وجدت دراسة هولندية أن الرجال الذين يعانون ضعفاً في اللياقة البدنية، ويمارسون أعمالاً شاقة يكونون أكثر عرضة ثلاث مرات للوفاة بأمراض القلب المتعلقة بالدورة الدموية، عن الأشخاص الذين يقومون بأعمال بدنية خفيفة . وبالمقابل، وجدت الدراسة نفسها أن الرجال الذين يتمتعون بلياقة بدنية عالية، ويقومون بأعمال بدنية شاقة يكونون أقل عرضة للوفاة بأمراض القلب بنسبة 40% ممن يعانون ضعفاً في اللياقة البدنية . في هذه الدراسة، قام الباحثون بمقارنة الرجال الذين ينتمون للمستويات الاقتصادية والاجتماعية العليا والدنيا، وثبت لديهم أن مستوى الدخل لا يؤثر في نسبة التعرض للأزمات القلبية، على الرغم من أن الرجال من الطبقات الاجتماعية الفقيرة يكونون أكثر عرضة لاتباع أسلوب حياة يزيد من هذه المخاطر، مثل البدانة والتدخين . وأظهرت الدراسة أن 30% من الرجال الذين ينتمون للمستويات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا يقومون بأعمال بدنية شاقة بالمقارنة ب5,3% فقط من الرجال من ذوي الطبقات الاقتصادية والاجتماعية العليا . إلا أنه ثبت أن ضعف اللياقة البدنية وليس انخفاض المستوى الاجتماعي هو عامل الخطورة للوفاة بالأزمات القلبية بين هؤلاء الأشخاص . وكانت دراسة أمريكية قد توصلت إلى أن الرجال الذين يتمتعون بلياقة بدنية جيدة، في نهاية الأربعينات من العمر يكونون أقل عرضة للإصابة بسرطان الرئة والقولون من غيرهم من الرجال . وأشارت الدراسة إلى أن مستويات اللياقة البدنية المرتفعة لدى الرجال تلعب دوراً أيضاً في زيادة فرص الشفاء من السرطان إذا ما حدثت الإصابة به . وقال الباحثون في جامعة فيرمونت: "حتى التحسن البسيط في مستوى اللياقة البدنية يمكن أن يساعد على خفض الإصابة بالسرطان" . ومن المعروف أن المحافظة على النشاط البدني وتناول الطعام الصحي والنظام الغذائي المتوازن تعد عوامل مهمة في الحد من خطر تطور الأورام السرطانية والأمراض الأخرى . لكن الدكتورة سوزان لاكوسكي، مؤلفة الدراسة، قالت إنه من المفيد أكثر أن يعلم الناس المقدار الذي يحتاجون إليه لتحسين لياقتهم البدنية لخفض خطر السرطان إلى المستوى المقبول . ويمكن أن يحدث هذا من خلال خطة شخصية، تبدأ بقياس مدى لياقة القلب والجهاز التنفسي . وشملت الدراسة أكثر من 1400 رجل تتراوح أعمارهم بين 46 و50 عاماً، في تكساس، وأجريت فحوص لمستوى لياقة القلب والجهاز التنفسي، أثناء الجري على جهاز المشي حتى يصلوا إلى حد الإنهاك . وبعد ذلك جرى اختبار لمستوى لياقتهم البدنية بانتظام لمدة تزيد في المتوسط على ست سنوات ونصف بين عامي 1971 و2009 . ففي الفترة بين 1999 و2009 كان هناك 1310 رجال أصيبوا بسرطان البروستاتا، و200 أصيبوا بسرطان الرئة وكان هناك 181 مصاباً بسرطان القولون . ووجدت الدراسة أن الرجال الذين يحافظون على مستوى لياقة بدنية مرتفع في منتصف العمر تقل لديهم مخاطر الإصابة بسرطان الرئة بنسبة 55 في المئة، وتقل فرص الإصابة بسرطان القولون 44 في المئة، مقارنة بهؤلاء الذين تتراجع لديهم القدرات البدنية ويستغرقون 12 دقيقة لسير أو جري ميل واحد . غير أن الدراسة وجدت أن اللياقة البدنية للرجال في منتصف العمر لا يبدو أن لها تأثيراً في الحد من خطر الإصابة بسرطان البروستاتا . وقالت الدكتورة لاكوسكي إن الأسباب الواقعية لهذه النتائج غير معروفة حتى الآن، لكن الرجال الذين يتمتعون بلياقة جيدة للقلب والجهاز التنفسي ربما يكونون أفضل عناية بصحتهم وبالتالي تكون هناك فرصة أكبر للكشف عن سرطان البروستاتا، موضحة أن اللياقة البدنية كانت مهمة قبل تشخيص السرطان . وقالت: "سلوكياتك الصحية واللياقة البدنية في الحياة المبكرة يكون لها تأثير لمدة تتراوح بين 20 و30 عاماً، وهو ما لم يعرفه المواطنون" . وكتبت في الدراسة: "طالما كان الناس في فئة أعلى من تصنيف لياقة بدنية منخفضة، فإن لديهم بالطبع الكثير من المزايا" . ومن جانبه أوضح توم ستانسفيلد، مسؤول المعلومات الصحية في مؤسسة أبحاث السرطان في بريطانيا، إن التحقيق يربط بين مستوى اللياقة البدنية للرجال وخطر السرطان، بدلاً من مجرد معدل النشاط البدني الذي يقومون به، وهذا توجه جديد . وتعيد النتائج التأكيد على فوائد النشاط البدني في تقليل خطر إصابة الرجال بالسرطان . وقال: إن أبحاثاً أخرى على النساء أظهرت أن زيادة مستويات ممارسة الرياضة يمكن أن تقلل من خطر سرطان الثدي والرحم . وأضاف: "إن النشاط البدني بانتظام أمر عظيم بالنسبة لصحتك العامة، وكما توضح هذه الدراسة، له فوائد ما هو أبعد من صحة القلب" .