يوافق يوم 25 في شهر أبريل من كل عام يوما عالميا للتوعية بمسببات وسبل علاج مرض الملاريا أو ما أطلق عليه العرب قديما "البرداء" نسبة لما يرافقها من رعشة وحمى. تهدد الاصابة بها اكثر من 40% من سكان العالم حيث يصاب بالملاريا سنويا من 300 – 500 مليون شخص. الملاريا مرض يصاب به الإنسان - دون باقي الكائنات الحية ويسببه طفيلي قاتل تنقله إناث البعوض من النوع أنوفيلس Anopheles.. لم يُقض على الملاريا في دول نامية كثيرة حيث يسبب مشكلة في دول المنطقة الحارة والمعتدلة بالعالم. كانت هناك محاولات للقضاء على الملاريا عالميا إلا أنها فشلت لمقاومة البعوض للمبيدات الحشرية ومقاومة طفيليات الملاريا للأدوية. ترجع كلمة ملاريا الى المصطلح اللاتيني والذي يعني الهواء الفاسد إشارة إلى توالد بعوض الملاريا في المستنقعات والمياه الراكدة، . كان القدماء يعتقدون أن الملاريا ينقلها هواء المستنقعات. لهذا كان الإنجليز يسمونها حمى المستنقعات. تم اكتشاف الطفيلي مسبب مرض الملاريا عام 1880م بواسطة الطبيب الفرنسي " ألفونس لافيران" حيث كان يعمل في الجيش الفرنسي في الجزائر وقد حاز على جائرة نوبل في الطب عام 1907م عن اكتشافه هذا. تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الملاريا تنتشر في قارة إفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية وشبه القارة الهندية والشرق الأوسط وبعض بلدان أوروبا وجنوب شرق أسيا وغرب المحيط الهادي إلا أن 90% من الإصابات تتركز في إفريقيا خاصة غرب ووسط وشرق القارة. وحيث ان هذا المرض من الأمراض الفتاكة فقد أوصت منظمة الصحة العالمية المسافرين إلى المناطق الموبوءة باستعمال الدواء المناسب مباشرة بمجرد الإحساس بارتفاع درجة الحرارة إلى 38 درجة مئوية أو عند ظهور أي أعراض للملاريا دون الانتظار لتشخيص الطبيب أثناء السفر أو بعده. من هي الفئات المعرّضة للخطر؟ يواجه نصف سكان العالم تقريباً مخاطر الإصابة بالملاريا. وتحدث معظم الحالات والوفيات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. غير أنّ آسيا وأمريكا اللاتينية، وبدرجة أقلّ، منطقة الشرق الأوسط وبعض المناطق الأوروبية باتت تشهد أيضاً حدوث حالات من المرض. والفئات المعرّضة للخطر بوجه خاص هي: * صغار الأطفال الذين يعيشون في مناطق يسري فيها المرض والذين لم تتشكّل لديهم بعد مناعة تحميهم ضدّ المرض. * الحوامل اللائي لا يمتلكن المناعة اللازمة. إذ تتسبّب الملاريا في حدوث الإجهاض التلقائي بمعدلات مرتفعة ويمكنها أن تتسبّب في وفاة الأم. * الحوامل المصابات بفيروس الأيدز ممّن لا يمتلكن قدراً كافياً من المناعة في المناطق التي تسري فيها الملاريا معرّضات، بشدّة، لمخاطر الإصابة بالمرض أثناء الحمل. كما تواجه النساء المصابات بعدوى الملاريا في المشيمة، أكثر من غيرهن، مخاطر نقل عدوى فيروس الأيدز إلى أجنتهن. * المصابون بالأيدز. * المهاجرون القادمون من مناطق تتوطنها الملاريا وأطفالهم ممّن يعيشون في مناطق لا يتوطنها المرض ويعودون إلى بلدانهم معرّضون بصورة مماثلة لمخاطر المرض نظراً لامتلاكهم مناعة قليلة أو عدم امتلاكهم أيّة مناعة على الإطلاق. أنثى بعوضة أنوفليس Anopheles هي الأكثر قدرة على نقل الطفيلي المسبب للملاريا أثناء امتصاصها لدم الإنسان الذي تحتاجه لتتمكن من وضع البيض مع ملاحظة أن ذكر البعوض لا يتغذى على الدم ولكن على رحيق الأزهار وعصارة النباتات. ويوجد 380 نوعا من البعوض الأنوفليس منها حوالي 60 نوعاً له القدرة على نقل الطفيل. بعد مرور مائة عام على اكتشاف أن البعوض ينقل طفيليات مرض الملاريا، توصل العلماء إلى اكتشاف الخريطة الجينية لمرض الملاريا وللبعوض التي تنقل هذا المرض. أدى هذا الاكتشاف إلى طرق جديدة لمعالجة عدوى مرض الملاريا الذي يعاني منه عدد كبير من المرضى في العالم. بالرغم من ازدياد مقاومة طفيليات المرض للعقاقير المضادة له والبعوض للمبيدات المستخدمة ضده. الا ان هناك آمالا في منع انتقال الملاريا للإنسان ولاسيما وأن طفلا يموت بها كل 40 ثانية. حيث تقتل من 1 –2 مليون شخص سنويا حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية. معظم حالات الوفاة من الملاريا نجدها في الأطفال لأن جهازهم المناعي لم يكتمل والحوامل لأن جهاز المناعة لديهن يكون مثبطا أثناء حملهن ولا سيما لو كان الحمل لأول مرة. وبعض الأشخاص لديهم مناعة وراثية ذاتية تقاوم الملاريا وتمنع الطفيل من النمو والتوالد بأجسامهم. تسبب مرض الملاريا طفيليات تحملها أنواع معينة من البعوض. ومن أجل أن تتم الطفيليات دورتها الحياتية يجب عليها أن تدخل أجسام البعوض والبشر. لا توجد أمصال واقية لهذا الطفيل. وتختلف درجة الإصابة من موسم لآخر فأعلى معدل يكون في مواسم الأمطار نظراً لانتشار البعوض بكثرة لوجود برك ماء. ويكثر البعوض الناقل للملاريا في المناطق الدافئة الرطبة ويؤدي استقرار المناخ إلى انتشار المرض لفترة طويلة قد تمتد طوال العام. توجد محاولات علمية لإجراء تعديل وراثي في البعوض الناقل للمرض بما لا يسمح للطفيل بالبقاء في أحشاء الحشرة، ثم إطلاق هذه السلالات المعدلة وراثياً لتنتقل منها هذه الصفة إلى السلالات المهجنة. أنواع الملاريا هناك نوعان من الملاريا: حميدة ومعقدة. الملاريا الحميدة أقل خطورة وأكثر استجابة للعلاج. الملاريا المعقدة قد تكون شديدة الخطورة، وقاتلة أحياناً لذا تحتاج العلاج بشكل عاجل. تبدأ أعراض الملاريا في الظهور غالبا ما بين عشرة أيام إلى أربعة أسابيع من لسعة البعوض. ولكن في بعض الحالات، قد تظهر الأعراض بعد سنة، اعتمادا على نوع الطفيلي. المسببات الملاريا تظهر بسبب نوع من الطفيليات يعرف (بلازموديوم). (plasmodium)هنالك المئات من الأنواع المختلفة من البلازموديوم، ولكن أربعة فقط تسبب الملاريا للإنسان: 1- بلازموديوم فلسبروم(plasmodium falciparum): هذا النوع الوحيد الذي يسبب الملاريا المعقدة، ويوجد بشكل رئيس في أفريقيا وكذلك في الجزيرة العربية وتهامة بالذات وهذا الطفيلي يسبب أشد الأعراض وينتج عنه أكثر حالات الوفاة. 2- بلازموديوم فيفاكس(plasmodium vivax): وهو نوع حميد من الطفيليات يوجد أساسا في آسيا. ينتج عنه أعراض أقل خطورة وشدة من البلازموديوم فلسبروم. ولكنها تستطيع المكوث في الكبد ويوجد في الجزيرة العربية أيضا بشكل خامد إلى ما يصل إلى 3 سنوات، مما قد يؤدي إلى حدوث انتكاسات. 3- بلازموديوم أوفال (plasmodium ovale): وهو نوع حميد، يوجد عادة في أفريقيا. هذا النوع يستطيع المكوث في الدم لسنين عدة دون ظهور أي أعراض. 4- بلازموديوم ملاري(plasmodium malarae): وهو أيضاً نوع حميد، نادر نسبيا، ويوجد عادة في غرب أفريقيا. تمر دورة حياة الطفيل بعدة مراحل نمو في الإنسان والبعوض الذي ينقله من شخص لديه عدوى الملاريا عن طريق لسع أنثى بعوضة من نوع أنوفيلس ِAnopheles لشخص مصاب بالملاريا حيث يمتص الطفيل المسبب للملاريا من دم الإنسان المصاب ولابد لهذا الطفيل أن ينضج في القناة الهضمية للبعوض ولمدة أسبوع أو أكثر ليكون قادراً على إصابة شخص سليم ينتقل بعدها إلى الغدد اللعابية للبعوض ويسمى هذا الطور باسم سبوروزيت Sporozoite وعندما تلسع هذه البعوض شخصاً سليماً فإن الطفيل ينتقل إلى دم الإنسان في كل مرة تمتص فيها دمه. يهاجر الطفيل مباشرة إلى كبد الإنسان ويدخل خلاياه وينمو فيها متكاثراً وخلال هذه الفترة التي يتواجد فيها الطفيل داخل الكبد لا يشعر الإنسان بأعراض المرض. بعد فترة تتراوح بين 8 أيام إلى عدة شهور ينتقل الطفيل من الكبد ليدخل كرات الدم الحمراء حيث ينمو ويتكاثر بداخلها ثم تنفجر الكرات ليخرج منها أعداد كبيرة من الطفيليات تهاجم كرات دم جديدة ويخرج من الكرات أيضاً سموم هي التي تؤدي إلى الشعور بالمرض وفي هذة الفترة إذا تمكن البعوض من لسع الإنسان المصاب فإنه يمتص الطفيل من الدم ليظل في جسمه لمدة أسبوع أو أكثر بعدها يصبح قادراً على نقل المرض لشخص آخر. حيث يمتص دمه ليصيب شخصا سليما بالمرض عن طريق بث لعابه بعد لسع جلده. يحتوي لعاب البعوض على إسبيروزريدات (sporozoites) والتي تتجه عبر الدم لكبد الشخص المصاب حيث تنقسم السبيرزيدات في خلاياه إلى آلاف (merozoites) التي تنساب في مجرى الدم لتهاجم خلاياه الحمراء وتنقسم بها وتكسرها. يتكاثر الطفيل داخل خلايا الدم الحمراء التي تتكسر خلال 48 - 72ساعة ليصيب خلايا دم حمراء جديدة بالجسم. تحدث أول الأعراض من 10 أيام – 4 أسابيع بعد العدوى فيشعر المصاب بالحمى نتيجة تفجر الخلايا المتورمة لتفرز سموما ونفايات في الدم ومقاومة جهازه المناعي لتأثيرها. يوجد العديد من الأدوية المضادة للملاريا. يعتمد إختيار الدواء بناءا على عدة عوامل نوع الطفيل المسبب، شدة الأعراض، عمر المريض، بعض الحالات الخاصة كالحوامل ومقاومة الملاريا لبعض المضادات.