الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله فقد ظله، ثم عقله، فما أصبح يتحدث به في خطاباته يشير إلى ارتباك وخلط أوراق وحسابات، بسبب عاصفة الحزم التي فاجأت كثيرا من الطامحين إلى نفوذ متطرف بدول المنطقة في حالة أشبه بالاستباحة إلى الحد الذي وصلت فيه إيران إلى التدخل فيما لا يعنيها دون التقيد بأي حدود دبلوماسية وأعراف سياسية، ولذلك أصبح هؤلاء يصرخون ويهذون ويدخلون في متاهات من التناقضات الصريحة. عاصفة الحزم أكثر من عمل عسكري، فهي ترتيب سياسي وأمني لأوضاع المنطقة، التي مارس فيها نصر الله وإيران قدرا كبيرا من الفوضى، تطلبت جراحة عسكرية بهذه العاصفة، ففي اليمن رئيس شرعي لا يتفق أداؤه لصالح شعبه مع أجندة هذه القوى والتابعة لها داخل اليمن كما هو حال الحوثيين، ولكن نصر الله لا يعترف بشرعيته وإعادته ويطالب بنسيانه وكأنه يتحكم في مصير الشعب اليمني ويتدخل كما إيران بصورة سافرة في شؤون لا تعنيهم. وحين يربط نصر الله ما يحدث في اليمن بسوريا فإنه لا يتوفق لأنه من الذين أسهموا بقوة في تعقيد المشهد السياسي والأمني في هذا البلد، بدعمهم لطاغية قتل مئات الألوف بخلاف ملايين النازحين والمشردين من بني شعبه، لأنهم لا يرغبون في حكمه، وهو لا يعمل على حل سلمي وإنما يدعم بقاء الوضع كما هو ووفقا لأجندته وأجندة الإيرانيين، ويسعى لنقل التجربة إلى اليمن ليلحقها الدمار والخراب، بحسب تصريحه بأن عاصفة الحزم تدمر اليمن، وكأنه لم يفعل شيئا في سوريا. وينكر نصر الله علاقته بإيران في محاولة ساذجة للهروب إلى الأمام، لأنه لم يكن لإيران أن تجد موطئ قدم لها في لبنان وسوريا لولا وجودهم كعنصر اختراق لشعوبنا ودولنا، والجميع يعلم أنه يكذب حين ينفي تلقيه أي أوامر من قادة طهران الذين يسير بحسب مخططاتهم وأهدافهم، فهو ينكر ويكذب فيما علم إيران من خلفه كأنه ينسى ذلك إذ لا مبرر لوجود العلم وهو لبناني وعربي وليس إيرانيا أو فارسيا وكان أولى به أن يظهر انتماءه لبلاده وأمته بعلم لبنان وليس غيرها. هذيان نصر الله يصل الى تشريح عاصفة الحزم بصورة غير موضوعية وبعيدة عن حقائق الواقع، حيث يشير في خطابه إلى أن الهدف الحقيقي للحرب هو إعادة الوصاية السعودية الأميركية على اليمن، بعد أن استعاد الشعب اليمني سيادته، ويسأل.. هل فوضت الشعوب العربية النظام السعودي بالحرب على اليمن؟ ونجيب أن التفويض جاء من الرئيس الشرعي الذي يمثل شعبه وليس من إيران وولاية الفقيه التي تتحكم به وبأتباعه. عاصفة الحزم فعلت خيرا كثيرا لليمن والعرب، وما يليها يغير الواقع تماما ويعيد كثيرين إلى حجمهم الطبيعي، ولا يبقى لهم غير الصراخ والتناقضات غير المنطقية؛ لأنهم في الطريق إلى أن يعودوا إلى الوراء، فالقافلة انطلقت ولن تتوقف، ولن تحمل نصر الله والفوضى التي يمارسها في بلادنا، فقد خففت عنا العاصفة عبئا ثقيلا لن نكرر تجربة حمله في مستقبلنا، واليمن سيعاد بناؤه بإرادة شعبه ووقوف أشقائه إلى جانبه حتى يستعيد سعادته. باحث اجتماعي