انطلقت أمس رسميا بالجزائر تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2015، وسط جدل حول مدى جهوزية مدينة سيرتا العريقة لأن تكون عروسا للمدائن العربية على مدار سنة كاملة. ويحظى يوم 16 أبريل/نيسان برمزية كبيرة لدى الجزائريين مرتبطة بالعلم والثقافة، كونهم يحتفلون فيه بذكرى وفاة رائد نهضتهم الإصلاحية في العصر الحديث الشيخ عبد الحميد بن باديس المولود في ولاية قسنطينة. تم وضع تمثال لابن باديس وسط المدينة مقابل قصر الثقافة إكراما لروح المفكر والعالم الراحل وتخليدا لذكراه. وأشرف على الافتتاح الرسمي عبد المالك سلال الذي ناب عن الرئيس بوتفليقة الذي يغيب بداعي المرض، وحضر الاحتفال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، والمدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، إلى جانب وفد يضم شخصيات رسمية وثقافية من داخل الجزائر وخارجها. وبعث الرئيس بوتفليقة للمشاركين رسالة -قرأها نيابة عنه مستشاره الخاص محمد بن عمر زرهوني- أكد من خلالها أن العمل الثقافي هو الوسيلة الأنجع لمواجهة التخلف. وانتقد البعض المدة الزمنية الطويلة التي خصصت لتلاوة رسالة الرئيس التي اعتبرها البعض الأطول من بين كل الرسائل الرئاسية، وعلق الإعلامي مروان الوناس عبر صفحته في الفيسبوك متسائلا هل هذا حفل افتتاح أم مهرجان خطابي؟. وقبل ذلك شهدت المدينة تنظيم كرنفال شعبي جاب شوارعها بعربات زينت بمجسمات تجسد معالم أثرية وثقافية للدول العربية. وفي حفل الافتتاح الرسمي ليلة الخميس والذي احتضنته قاعة الزينيت، تم عرض ملحمة قسنطينة الكبرى التي تؤرخ المراحل التاريخية للمدينة والممتدة على مدار ثلاثة آلاف عام، وهي من إخراج علي عيساوي، وكتب فصولها العديد من الكتاب والشعراء. انتقادات وأثار مستوى الملحمة الفني وطريقة أدائها ردود فعل ساخرة ومنتقدة على شبكات التواصل الاجتماعي، وصل ببعضها إلى المطالبة بضرورة اللجوء إلى العدالة لمتابعة القائمين على الملحمة. وعلى العكس يعتقد رئيس جمعية نوافذ الثقافية الروائي رياض وطار، أن ملحمة قسنطينة استطاعت أن ترقى بحفل الافتتاح إلى مستوى راق، ويقول للجزيرة نت إن هذا المستوى ينسي كل الأخطاء والهفوات التي ارتكبت من قبل عرضها. وذلك لم يتسن برأيه لولا الجهود الجبارة التي بذلها الممثلون على الركح (خشبة المسرح)، وأوضح أن أغلب هؤلاء شباب لم يسبق لهم العمل في الملاحم، وبعضهم يصعد خشبة المسرح لأول مرة في حياته. وقبل الافتتاح بأيام قليلة ساد جدل واسع بين الأسرة الثقافية والإعلامية الجزائرية حول مدى جاهزية المدينة لاستقبال ضيوفها من الدول العربية المشاركة، خاصة بعد تعرض العديد من الضيوف -وخاصة رجال الإعلام منهم- إلى إلغاء حجوزاتهم الفندقية، بحجة عدم وجود غرف كافية للضيوف. كما أن بعض الفنادق الجديدة لم يتم الانتهاء من إنجازها بنسبة كاملة على غرار فندقي الماريوت وسيرتا، كما تساءل البعض عن جاهزية المنشآت الثقافية الجديدة لاحتواء مختلف الأنشطة الثقافية المبرمجة على مدار العام، خاصة أن المدينة ما تزال عبارة عن ورشة كبيرة قبيل ساعات فقط من الانطلاق الرسمي للتظاهرة. وأثار كل ذلك شكوكا وتخوفات بشأن الوعود التي أطلقتها وزارة الثقافة، بتسليم المشاريع المقرر إنجازها في مواعيدها المحددة.