واس - المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي في خطبة الجمعة يوم أمس في المدينة المنورة، عما تمر به الأمة من فتن جسام ومواقف فاصلة وأحداث تتطلب نصرة الحق والمظلوم. وأوضح فضيلته أن القوة في نظر الشرع أداة في خدمة الحق لا غاية تنشد بذاتها فإذا انفصلت عن الحق أصبحت خطرًا وتدميرًا مستدلاً بقول الحق تبارك وتعالى: ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ )، مبينًا أن القوة تثبت دعائم السلام وتحمي الإسلام وتصون ديار المسلمين من أن تمتد إليها يد الغاصبين والمعتدين والباغين. وبين فضيلته أن العالم لا يحترم إلا الأقوياء وأن القوة الحقيقية هي المستمدة من الله، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى الأعداء وهو يستمد من الله العزم والجهد والتوفيق، يقول: (اللهم بك أحول وبك أصول وبك أقاتل)، كما كان يقول عليه السلام: (اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم). وأبان الشيخ الثبيتي: إن من استمد القوة من الله لا يعرف للضعف معنىً ولا يجد اليأس في نفسه مكانًا والمؤمن في الشدائد تقوى صلته بربه ويتعلق قلبه بالله ويلوذ بحماه، مؤكدًا أن الإسلام دين العزة والقوة كما قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، فالأمة قوية بدينها وعقيدتها ورجالها، موردًا قول نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف). وأفاد فضيلة الشيخ الثبيتي أن القوة تدحض الباطل وتزهقه، متطرقًا إلى الباطل الذي يحاول أن يتمدد في جزيرة العرب من الفئة الباغية التي تمارس الخداع وتستخف بالعقول وترفع شعار الموت للكفر والموت للباطل وهي من جنده وتسير في ركابه وتنفذ مخططاته. وتابع فضيلته قائلًا: أصبحت هذه الفرية اليوم مكشوفةً مفضوحةً ممجوجة وأن الأمة وعت مكرهم وأن هذه الشعارات مجرد غطاء ودغدغة لعواطف المسلمين ليسهل عليهم افتراس الفريسة بالقتل أو التهجير، مؤكدًا أن القناع سقط وانكشف المستور وتجلت الحقائق وبان زيف الفئة الباغية فهي سلبت حقًا واحتلت أرضًا وهددت بإشعال المنطقة بأسرها تحقيقًا لمطامع ومخططات تغذيها أحقاد دفينة وبدعم من جهات مشبوهةً. وقال فضيلته إن منهج القوة يبدأ من التعليم والعدالة وأسلوب الحوار الذي يجنح إليه العقلاء وأصحاب النيات الحسنة حفاظًا على المكتسبات وحقنًا للدماء وسدًا لمنافذ الفتنة، وأن الحكماء في اليمن سلكوا منهج الحوار مع الفئة الباغية ولكنها صمّت آذانها عن صوت الحق والعدل وتمادت في غيها ورفعت السلاح وبطشت بالعباد وتشبثت بطائفيتها وعنصريتها ونهجت مسالك عدوانية تروم تمزيق اليمن وتفتيته. وأوضح فضيلته أن القوة الحازمة بفضل الله تعيد الأمور إلى نصابها وتتصدى لكل من يروم إثارة الفتنة وزعزعة الأمن وإشاعة الفوضى والشقاق وتحقق لليمن استقراره وللشعب اليمني سعادته ورخاءه وتحفظ عليه عقيدته وإيمانه ليبني حضارته ومستقبل أبنائه وهو بذلك لا يسمح لأحد أن يشوه تأريخه الإسلامي ويطمس هويته العربية. وقال الشيخ الثبيتي: إن عاصفة الحزم تعبير عن آمال اليمنيين واستجابة لاستغاثتهم وهي عاصفة قوية في موضوعها عميقة في مدلولها واضحة في أهدافها وحزم من قيادة حازمة فقد كشر العدو عن أنيابه وبان مكره وصرح بأطماعه حتى في مكة المكرمة والمدينة المنورة فقد باع عقله وفكره وأرضه للأعاجم. وأضاف يقول: إن الحزم سمة القادة الأفذاذ على مدار التاريخ خاصةً مع من سمتهم الغدر والخيانة وقدوة القادة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي حزم أمره في هدم مسجد الضرار الذي كان وكرًا للمؤامرات يقول جابر بن عبدالله رضي الله عنهما (رأيت الدخان من مسجد الضرار حين انهار)، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا)، وحزم أبوبكر رضي الله عنه أمره في قتال المرتدين وقال أينقض الدين وأنا حي. وتابع فضيلته يقول، والحزم في عاصفة الحزم من قائد الوطن والأمة سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي نصر الله به الدين ورفع به كلمة المسلمين، أيده الله بالحق وأيد الحق به، وإن القوة الحازمة في مواجهة من يحارب دين الله ويفسد في الأرض، وقد حاربت الفئة الباغية ربها بنشر البدع والضلالات وأفسدت في الأرض بالخروج على ولاة أمرها وقتل الأنفس وإزهاق الأرواح وهدم المساجد والدور تحت شعارات وهمية لبث سمومهم، فخطرهم جسيم وضررهم في العبث بالأمن عظيم قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَّا يَشْعُرُون). واسترسل فضيلة قائلًا: إن القوة الحازمة هي في ردع العدو الداخلي من أهل النفاق لأنهم يتحدثون باسم الإسلام ويزخرفون القول وهم معول هدم قال تعالى: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ). وخلص فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي إلى القول: إن أهل اليمن يدركون بوعيهم ورجاحة عقلهم أهمية البناء الداخلي وتماسك جبهتهم فهي الحصن المنيع ومصدر الثبات والصمود في مواجهة الأزمات والدسائس وأن المواطن الصالح لا يساوم على ثوابته الدينية والوطنية وولائه لقيادته الشرعية وعدم التجاوب مع المرجفين الذين يقصدون التخذيل وتفتيت الوحدة، موصيًا في ثنايا الخطبة بتقوى الله عز وجل حق تقاته لأنها سبيل الفلاح والنجاح في الدارين.