في العمل الحكومي يبرز التعامل مع المواطنين باعتباره عنصرًا أساسيًا من مهام المسؤول، وهو من المهام التي يمكن أن يقبل عليها المسؤول ببشاشة ورحابة صدر وانفتاح وعندئذ تصبح هذه المهمة من أكثر جوانب العمل الحكومي متعة لأن المسؤول يشعر أثناء أدائها أنه يقضي حوائج الناس ويتفهم أوضاعهم، أما إذا أقبل عليها المسؤول بتبرم وضيق فإنها تصبح من المهام الشاقة المملة التي لا يكاد يصدق متى ينتهي منها. في بلادنا يجب أن يدرك المسؤول أن استقبال المواطنين وإحسان التعامل معهم هو جزء من النظام السياسي، وأنه الإجراء المقابل لجلسات الاستجواب التي يتعرض فيها المسؤولون في الخارج إلى ضغوط تتجاوز بمراحل ما يمكن أن يواجهه المسؤول من مواطن ضعيف لا حيلة له ولا قوة. صحيح أن بعض المواطنين يلح في مطالباته إلى درجة مزعجة، وصحيح أن بعضهم لا يستطيع أن ينظر إلى مسألته إلا بمنظار مصلحته الشخصية دون اعتبار للأنظمة، وصحيح أن بعضهم يشعر أن المسؤول «سوبرمان» مطلق الصلاحية ويستطيع أن يفعل كل شيء وأن يخترق كل التعليمات، وصحيح أن بعضهم يزداد جرأة واستبسالا إذا كانت الكاميرات مسلطة عليه، كل هذا صحيح ولكن الأصح منه هو أن المواطن البسيط المسكين الذي لا فرصة لديه إلا فرصة الحديث مع المسؤول يظل هو الحلقة الأضعف، ويظل صاحب الحق لأنه هو السيد، وعلى المسؤول أن يتحلى بالصبر والأناة والحكمة وشيء من روح الدعابة وأن يستعين بمساعديه ممن يتمتعون بالمهارة في التعامل مع الناس والقدرة على استيعابهم وتفهم احتياجاتهم. لقد عانى المواطن العربي في كثير من الدول الشقيقة من امتهان لكرامته وإحساس عميق بالتهميش وفقدان القيمة الإنسانية، وإن من النعم التي نعتز بها في بلادنا هي أن المواطن محفوظ الكرامة، وأنه محور الاهتمام لدى قادتنا، وعلى كل مسؤول أن يضع هذه الحقيقة نصب عينيه وأن يدرك أن نجاح نظامنا السياسي واستمرار أمننا الوطني يعتمد بالدرجة الأولى على الحفاظ على مبدأ خدمة المواطن ورعايته أساسا للعمل الحكومي في كل موقع وعلى كل المستويات. afcar2005@yahoo.com