القصف الجوي والاشتباكات مع القبائل». وقال مصدر قبلي لـ«الشرق الأوسط» إن «رسالتنا هي رفض الوجود والتمدد الحوثي في كل خطوط المواجهة ونحن مستبسلون في حماية مأرب والشرعية، مهما حدث في المحافظات الأخرى، ولا مجال للتراجع». وتتكون جبهة مأرب، بدرجة رئيسية، من المسلحين الذين يشكلون جبهات من كافة قبائل مأرب وإقليم سبأ الذي يتكون من محافظات: مأرب، الجوف والبيضاء، وحسب المصادر الخاصة، فقد شاركت بفعالية «بعض قوى أحزاب اللقاء المشترك بزعامة حزب التجمع اليمني للإصلاح، في القتال». وفي صعدة في شمال البلاد، أكدت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» أن العشرات من القتلى والجرحى سقطوا قتلى وجرحى في قصف قوات التحالف لمواقع تجمعات الميليشيات الحوثية. وبموازاة الهجمات التي تقوم بها قوات المتمردين، تعمل الآلة الإعلامية الحوثية في الشارع اليمني، وتصور هذه الآلة، عبر الإشاعات والأقاويل التي لا تستند إلى حقائق، أن الحوثيين يحققون تقدما في حربهم على الجنوب وأن معظم المناطق باتت تحت سيطرتهم. ومن يقوم بجولة في صنعاء، رغم أن شوارعها شبه فارغة من المارة بسبب أزمة المشتقات النفطية، يجد أن الحوثيين ينشرون من يروجون الإشاعات في وسائل المواصلات. وآخر تقليعات الحوثيين بثهم لإشاعة، أمس، تقول إنهم على وشك السيطرة الكاملة على محافظة مأرب النفطية الهامة في شرق البلاد. وتمضي الإشاعة الحوثية في بالقول إنه وبعد السيطرة على مأرب، ستتوفر المشتقات النفطية وسيعود التيار الكهربائي. ولا تتورع آلة الدعاية الكاذبة الحوثية في نشر المزيد من التقليعات، كما توصف، ومنها أن الميليشيات الحوثية استولت على قرى سعودية بكاملها على الشريط الحدودي بين اليمن والمملكة العربية السعودية. وقال مواطنون لـ«الشرق الأوسط» إنهم يستمعون لمثل هذه الأكاذيب ولا يستطيعون الرد عليها بسبب حالة رد الفعل بالعنف التي يواجه بها الحوثيون كل من يخالف رأيهم أو يفند أقاويلهم. ويقول هؤلاء المواطنون إن من ينشرون هذه الإشاعات، لا يفقهون شيئا سوى ما يقوله لهم سادتهم الحوثيون ويقومون بترديده فقط، وما عدا ذلك فهو باطل وغير صحيح. وحسب المواطنين، فإن أقاويل الإفك هذه التي يرددها الحوثيون في صنعاء وما جاورها من مناطق في شمال البلاد، تواجه، في الغالب، بنوع من سخرية الصمت من قبل سامعيها.