في عام 2004، طلبت موعداً لإجراء حوار مع الأمين العام لـ حزب الله السيد حسن نصرالله لبرنامج المقال الذي كنت أقدمه على تلفزيون دبي. حُدِّد موعد للتعارف والاتفاق على إجراء حوار. وصلت بيروت. في صباح اليوم التالي اتصل بي شخص على هاتفي الخليوي، وقال: سماحة السيد يعتذر منك، مشاغله الطارئة تحول دون إتمام اللقاء. بدأت أستعد للعودة إلى دبي، وبعد أقل من ساعة تلقيت اتصالاً آخر عبر الهاتف الداخلي للفندق. كان المتحدث من حزب الله، قال: جئت من أجل تنسيق موعد المقابلة. نزلت إلى بهو الفندق، طلب مني بطاقة هويتي، أعطيته جواز السفر، قال أريد هويتك السعودية، وأخذ صورة. قال موعدك كما هو الساعة الرابعة عصراً. وسألني: معك سيارة خاصة؟ قلت نعم، قال لا تستخدمها، اخرج من باب الفندق وخذ أول سيارة أجرة تقف لك، واطلب من السائق أن يوصلك إلى المربع الأمني في الضاحية، ونحن سنتدبر الباقي. ومضى. أعجبتني القصة، شعرت بأنني رأفت الهجان، وسأقابل محسن ممتاز في روما، بعد غيبة طويلة. في الساعة الثالثة خرجت من باب الفندق. أوقفت سيارة أجرة. طلبت من السائق أن يوصلني إلى مقر حزب الله. التفت الرجل متسائلاً بدهشة: شو، قلت له ما سمعت. أجاب: سأوصلك إلى طرف المربع الأمني وأنت دبّر حالك، ما خصّني. في أول تقاطع في المربع ظهر لي أحدهم، وتأكد من اسمي. قال لي استمر حتى التقاطع الثالث وستجد من يرشدك. عند التقاطع الثالث ظهر آخر، وقال لي استمر إلى التقاطع ما بعد المقبل، وستجد شاباً يلبس بدلة رمادية سيرشدك إلى المكان. سرت خلف الرجل الرمادي، من دون أن يحدثني، حتى وصلت إلى مبنى الحزب. أخيراً سوف أرى محسن ممتاز. خضعت للتفتيش على نحو فاق تفتيش السعوديين في المطارات الأميركية بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) حتى محفظتي أخذت مني. قادني المرافق إلى المصعد، ومنه إلى درج نزولاً وصعوداً واستقللنا مصعداً آخر. سرنا في ممرات، وصعدنا درجاً ونزلنا. وجدت محمد عفيف مسؤول الإعلام في استقبالي، تبادلنا الحديث. جاء موظف وأشار إلى عفيف بأن الموعد أزف. عاودت تكرار المشاوير في المبنى. دخلت إلى قاعة واسعة وكان الأمين العام لـ حزب الله في انتظارنا. تبادلنا السلام وتحدثنا. في تلك الفترة كانت مقاطع قتل المهندس الأميركي بول جونسون على يد تنظيم القاعدة في الرياض، متداولة في المواقع الإلكترونية للإرهابيين. قال السيد حسن نصرالله أنه رفض مشاهدة المقاطع لبشاعتها. انتهى اللقاء. أعطاني وعداً بحوار، من دون أن يحدد تاريخاً. بعد ذلك قال لي الصديق حمدي قنديل أن السيد نصرالله سأله عني، قال له حمدي: داود انتقل للعمل مع مجموعة إم بي سي، فقال له السيد نصرالله، أنا في حلّ من وعدي له. تذكرت قصتي مع سيد المربع الأمني وأنا أشاهد مقابلة الأمين العام لـ حزب الله على الفضائية السورية، وهو أطلق أوصافاً مسيئة على مسؤولين سعوديين، واستخف بالشعب السعودي وقال أن السعودية تحكَم بالحديد والنار. السيد نصرالله يعلم أن المواطنين في السعودية يدخلون إلى ديوان الملك من دون المرور بإجراءات أمنية، مثل التي تطبق على ضيوفه. والأمير محمد بن نايف استقبل عضواً في تنظيم القاعدة من دون تفتيش، وهو جاء لقتله. فمن هو الذي يحكم بالحديد والنار؟ لا شك في أن الأمين العام لـ حزب الله السيد حسن نصرالله تجنّى على السعودية، ووصف جزءاً كبيراً من الشعب السعودي بأنه داعشي السلوك والهوى، وهذا اتهام يُعدّ سابقة خطيرة في التعدي على شعب. الأكيد أن التجني ضرب من الفقر في الثقة. السيد حسن نصرالله سعى في حواره مع الفضائية السورية إلى تخوين السعودية شعباً ودولةً، وهذا تهور سياسي فاحش، ودليل خور وضعف. نقلا عن الحياة