×
محافظة المنطقة الشرقية

اجتماعي / جمعية "ود" للتكافل والتنمية الأسرية تطلق مشروع "رفد"

صورة الخبر

رفض الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور إياد مدني وصف مواقف المنظمة من بعض القضايا، التي كان آخرها تهديدها بمقاضاة الصحيفة الفرنسية شارلي إيبدو، على خلفية استمرارها بالإساءة إلى الرسول بـ"العنتريات". وفي حوار أجرته معه "الوطن"، أكد مدني بدء اتخاذ الإجراءات الخاصة بمقاضاة تلك الصحيفة، وذلك بتشكيل فريق قانوني لدرس الموضوع. وفيما شدد على أهمية أن تقوم الحكومة الأفغانية باحتواء الجناح المعتدل لحركة طالبان ودمجه في العملية السياسية، أعلن عن موافقة قيادات سياسية ودينية عراقية على عقد مؤتمر مكة 2 بهدف مواجهة التشظي المذهبي في ذلك البلد، لافتا إلى أنه التقى آية الله علي السيستاني في النجف خلال زيارته الأخيرة إلى العراق. وبينما كان مدني واضحا في توصيف نظام الأسد بأنه "أس البلاء" في سورية، إلا أنه على قناعة بأن المقعد السوري في منظمة التعاون الإسلامي يجب أن يظل شاغرا حتى تأتي حكومة جديدة تعبر عن الكل، لا أن يسلم إلى المعارضة الحالية. كثير من الملفات، ومثلها تحديات، كانت حاضرة على طاولة حوار "الوطن" مع عاشر أمناء منظمة التعاون الإسلامي الدكتور إياد مدني.. فعلى مدار ساعة كاملة، وفي مكتب وثير بالدور الثامن، فتح مدني –وهو أول شخصية سعودية تتولى هذا المنصب- قلبه وعقله إلى الصحيفة، وبدا أشبه بالموسوعة، وهو يعرج على السياقات التاريخية للقضايا مثار النقاش. خلال الحوار، كشف مدني أن أمانة منظمة التعاون الإسلامي تجهز هذه الأيام لمؤتمر مكة الثاني، وذلك في إطار سعيها إلى مواجهة التشظي المذهبي في العراق والمنطقة، مؤكدا دعم كل القيادات العراقية السياسية والدينية لمسعى المنظمة، غير أنه أقر بعدم الوصول إلى الصيغة التوافقية لشكل هذا اللقاء، مؤكدا أن الشيطان يكمن في التفاصيل دائما. مدني، تطرق إلى الزيارات التي قام بها إلى معظم الدول الأعضاء في المنظمة، كاشفا عن زيارته لمعقل بوكو حرام في نيجيريا، والتقائه بالمرجعية الشيعية آية الله علي السيستاني في النجف خلال وجوده في العراق، فيما استبعد أن يقوم بزيارة إلى سورية، لأن عضويتها مجمدة، نافيا بشكل ضمني أن تكون هناك نية لتسليم المقعد إلى المعارضة. كثير من الملفات كانت مثار تساؤلات في حوار الصحيفة مع مدني، وكشف خلاله عن مسعى المنظمة للدفع باتجاه دعم جميع الفصائل الأفغانية لحكومة الوحدة الوطنية، بما في ذلك الجزء المعتدل من حركة طالبان. ورد مدني على تساؤل حيال ضعف دور منظمة التعاون الإسلامي في القضايا العربية، بقوله "صوتنا ليس خافتا، ولكنه لا يسمع أحيانا"، مؤكدا أن منظمته لن تترد في قيادة أي مبادرة متى ما كانت هناك قناعة بأنها ستشكل إضافة إلى الدور الذي تلعبه جامعة الدول العربية، وأمانة مجلس التعاون الخليجي. لا يمكن أن نتجاوز اللقاء الذي جمعكم بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، دون أن نوجه سؤالا حيال هدف اللقاء وأبرز ما استمعتم إليه من توجيهاته وتطلعاته في هذا اللقاء؟ تشرفنا بلقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز، هذا أمر كنا نتطلع إليه، فمن واجب المنظمة وأمينها العام تستمع إلى قيادات الدول الأعضاء، وبالذات الدول المؤسسة والفاعلة، وإن أردنا الحقيقة فالسعودية ليست دولة مؤسسة فحسب، بل هي الأساس في إنشاء المنظمة والأكبر دعما لها، سواء فيما يخص موازنتها وأعمالها، وهي الدولة المستضيفة لها. أردنا أن نستمع إلى رؤية الملك سلمان فيما يخص العمل الإسلامي المشترك والمنظمة تحديدا، وأردنا أن نطلع خادم الحرمين الشريفين على ما نحن بصدده الآن من تحديات ومشاريع كبرى. ما أثلج صدورنا هو ما لمسناه من اهتمام الملك سلمان بالمنظمة الذي يأتي تجسيدا لاهتمامه بوحدة الصف الإسلامي، وتشجيعه لنا لنطلعه شخصيا على أي أمر يمكن للمملكة أن تقدم فيه دعما للمنظمة، وهذا الاجتماع نتطلع أن يكون له أثر بارز في دعم المملكة للمنظمة، وكان عبارة عن شحنة أعطتنا دفعة إلى الأمام وحافز أكبر لنكون عند حسن ظن الملك بالمنظمة، وحسن ظن جميع قادة الدول الأعضاء بها. يؤخذ على منظمة التعاون الإسلامي عدم تفاعلها مع قضايا الشرق الأوسط بالشكل المطلوب، رغم أنها دول إسلامية، سورية، اليمن، ما حصل أخيرا في تكريت بالعراق، ولو أنكم كان لكم دور في تبني لقاء جمع العراقيين بهدف تجنيبهم الفتنة المذهبية، إلا أنه يلحظ أن صوت المنظمة يعد منخفضا مقارنة بمنظمات أخرى تقل عنكم حجما لناحية عدد أعضائها، ولكنها ذات فاعلية أكبر، ما تفسيركم؟ صوتنا ليس خافتا، ولكنه أحيانا لا يسمع.. "قالها ضاحكا"، المنظمة ليست معنية فقط بالشرق الأوسط، فأعضاؤها من جاكرتا حتى أميركا الوسطى، مرورا بآسيا وأفريقيا، وحتى ألبانيا هي دولة عضو رغم أنها في القارة الأوروبية. ولكن المنظمة معنية بأية أزمة سياسية تحدث بين الدول الأعضاء أو داخل دولة عضو، ولكن الأزمات ليست فقط في منطقتنا العربية. نحن كان لنا دور فاعل ومهم وأساس فيما يخص الأزمة في جمهورية أفريقا الوسطى والأزمة في مالي ودول الساحل الأفريقي، وفيما يخص الأزمة الصومالية، والأمين العام زار معقل بوكو حرام في نيجيريا، وفي مالي كانت لي زيارات عدة، ونحن جزء أساس في العملية التي تقودها الجزائر في التوحيد بين الفصائل في شمال مالي لاستمرارية الإشكال القائم بينها وبين الحكومة المركزية في الجنوب، إذ كانت هناك اتفاقات عدة نظمت الطريق إلى حل هذه الأزمة ومواجهتها، وتنظيم انتخابات جديدة ورئيس جديد وحكومة جديدة فيما يخص الأزمة المالية بشكل عام وهذا تم، وبقي أمامنا توحيد الفصائل في شمال مالي للوصول إلى موقف محدد، طبعا هذا الجهد تقوده الجزائر، ولكن المنظمة تقوم بدور أساس ولنا مبعوث خاص بالشأن المالي كان وزير خارجية سابق لبوركينا فاسو، وكان لنا مبعوث خاص لوسط أفريقيا، وهو وزير خارجية سابق للسنغال. كما كان لنا موقف رائد في دعم الدول التي تضررت من وباء أيبولا. الأسلوب الذي تعامل به الأقلية المسلمة في ميانمار وبورما من يتصدى لها ويسعى إلى حلها هي المنظمة، فيما يخص الأزمة في جنوب الفلبين، وكما تعلم أنه بعد أن وقع اتفاق السلام الأخير، كان هناك انشقاق في صفوف الجبهات الإسلامية، وسعت المنظمة إلى جمعهم ونجحت في ذلك، والآن هم يشكلون توجها واحدا نسعى إلى أن يظل متماسكا. فهذه أزمات خارج محيط العالم العربي، ونحن نسعى ونقوم بدور لتقريب وجهات النظر ما بين أوغندا والسودان، والدولتان من الدول الأعضاء في المنظمة، وفيما يخص القضية الكبرى القضية الفلسطينية، فمعلوم أن اللجنة انطلقت من أجل تلك القضية ومن أجل حماية المسجد الأقصى، هناك لجنة يرأسها ملك المغرب وهناك صناديق عدة أنشئت لدعم الفلسطينيين، ونأمل أن يقر في اجتماع وزراء الخارجية المقبل، بأن يكون للمنظمة مكتب في رام الله لتكون هذه المرة الأولى التي يرفع فيها علم المنظمة على الأراضي الفلسطينية. الأمين العام زار رام الله مرات عدة، وزار القدس تأكيدا لحق المسلمين فيه ودعما نفسيا ومقدسيا لأخواننا المقدسيين، كما نسعى لأن يتوسع تناول الشأن الفلسطيني بحيث يكون لمؤسسات المجتمع المدني طرف فاعل في أن يشجع المسلمين لزيارة المسجد الأقصى، ويثبتوا حقهم في الصلاة فيه، وأن يكون هناك بُعدٌ قانوني لإثبات صفة الدولة العنصرية بحق إسرائيل، كنا من الجهات التي حفزت الحكومة الفلسطينية للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، حتى تكون هناك قناة لمقاضاة القادة الإسرائيليين سواء كانوا سياسيين أو عسكريين تحت تهمة جرائم ضد الإنسانية، وكل ذلك جهد يتطلب تنسيقا كبيرا وفهما وعملا قانونيا. أقول ذلك لأؤكد اعتقادي بأن المنظمة لها دور في القضية الفلسطينية. أما بالنسبة للقضايا العربية الأخرى، وفيما يخص العراقي تحديدا، فالمنظمة نظمت لقاء الأطراف العراقية الذي أشرت إليه في سياق سؤالك، وسُمي اجتماع مكة الأول، وهي الآن بصدد ترتيب اجتماع مكة الثاني، ربما لا يكون بمكة المكرمة تحديدا، ولكنه يحمل اسمها لرمزية الاسم. وهناك فريق زار بغداد لترتيب هذا الأمر. الأمين العام زار بغداد والتقى بالقيادات السياسية وبالسيد علي السيستاني، لأنه لا بد أن نواجه التشظي المذهبي، فالاحتقان المذهبي زائد خطاب التطرف الذي تمثله جماعات مثل بوكو حرام وداعش زائد خطاب الكراهية ضد الإسلام، هي من التحديات الكبرى لنا كمنظمة تعاون إسلامي، ولكن هناك قضايا مثل اليمن على سبيل المثال، موقف المنظمة هو داعم لموقف دول مجلس التعاون الخليجي وموقف الجامعة العربية، وكذلك الأمر في سورية، فبعدنا ينحصر بالبعد الإنساني في مخيمات ومعسكرات اللاجئين، لكن الأزمة السورية كان لنا موقف سياسي تجاهها كما قررته قمة القادة إضافة إلى تعليق عضويتها، وأيضا التمسك بنتائج اجتماعات جنيف1، وأنه لا بد أن نسعى جميعا إلى هيكلة الدولة في سورية لا أن تنهار كما جرى في العراق، ولكن لا يمكن أن تستمر تحت القيادة الحالية التي هي أس البلاء. ونحن ندعم جهد جامعة الدول العربية القائم في هذا الأساس. وبالنسبة للأزمات اليمنية والسورية وحتى الليبية، لم نجد أن هناك مساحة تسمح بأن يكون للمنظمة دور منفصل عما تقوم به جامعة الدول العربية أو مجلس التعاون الخليجي، ولكن تأكد أنه في أي لحظة نرى بأن هناك أمرا يمكن أن تبادر به المنظمة ويكون لها قيمة مضافة فلن نتردد. بالنسبة للشأن الأفغاني، يبدو أن منظمة التعاون الإسلامي هي الأقرب لهذا الملف، لاعتبارات عدة، فما آخر المستجدات في هذا الشأن؟ نحن نسعى إلى أن يتم دعم حكومة الوحدة الوطنية من كل الفصائل الأفغانية، وأن يكون الجزء المعتدل من طالبان جزءا من العملية السياسية. هل تقودون مبادرة واضحة في هذا الخصوص؟ نحن كنا في أفغانستان، والتقينا الرئيس،والرئيس التنفيذي وكما تعلم أن هناك حكومة ائتلافية، لا بد أن ندعم تلك الحكومة أولا. الأمر الثاني لا بد أن تتسع العملية السياسية للجميع، وأن يؤمن الجميع بالعمل السياسي، لا بد أن تكون العلاقة بين أفغانستان وباكستان هي علاقة تكامل وتعاون، شابتها غيوم في السنوات الأخيرة، ولا بد أن يكون هناك قرار أفغاني مستقل إذ إنها وعبر تاريخها الممتد كانت منطقة صراع وما زالت، ونسعى ونتحرك من خلال هذه المعطيات. كما تعلم أن هناك مبادرة صينية في أفغانستان تسعى إلى أن تكون هناك عملية سياسية تشمل الجميع. هل اطلعتم على المبادرة الصينية الخاصة بأفغانستان؟ وهل هو أمر طبيعي أن تدخل بكين على الخط في مثل هذه القضية؟ نحن نسمع عنها، ونسعى إلى التعرف على تفاصيلها، ولا أجد غرابة في دخول الصين على الخط، فالصين تعدّ أفغانستان منطقة مهمة واستراتيجية بالنسبة لها، ويمكن أن تفهم مبادرتها على أكثر من مستوى، الجيرة والأهمية الاقتصادية، ومستوى صراع النفوذ الدولي بين الدول الكبرى. نحن نرى أن الدعم الذي يجب أن تحصل عليه أفغانستان هو اجتذابهم إلى ما تقوم به المنظمة في وسط آسيا، فأطلقنا مبادرة كبرى للتعاون الاقتصادي بين هذه الدول، فدول وسط آسيا هي دول حديثة من ناحية التكوين السياسي المستقل وليس من ناحية التكوينات القومية، روسيا القيصرية استعمرت هذه المنطقة، وروسيا السوفيتية استمرت في استعمارها، وروسيا الفيدرالية تعدها منطقة أساس لها، وخلال فترة القياصرة وخلال فترة السوفيت، لم تكن لتلك الدول كينونة سياسية مستقلة، الآن فقط في التسعينات الميلادية، أصبحت دولا، وحتى تتكون هوية قومية وإحساس بالسيادة وسياسة خارجية، يأخذ ذلك الأمر وقته، لذلك المنظمة حريصة أن تأخذ بالجانب الاقتصادي، وهو أمر مهم في أن يكون هناك تعاون بين تلك الدول، وهي تتفاوت في مواردها. فنحن نريد نربط بين أفغانستان والجهد الاقتصادي القائم في دول وسط آسيا، ومن المعلوم أن تلك الدول تحتاج إلى منافذ للبحر، ومنفذها الوحيد تجاه البحر، والأقصر والأكثر كفاءة هو عبر أفغانستان، حتى تصل إلى الموانئ الباكستانية، فهذا جزء من كل مما نحن منشغلون به في أفغانستان. لقد قام الأمين العام بزيارة كثير من دول منظمة التعاون الإسلامي، كم تبقى من الدول الأعضاء التي لم تقوموا بزيارتها، ولو طلبنا منكم توصيفا مختصرا لحال الدول التي قمت بزيارتها، ماذا يمكن أن تقول؟ تلك الزيارات هي جزء من واجب الأمين العام، لكونه يعمل تحت توجيه قرارات القمة،ومن واجبه أيضا اكتشاف الأرضيات المشتركة والتوفيق بين الآراء، ويفسر قرارات القمم. كأمين عام جديد وقتها وما أزال حتى الآن، العمل الأساس كان يتركز على تلك الزيارات والاستماع إلى قادة الدول الأعضاء وأولويات الفترة القادمة، وإشراكهم في مشاغل المنظمة وتحدياتها، وتسعى إلى إقناعهم بأن يكون لهم دور في العمل الذي تقوم به، لأن المنظمة لا يمكن أن تنجح دون تضافر ودعم الدول الأعضاء، وتلك الزيارات لم تكن رسمية بالشكل المطلق، فكان هناك تواصل مع الفعاليات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني والأكاديميين، لأنه إذا لم يكن هناك إحساس شعبي بوجود منظمة اسمها منظمة التعاون الإسلامي وعلى صلة بهم وتعبر عن شيء من طموحاتهم، لن يكتب للمنظمة أن تنجح بالشكل الذي نطمح إليه. والزيارات كانت متمهلة وتمتد أياما، ومن الأشياء التي ننافح عنها أسلوب القروض الصغيرة، لأنه الأسلوب الأمثل للوصول إلى شرايين المجتمع والفئات المهمشة. الزيارات كانت مفيدة وستكون مستمرة، وقمت بزيارة 40 دولة من الدول الأعضاء الـ57 خلال السنة الماضية. ماذا عن سورية؟ عضويتها مجمدة الآن، وهي لا تشارك في أعمال المنظمة الآن. هل تعتزمون تسليم مقعدها إلى المعارضة السورية؟ نحن الآن في فترة تجميد العضوية، ونأمل أن تنتهي الأزمة وتأتي حكومة جديدة تمثل سورية ككل. لا أريد في الحقيقة، أن أتجاوز زيارتكم إلى المسجد الأقصى دون توجيه سؤال أو سؤالين عن هذه الزيارة تحديدا، كيف تردون على من عدّ تلك الزيارة نوعا من أنواع التطبيع، والأمر الآخر، ماذا شعورك كإنسان مسلم حينما وطئت قدماك المسجد الأقصى وأديت الصلاة فيه؟ دعني أبدأ بالجزء الأخير، الإنسان ربما يكتب الله له حياة ممتدة لسنين، لكن حينما يسترجع حياته ولحظات بعينها تمثل نقاط الذروة في مسيرته. بالنسبة لي، وعلى الصعيد الشخصي البحت، فإن زيارة المسجد الأقصى والصلاة هناك هي واحدة من تلك اللحظات لأنها تجسد أمورا كثيرة، تجسد أنك في ثالث الحرمين الشريفين، وأن هذا المسجد أنت تمنع من زيارته، لأنه تحت سلطة الاحتلال، تتجسد في ذهنك معاني عدة، وتشاهد الشوق في أعين المقدسيين بأنهم يرون ألوف الأشخاص المسلمين يأتوا ليصلوا هناك. الزيارة كانت تطبيعا بالفعل، ولكنها تطبيع مع المسجد الأقصى والمقدسيين. نحن هجرنا المسجد الأقصى والقدس الشرقية محتلة منذ نحو نصف قرن، حينما هجرناه، كانت النتيجة أن الإسرائيليين استمرأوا الاحتلال وأصبح الألوف المؤلفة التي تزور المنطقة هم من الإسرائيليين، أنا لا أجد منطقا في أن يقال إن هذا ترك لأساليب المقاومة الوطنية. هذه ليست بدائل، المقاومة يجب أن تأخذ جميع الأشكال، سواء في نهاية المطاف المقاومة المسلحة أو مقاومة المجتمع المدني، ومن أوجه المقاومة زيارة المسجد الأقصى. أنت حينما تذهب إلى القدس الشرقية ماذا تفعل؟ تذهب للصلاة وتثبت حقك في الصلاة بهذا المكان. أيضا أنت تتواصل مع الأخوة المحاصرين هناك. حتى الفلسطينيين الآن لا يسمح لهم بزيارة المسجد الأقصى، فأنشأ الإسرائيليون جدارا عازلا حول القدس الشرقية ذاتها، أنت تعرف أنه إذا كنت أنت فلسطيني من سكان القدس الشرقية وتزوجت من فلسطينية على الجانب الآخر من الجدار تجبر على مغادرة القدس الشرقية، ولو أنك طالب بالقدس الشرقية ولم تجد مقعد إلا في جامعة فلسطينية أخرى ولكنها على الجانب الآخر من الجدار، تجبر على ترك القدس الشرقية. منظمات المجتمع المدني التي تحمي القدس والمسجد الأقصى والمقدسيين، في أشد الحاجة إلى الدعم المعنوي الاعتباري، وإلى وجود المسلمين بشكل أكبر، وهذا في تصوري ضرب من ضروب مقاومة الاحتلال. الإخوان الذين يتحدثون أنه لا يمكن الدخول إلا بتصريح من إسرائيل هذا صحيح، ولكنه تصريح بصفتها دولة محتلة. والسلطة المحتلة حسب القوانين العالمية لا يمكن أن تمنع صاحب دين أن يذهب ليصلي أو يزور موقعا دينيا يخصه. عندما يصرح الإسرائيليون لأحد بالدخول ليس من باب الترحيب أو المنة أو التعاون، بل من باب أنهم مجبرون على ذلك بحسب القانون الدولي، ونحن نأمل ونسعى كأمانة عامة إلى إقناع كل الدول الأعضاء أن ترفع القيود عن مواطنيها لزيارة المسجد الأقصى. ونرى أن ذلك يجب أن يتم عن طريق نقطة العبور في العاصمة الأردنية عمان يخدم هؤلاء عبر مؤسسات فلسطينية وأردنية، وأن يكون وجودهم هناك لغرض الصلاة ودعم المقدسيين، هذه هي الضوابط. وألا يدخلوا عن طريق تل أبيب أو يتعاملوا مع فنادق يملكها إسرائيليون، حتى حينما يريد أن يتناول شيئا يجب أن يذهب إل مطعم يملكه فلسطيني. حزمة الخدمات هذه هي التي تكون الآن، إذ يتولى الأمر وكالات سياحية أردنية وفلسطينية، فالسعي الآن نحو إقناع الدول الأعضاء برفع القيود عن مواطنيها لزيارة القدس، وجعل الأمر متروكا للمواطنين المسلمين كأفراد، وأن نشجع كل من يأتي إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، أن يعرج كذلك على القدس. الحرمان الشريفان يزورهما سنويا 10 ملايين حاج ومعتمر، والرقم يتصاعد عاما بعد آخر، نحن نقول لو مليون من هؤلاء جعلوا القدس والمسجد الأقصى محطة ثالثة، كم هي الفائدة التي ستعود على القضية الفلسطينية، ودعم اقتصاد الإخوة المقدسيين. الآن السلطة الفلسطينية تدفع لبعض الإخوان حتى يوجدوا في باحات المسجد والمسجد الأقصى، حتى لا يترك فراغ يملؤه المستوطنون والصهاينة. أريد أن أنتقل معك إلى ملف لا يقل أهمية عن سابقه في ظل الظروف المتشعبة التي تشهدها المنطقة، كيف ينظر معاليكم إلى واقع جماعات الإسلام السياسي؟ دعنا نبدأ بالجماعات المتطرفة أمثال بوكو حرام وداعش والقاعدة، هذه الجماعات لا علاقة لها بالإسلام، ويجب أن ننظر إليها بحذر كبير فيما ترفعه من شعارات، ولكن في المقابل إذا أردنا أن نواجهها يجب أن نفهمها للنظر في كيفية التصدي لها، فلا بد أن نفهم السياق الذي نشأت خلاله والتربة التي أنبتتها. سياق سياسي واقتصادي واجتماعي، كل حركة لها سياقاتها ولا بد أن نفهم تلك السياقات. أيضا لا بد أن نمعن النظر فيمن يستغل هذه الحركات لخدمة أجندته السياسية، لا يمكن أن يعتقد عاقل أن هذه الحركات التي نشأت ضمن سياقاتها الداخلية أنها بمعزل عن استغلالها لتنفيذ أجندة سياسية خارجية لخدمة تلك الأجندات. أيضا لا بد أن نفكك شعاراتها التي تدعي مشروعيتها إسلاميا، وهو أمر مهم للغاية، لأنها تستخدم تلك الشعارات لاجتذاب وتجنيد الشباب. التنظيمات الإرهابية لا بد أن نتصدى لها، ولا بد أن نتصدى للأزمات التي تمثل مدخلا للفكر المتطرف. يعني حينما يهان الفلسطيني ويتعرض إلى القهر والظلم والتعسف، والعالم ينظر إليه وكأنه عاجز أو غير راغب في وضع حد لذلك، فلا بد أن تتوقع من بعض هؤلاء الفلسطينيين أن يشعروا بالغبن والرغبة في أن يكون جزءا من حركة ينفس فيها عما بداخله. في نيجيريا زرت منطقة بوكو حرام، ووجدت أنها أقل المحافظات فيما يخص الإنفاق الحكومي الاقتصادي، لا مدارس، لا مستشفيات، لا طرق، لا بنية تحتية، نسبة بطالة عالية، فتجد شبابا عاطلين إما أن يلجأوا إلى إدمان الكحول أو المخدرات، وفجأة يأتي إليه من يجعله جزءا من رسالة وضمن مجموعة، ويعطيه إحساسا بأهميته كإنسان، ويعطيه مصدر رزق، ما النتيجة؟ النتيجة أنه سينضم ويتحمس للانضمام، ولو أنه في نهاية المطاف يعلم أنه من الممكن أن يفقد حياته، ولكن هذه بيئة فلا بد أن تفككها وتفهمها. لو أخذنا العراق على سبيل المثال، بعد الغزو الأميركي تم تفريغه من داخله، الجيش فكك، تم إلغاء أجهزة الأمن، الحزب ألغي ونحن نعرف في مثل هذه الدول الحزب ليس فقط مجموعة من المؤدلجين، ولكنه وسيلة للعيش، تصبح عضوا في الحزب كي تستطيع إرسال ابنك إلى المدرسة، وتحصل على علاج أو وظيفة أو مسكن، فما كل من انضم إلى حزب البعث هو بعثي بالضرورة، ثم ركز على الهوية المذهبية، فأصبحت منذ بريمر حاكم العراق الأول، الناس تصنف إلى: شيعي وسني وعربي وكردي، لم يعد هناك ذكر للهوية العراقية والوطن، وتراكمت تلك الأمور، وكان العنصر الرئيس في كل ما يعيشه العراق منذ 2003 وحتى الآن، ولا بد كذلك أن نلقي باللائمة على الحكم الديكتاتوري الذي سبق الاحتلال في فترة صدام حسين وأخطاؤه الكبرى هي التي أوصلت العراق كذلك إلى هذه الحال ابتداء من غزوه الكويت الذي فتح الباب لكل ذلك. .. وماذا عن عهد نوري المالكي؟ عهده كان من المراحل التي عمقت الفرقة داخل العراق، والفصل على الأساس المذهبي، ونأمل وما نزال متفائلين بالتوجه الجديد لحكومة حيدر العبادي، ونحن نسعى إلى تنظيم مكة 2 كما ذكرت آنفا. هل حصلتم على موافقة من جميع الأطياف العراقية للمشاركة في مؤتمر مكة 2؟ لقد زرنا الجميع، زرنا القيادات السياسية والدينية وزرنا أربيل كذلك، ووجدنا من الجميع موافقة ودعما للفكرة، ولكن مثل ما يقال يكمن الشيطان في التفاصيل، فنحن نسعى الآن إلى صيغة الاجتماع وتركيبته، والترتيب اللوجستي الخاص به، حتى يرى النور. كان لدي سؤال وأعتقد أنك أتيت على ذكره في سياق إجاباتك الأخيرة، وسأعيد طرحه لما يمكن أن تضيفه في هذا الجانب، ماذا ينقص الأمة الإسلامية كي تكون قوية وتعود أمة وسطا؟ أعتقد أن كل ما تحدثنا عنه هو من الوسائل، ويعبر عن هذه الرغبة، ولكن ما يهمنا هو أن تكون المنظمة هي المنصة والقناة التي تلتقي حولها كل هذه الاجتهادات، وتنضج وتعبر عن عالم إسلامي واحد. أعلنتم سابقا عزمكم مقاضاة صحيفة شارلي إيبدو لاستمرائها الإساءة إلى الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، إلى أين وصلت تلك المساعي؟ نحن كوّنا فريقا قانونيا، وكانت هناك عملية قانونية وليست موقفا عنتريا يعلن عنه، لأن العملية القانونية يجب أن تتم عبر البيئة القانونية في ساحة التقاضي، فلا بد أن نستثمر القوانين الفرنسية الحالية، وهناك قوانين تمنع الخطاب الذي يدعو إلى الكراهية والتمييز ضد جنس معين، ولسوء الحظ فإن سياق هذه القوانين في أوروبا يعود إلى تجربتهم في الحرب العالمية الثانية، فنريد أن نستثمر تلك القوانين لصالح هذه القضية، وهي تحمل قيمة رمزية، لأنه لا بد أن يشعر الجميع أن هناك حسابا لمن يتجاوز في هذا الأمر. المهم أن النية لا تزال موجودة لديكم؟ ليست النية فقط، فالعمل بدأ.. ولدينا سابقة، تعلم أنه حينما نشرت صحيفة دنمركية رسوما مسيئة للرسول، صلى الله عليه وسلم، هناك جميعة تحمل اسم نصرة أهل البيت أعضاؤها معظمهم سعوديون والشيخ أحمد زكي يماني أحدهم، وليس نصرة أهل البيت بالمعنى المذهبي، ورفعت قضية ضمن القانون الدنمركي، ولم يحكم لها، ولكن الصحيفة سعت إلى أن تكون هناك تسوية خارج أسوار المحكمة، وهي اعتراف ضمني لوجود حيثيات ممكن أن تجعل الحكم في غير مصلحة الصحيفة، فنحن عازمون على الاستفادة كذلك من تلك التجربة، لكن الإخوان الذين قالوا: إنكم تطلقون صيحات عنترية، نقول لهم: لا، فنحن نعمل والعمل يحتاج إلى وقت، كما أننا جادون في عملنا الرامي إلى تصنيف إسرائيل دولةً عنصرية، وهذا الملف قطعنا فيه شوطا بالتعاون مع الإخوة الفلسطينيين، أساسيات الملف انتهت وخصوصا لناحية التعريفات. ماذا تم بشأن الخلاف السعودي - الإيراني حول مقر الهيئة الدآئمة لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، سمعنا أنه تم تجاوز هذا الأمر؟ الخلاف حول المقر حُسم، وسيكون في جدة، ونحن سعداء بهذا الاختيار، لأنه سيكون أقرب إلى مقر المنظمة، وذلك أسهل من الناحية اللوجستية. من الخطورة أن تدعي أحزاب التحدث باسم الإسلام أبدى الدكتور إياد مدني رفضه للمضمون الذي تقوم عليه جماعات الإسلام السياسي، عادا أن من الخطورة أن تكون هناك أحزاب تدعي أنها تتحدث بالإسلام وأن الآخرين دخلاء عليه. وأجاب عن سؤال حيال نظرة المنظمة لمثل تلك الجماعات، بما نصه "الدول الأعضاء هي دول مسلمة، نحن لسنا منظمة دينية لا نقوم بجهد دعوي، لا نذهب إلى بلاد العالم وندعو الناس إلى الإسلام، الذي يربط بين هذه الدول إحساسها بالهوية المشتركة ومخزونها الحضاري واحد. ويجمعها مرجعيتها الإسلامية كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم. كنا نتحدث عن أهمية أن يكون للدول الأعضاء خطاب إسلامي يخصها، هذا الخطاب لا بد أن يكون في ناحية من نواحيه، كيف تتم المشاركة وكيف يتم الحكم، جميع دول العالم تقاس بشفافيتها وأسلوب الحكم وكفاءته، تلك المفاهيم لا بد أن نفسرها إسلاميا فعلاقة الإسلام بالسياسية، مثل علاقته بالاقتصاد والعمل الاجتماعي والتعبير الثقافي، هي علاقة مرجعية وليست مقيدة، فلا بد أن يكون هناك صلة وجذر وأساس إسلامي لأي تصور سياسي. هل يمكن أن نحول هذا إلى أحزاب وحركات تدعي أنها تتحدث بالإسلام، هذا الأمر فيه خطورة، وهو يعني وكأن الآخرين في مجتمع مسلم وفي ثقافة مسلمة وحضارة واحدة يحتكروا الإسلام لأنفسهم. كل الأحزاب يفترض أنه في جوهرها هي أحزاب إسلامية لأنها تدين بهذه الثقافة. لا بد ألا يدعي أحد العمل باسم الإسلام منفردا وكأن الآخرين دخلاء على المجتمع الإسلامي، أما الحركات المتطرفة فلا أعتقد أن نسميها إسلامية، فهي من أكبر التحديات التي تواجهنا. أما الاقتتال المذهبي، فالمذهب يستخدم لتوسعة نفوذ سياسي، فهو ليس أساس الخلاف".