توقع مختصون نفطيون استمرار تحسن مستوى أسعار النفط الخام خلال تعاملات الأسبوع الجاري ليستكمل ارتفاعاته السعرية بعد أن سجل ارتفاعا بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي. وكانت عقود خام القياس الدولي مزيج برنت تسليم أيار (مايو) أنهى تداولات الأسبوع الماضي مرتفعا بـ1.3 دولار إلى 57.87 دولار للبرميل. وقالوا إن تنامي الطلب وانخفاض عمليات الحفر الأمريكية عوامل محفزة قد تؤدي إلى تحسن الأسعار في المرحلة المقبلة. وأوضح لـ"الاقتصادية" رالف فالتمان المختص في شؤون النفط أن التحسنات السعرية للنفط الخام تتوالى بالرغم من بعض الصعوبات الناتجة عن ارتفاع مستوى المخزونات الأمريكية إلى مستويات قياسية وهو الأمر الذي يعطل نسبيا تعافي الأسعار. وأشار إلى أن سعر صرف الدولار الأمريكي أمام بقية العملات الرئيسية يحدد كثيرا من مسار الأسعار في سوق النفط، حيث إن الفترة الماضية شهدت تعافيا كبيرا في سعر صرف العملة الأمريكية، وهو ما أدى إلى انخفاضات سعرية في سوق النفط بسبب العلاقة العكسية، مشيرا إلى أن الأسبوع الجاري أقرب إلى الارتفاع في سعر النفط. وأشار إلى أن النفط التقليدي في الشرق الأوسط يحافظ على مكانته وعلى العكس يستعيد كثيرا من زخمه ومن تنامي معدلات الطلب عليه متوقعا احتفاظ السعودية بموقعها في صدارة الإنتاج العالمي إلى جانب الولايات المتحدة- وذلك وفق ما ذكره تقرير منظمة "أوبك"- بإنتاج بلغ 9.6 مليون برميل يوميا في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وقال لـ"الاقتصادية" أوسكار أنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية إن الأسعار مرشحة للتحسن مدفوعة من استمرار تقلص الحفارات النفطية الأمريكية والأنباء الإيجابية عن تنام متوقع في مستوى الطلب الآسيوي، خاصة الطلب في السوق الصيني. وأشار إلى أن هذين العاملين السابقين إذا توالى تأثيرهما على السوق بدون معوقات يمكن أن يسهما على نحو كبير ومؤثر في تضييق الفجوة بين العرض والطلب ودفع سوق النفط العالمى نحو الاستقرار وتحسن الأسعار وتعويض الخسائر والانخفاضات الحادة السابقة. وأضاف أن العودة المرتقبة للصادرات النفطية الإيرانية أثرت سلبا في السوق لفترة محدودة وتعافى منها بعدما أدرك الجميع أن هذه العودة من المتوقع ألا تحدث قبل أوائل العام المقبل 2016. وقالت لـ "الاقتصادية" ين بيتش المتخصصة الفيتنامية في الشؤون النفطية إن التحسن المتوقع في الأسعار يخفف كثيرا من الأعباء على الدول المنتجة، كما يمثل أملا جديدا للاستثمارت التي أثقل كاهلها بكثير من الأعباء في الفترة الماضية بسبب التراجعات الحادة. وأشارت إلى أن الإنفاقات والتوسعات والخطط الاستثمارية تراجعت على نحو حاد في الفترة الماضية، حيث تشير التقديرات الاقتصادية إلى أنه من المتوقع أن ينخفض الإنفاق الرأسمالي في قطاع النفط والغاز بنسبة 20 إلى 40 في المائة في عام 2015. وأوضحت أنه رغم السلبيات، التي تواجه الاستثمارات، التي أثرت على اقتصاديات عديد من دول العالم إلا الدول المستهلكة، ما زالت تنعم بوفورات اقتصادية كبيرة من جراء انخفاض تكاليف استهلاك الطاقة دون مردود سريع على معدلات التنمية. وفي سياق، آخر أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن الدول الرئيسية المنتجة للنفط عليها المسارعة في تطوير آليات استخدام النفط والغاز في توليد الكهرباء، بالاعتماد على التقنيات والتكنولوجيات المتطورة للوصول إلى أعلى معدلات الكفاءة والاستخدام الأمثل. وقالت المنظمة في دراسة تحليلية أعدتها عن استهلاك الكهرباء وعلاقته بالنمو الاقتصادي في دول المنظمة إن سياسات توليد واستهلاك الكهرباء على المدى الطويل في دول "أوبك" يمكن أن تحقق نجاحا في تحسين الترابط بين النفط والكهرباء بما يضمن زيادة النمو الاقتصادي في المستقبل. وأكدت أهمية مراجعة السياسات الخاصة بالطاقة بصفة مستمرة وتطوير السياسات العملية لصناع القرار في مجال التخطيط الاقتصادي الكلي بما يكفل الحفاظ على مصادر الطاقة وتبني سياسة مجدية تمنع أي تداعيات ضارة على النمو. وقالت الدراسة إن الأمر وإن كان أقل ضرورة بالنسبة للدول ذات الدخل المرتفع، فإنه يمثل أمرا ضروريا وعاجلا بالنسبة للدول ذات الدخل المنخفض، التي تحتاج عاجلا لتبني سياسة مناسبة للطاقة تعزز نموها الاقتصادي. وأوضحت أن دول "أوبك" لديها موارد وفيرة وغنية من الطاقة، مقارنة بعديد من الدول الأخرى بسبب امتلاكها مخزونات كبيرة وموارد طاقة محتملة. وقالت إن هذه الموارد يمكن أن تكون سببا في طفرة اقتصادية تنموية في دول المنظمة إذا تم استخدامها بالطريقة المثلى والمناسبة. وذكرت أن سياسات الطاقة في بعض الدول في المنظمة تتسم بعدم التناسق وهو ما يسبب حالة اقتصادية غير متوازنة في هذه الدول. ونوهت الدراسة إلى أن هناك علاقة سببية قوية بين استهلاك الكهرباء والنمو الاقتصادي وأن ترشيد الاستهلاك يقود إلى تحسنات كبيرة في معدلات النمو. وركزت الدراسة- التي صدرت أخيرا من المنظمة- على تحليل الأداء الاقتصادي في الدول الأعضاء في السنوات الماضية لتوضيح تطور العلاقة السببية بين الناتج المحلي الإجمالي واستهلاك الكهرباء. وطالبت بتحسين مستوى كفاءة استهلاك الطاقة باتباع أفضل النماذج الدولية المتطورة في هذا المجال واستقطاب أحدث التكنولوجيات المتطورة، التي تساعد على زيادة إنتاج الكهرباء مع توفير استهلاك الطاقة التقليدية ومن ثم زيادة معدلات النمو الاقتصادي في الدول الأعضاء. وشددت على ضرورة تهيئة المناخ أمام زيادة معدل النمو الاقتصادي في الدول الأعضاء وتذليل كل العقبات والمشكلات أمام ذلك، مشيرة إلى وجود علاقة ثابتة لكل الدول خاصة على المدى القصير بين زيادة النشاط التجاري والنمو الاقتصادي وبين تنامي استهلاك الكهرباء الذي ينعكس على الناتج المحلي الإجمالي بشكل إيجابي. وقالت الدراسة إن دول "أوبك" التي تعتمد اقتصاداتها على تصدير النفط عليها أن تحافظ على سياستها في تطوير الموارد وزيادة الإنتاج والاستثمار مع الوصول إلى أعلى المعدلات في كفاءة إنتاج واستهلاك الكهرباء بما يلبي احتياجاتها ويدفع برامج التنمية ويحافظ على مواردها من الطاقة. وأضافت أنه من الطبيعى أن يؤدي زيادة الناتج المحلي الإجمالي والنشاط التجاري إلى زيادة استهلاك الكهرباء بالتالي فإن اتخاذ تدابير ترشيد الاستهلاك يصبح ضرورة للحفاظ على معدلات النمو العالية. ونبهت إلى ضرورة التثبت من العلاقة بين استهلاك الطاقة والسلع المنتجة في كل دولة ودراسة العلاقة بين استهلاك الطاقة والنمو الاقتصادي، مشيرة إلى علاقة وثيقة بين الإنتاج واستهلاك الطاقة، حيث يجب تجنب أي عوامل تؤدي إلى تبديد الطاقة وإضعاف كفاءة الاستهلاك باعتبار أن ذلك عامل جوهري في عملية الإنتاج.